رام الله 13 مايو 2018 / ندد الفلسطينيون باقتحام عشرات المستوطنين الإسرائيليين اليوم (الأحد)، المسجد الأقصى شرق مدينة القدس والاعتداء على حراسه ورفع العلم الإسرائيلي في باحاته.
واعتبر المتحدث باسم الحكومة يوسف المحمود في بيان صحفي ردا على ذلك، أن "ما قام به المستوطنون جريمة شنيعة بحق الشعب الفلسطيني وأمتنا ومقدساتنا وتاريخنا"، واصفا اليوم "باليوم الأسود".
وأعرب المحمود عن "مشاعر الألم والحسرة إزاء الجريمة، التي نفذها المستوطنون بقوة السلاح، تحت حماية قوات الشرطة الإسرائيلية".
ودعا "الحكومات العربية والدول الاسلامية إلى التحرك دون تأخير، من أجل وقف اقتراف الجرائم الاحتلالية بحق مدينة القدس العربية المحتلة، والمقدسات الاسلامية والمسيحية".
كما طالب، المجتمع الدولي والمنظمات والهيئات الدولية ذات العلاقة بتنفيذ القوانين الدولية، ووضع حد لتعديات الاحتلال الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته.
وكانت مصادر فلسطينية قالت في وقت سابق اليوم، إن مئات المستوطنين الإسرائيليين اقتحموا المسجد الأقصى شرق مدينة القدس من جهة باب المغاربة بحراسة معززة من قوات الشرطة الإسرائيلية.
وذكرت المصادر لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن قوات الشرطة الإسرائيلية اعتقلت أحد حراس المسجد الأقصى واعتدت على اخرين ممن حاولوا منع المستوطنين من اقتحام الأقصى وأداء طقوس تلمودية في داخله.
وأظهرت صورا تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، لمستوطنين وهم يرفعون الأعلام الإسرائيلية داخل باحات المسجد الأقصى.
من جهتها، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن "أعداد المستوطنين الذين دخلوا إلى باحات المسجد الأقصى سجل رقما قياسيا مطلقا لم يسبق له مثيل في عدد الزوار في يوم واحد بحيث بلغ 1620 شخصا".
وقالت الشرطة الإسرائيلية إنه أثناء جولة الزوار اليهود في باحة المسجد الأقصى "انتهك البعض منهم ضوابط الجولة واثاروا استفزازا في المكان وفي اعقاب ذلك تم اخراجهم من محيط المسجد من أجل تحديد هوياتهم واستيضاح ما قاموا به".
وجاء دخول المستوطنين للمسجد الأقصى بدعوة من (منظمات الهيكل) الاستيطانية بمناسبة ما يسمونه ب"يوم القدس"، وهو يوم احتلال ما تبقى من مدينة القدس في العام 1967، وتوحيد شطري المدينة كعاصمة لإسرائيل.
وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن ساعات النهار ستشهد مسيرات للمستوطنين في شوارع المدينة المقدسة يرفع المشاركون فيها الأعلام الإسرائيلية ويسيرون في شوارعها لتنتهي عند المساء في باحة حائط البراق (الحائط المبكي لدى اليهود) باعتباره رمزا دينيا يهوديا.
بدوره، قال وزير الأوقاف والشئون الدينية في السلطة الفلسطينية يوسف إدعيس، إن "الشعب الفلسطيني لن يسمح بسيطرة إسرائيل على المسجد الأقصى".
وأضاف ادعيس في بيان، إن "ما أقدمت عليه إسرائيل بسماحها للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى ورفع الأعلام الإسرائيلية، خطوة استفزازية لمشاعر المسلمين في العالم أجمع وليس في فلسطين وحدها".
وطالب ادعيس، "المؤسسات الدولية والدينية من كافة أنحاء العالم، بالعمل على إيقاف هذه الانتهاكات لأحد أهم المدن المقدسة للمسلمين في العالم".
وفي السياق ذاته، قالت وزارة الخارجية والمغتربين في السلطة الفلسطينية إنها "تتابع باهتمام بالغ العدوان الإسرائيلي الشرس على المدينة المقدسة".
واعتبرت الوزارة في بيان تلقت وكالة أنباء ((شينخوا)) نسخة منه، أن "إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس وقراره نقل سفارة بلاده إليها جزءا لا يتجزأ من هذا العدوان الغاشم على الشعب الفلسطيني وحقوقه".
وأشار البيان إلى أن الوزارة "تواصل تحركاتها السياسية والدبلوماسية مع الأمم المتحدة ومجالسها ومنظماتها المختصة من أجل التصدي للقرار الأميركي ونتائجه، وفضح انتهاكات إسرائيل وجرائمها بحق الشعب الفلسطيني وصولا الى تقديم المسؤولين الاسرائيليين الى محاكمات دولية علنية في المحكمة الجنائية الدولية".
وأكد البيان أن "القدس الشرقية المحتلة ستبقى عاصمة دولة فلسطين الأبدية، وستبقى بصمود مواطنيها عصية على الكسر والخضوع، مشددا على أن جميع إجراءات الاحتلال باطلة ولاغية وغير قانونية".
وكان ترامب أعلن في السادس من ديسمبر الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ووقع مرسوما يقضي بنقل سفارة بلاده لدى إسرائيل إلى المدينة المقدسة وهو ما قوبل برفض شديد من الفلسطينيين.
ويريد الفلسطينيون إعلان الجزء الشرقي من مدينة القدس عاصمة لدولتهم العتيدة، فيما تصر إسرائيل على اعتبار القدس الموحدة عاصمة لها، علما أنها احتلت الجزء الشرقي من المدينة المقدسة العام 1967 ولم يعترف المجتمع الدولي بذلك.
والقدس واحدة من قضايا الوضع النهائي للمفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل والمتوقفة منذ العام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية من دون تحقيق تقدم لحل الصراع الممتد بين الجانبين منذ عدة عقود.
وفي الإطار ذاته، طالبت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، "العالمين العربي والإسلامي بالتحرك الفوري أمام المجزرة الإسرائيلية بحق مدينة القدس والمسجد الأقصى".
واعتبرت الحركة في بيان صحفي لها، أن "ما يجري استباحة واغتصابا علنيا للأقصى وللعروبة ولكرامة كل مسلم على وجه الارض من قبل إسرائيل وأمريكيا، مؤكدة أن "الشعب الفلسطيني سيحمي أقصاه ومقدساته ولن يسمح باستباحتهما مهما كلف ذلك من ثمن".
ورأت الحركة، أن "ما يجري في "الاقصى" حرب حقيقية، وتطهير عرقي ضد كل الفلسطينيين وأرضهم ومقدساتهم"، داعية الشعب الفلسطيني إلى النفير للمسجد الاقصى لحمايته".
ومن جهتها، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إن "الاقتحام يعتبر عربدة صهيونية بغطاء أمريكي".
واعتبرت الحركة في بيان على لسان الناطق باسمها عبد اللطيف القانوع، "ذلك يمثل استفزازا وتحد لمشاعر العرب والمسلمين كافة وعدوانا سافرا على مقدسات أمتنا".
أكد أن "الاقتحام يتطلب مواقف عربية وإسلامية من كل المستويات ضد الاحتلال الإسرائيلي، توفير الدعم والصمود للشعب الفلسطيني".
وتأتي الاقتحامات قبل يوم واحد من افتتاح السفارة الأمريكية في القدس بموجب قرار ترامب، فيما هبط في وقت سابق وفد أمريكي رسمي مكون من 250 شخصا في إسرائيل للمشاركة في مراسم الافتتاح.
وقالت صحيفة (هأرتس)، الإسرائيلية، إن على رأس الوفد جون سوليفان نائب وزير الخارجية، وابنة الرئيس الأمريكي إيفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنر، وعشرات من أعضاء الكونغرس.
ويتزامن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس مع إحياء الفلسطينيين الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية والتي من المتوقع أن تشهد المناطق الفلسطينية تظاهرات احتجاجا على تلك الخطوة.