واشنطن 8 مايو 2018 / ذكر خبراء أمريكيون أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني سيقوض السلام وإمكانية نزع السلاح النووي.
وقالوا إن إلغاء الاتفاق النووي التاريخي المبرم في 2015 والذي يهدف إلى احتواء طموحات إيران النووية سيؤدي إلى تصاعد التوترات الإقليمية من خلال إشعال سباق تسلح نووي.
-- ماذا وراء قرار ترامب؟
وقال ريتشارد بافا، الباحث البارز في السياسات الدولية والدفاعية بمؤسسة راند، لوكالة ((شينخوا))، إن الانسحاب الأمريكي من خطة العمل المشتركة الشاملة " كان متوقعا للغاية".
وأوضح أن القرار كان مدفوعا إلى حد كبير بمعارضة ترامب الشخصية الخطيرة للاتفاق منذ بدء حملته الرئاسية وتشجيع فريقه الجديد للأمن القومي بقيادة جون بولتون ومايك بومبيو.
وتتمحور معارضتهم على مشاكل الاتفاق نفسه وكذلك نفوذ إيران في المنطقة.
وبالنسبة لبنود الاتفاق تحديدا، قال إن "الأحكام الإشكالية تشمل بنود الانقضاء (القيود تنتهي في غضون عقد تقريبا)، وعدم الاهتمام ببرنامج طهران للصواريخ الباليستية، والإذن المستمر بالتخصيب المحدود، ونظام التفتيش الذي قد لا يكون قادرا على الوصول إلى المواقع العسكرية".
وأشار الخبير إلى أن الكشف الأخير من قبل إسرائيل بشأن امتلاك إيران برنامج سري يعود إلى ما قبل 2003" قد فاقم هذه المخاوف".
لكن بنظر الزميل البارز بمؤسسة بروكينغز داريل ويست، فإن" ترامب كان عازما على نقض كل القرارات التي اتخذت إبان إدارة سلفه باراك أوباما.
وقال "الاتفاق الإيراني هو فقط المثال الأحدث. ترامب يعتقد أنه يستطيع أن يتفاوض على اتفاق أفضل من أوباما، لكنه لا يفهم أن هناك دول عديدة أخرى منخرطة وهناك مصالح معقدة".
وأضاف القدرة على فتح مفاوضات جديدة ستكون على الأرجح محدودة جدا ولن يكون للولايات المتحدة نفوذ يذكر بدون دعم الحلفاء الأوروبيين والصين وروسيا، الذي تطلب الأمر دعمهم في السابق للتوصل إلى الاتفاق الأصلي".
وقال كريس غالديري، الأستاذ المساعد بكلية سانت انسليم في ولاية نيو هامبشاير الأمريكية، لوكالة ((شينخوا))، إن ترامب" مدفوع إلى حد كبير بالتراجع قدر استطاعته عن إدارة أوباما".
وتابع" يضاف إلى ذلك حقيقة إحاطة ترامب الآن بصقور مثل جون بولتون، وهذه ليست مفاجأة لي على الإطلاق".
-- كيف سيؤثر قرار ترامب على الدول والمناطق الأخرى؟
وقد كان القرار محل تخمين لأشهر بالرغم من الجهود الأخيرة التي بذلها قادة أوروبا وأنصارهم لإنقاذ اتفاق يوليو 2015 بين إيران والدول الكبرى الست--بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة.
وذكر بافا في حديثه لـ((شينخوا)) أن اتفاق إيران النووي" تصدر جدول أعمال" الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية انغيلا ميركل ووزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في زياراتهم الأخيرة إلى الولايات المتحدة.
وأشار إلى أن قضية العقوبات الثانوية، التي هدد ترامب بفرضها في خطابه، " قادرة على إذكاء التوترات" على طول جانبي الأطلسي.
وبالنسبة للشرق الأوسط، قال بافا إن"خروجا إيرانيا من الاتفاق مرفقا بخطوة إعادة تشغيل برنامجها النووي"، على خلفية قرار ترامب، "من شأنه أن يكون له تداعيات عميقة ومزعزعة للاستقرار على المنطقة".
وأضاف "على المدى القريب، سيصاب الإسرائيليون بالذعر وسيعود الخيار العسكري بالتأكيد إلى الطاولة. وعلى المدى البعيد، قد يسعى السعوديون وغيرهم إلى الحصول على سلاح خاص بهم".
وهناك المزيد من الاحتمالات المثيرة للقلق أيضا.
وقال دان ماهافي، نائب رئيس ومدير السياسات بمركز دراسات الكونغرس والرئاسة، " مع الحلفاء العرب السنة وإسرائيل، تتجه الولايات المتحدة باتجاه سياسة أكثر مواجهة مع إيران بدلا من التقارب الذي حصل إبان إدارة أوباما-- الذي يعتقد ترامب والعديد من حلفائه الصقور بأنه كان ساذجا".
وأشار داريل ويست إلى أن الخطر هو أن قرار ترامب سيشعل سباق تسلح في الشرق الأوسط.
وأوضح أن" إيران قد تعيد تشغيل برنامجها النووي ما قد يدفع السعودية إلى تطوير برنامج نووي خاص بها. من المرجح أن تصبح المنطقة أكثر اضطرابا وفوضى نتيجة إلغاء الاتفاق".
وقال غالديري لـ((شينخوا)) إن قرار ترامب سيقوض علاقات الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وكذلك مع حلفائه الأوروبيين.
وأضاف" أعتقد أن ذلك يؤلمهم، لأن ترامب ببساطة أعلن الآن بأن الولايات المتحدة لا يمكن الوثوق بها".
-- ماذا سيكون مصير خطة العمل المشتركة الشاملة؟
وقال ماهافي إن مستقبل الاتفاق يتوقف على"الطريقة التي تعتزم بها الولايات المتحدة إعادة تطبيق العقوبات".
وأوضح" إذا فُرضت مجموعة واسعة من العقوبات التي تؤثر على أي معاملات مع إيران، فإن الوصول إلى النظام المالي الأمريكي سيصعب على الدول الأوروبية والآسيوية والشركات متعددة الجنسيات عملية مواصلة التجارة مع إيران".
لكن على الرغم من تهديداتها بالانسحاب، فمن غير المرجح أن تغادر طهران على الفور" بل من غير المرجح أن تقفز لإعادة تشغيل برنامجها النووي"، وفقا لبافا.
وقال"هذا الإجراء سيعزز المخاوف الدولية إزاء نوايا إيران على الأمدين المتوسط والطويل لتصبح دولة مسلحة نوويا ومن المؤكد تقريبا أنه سيقود إلى إعادة فرض عقوبات شديدة القسوة. طهران ربما تصدر بيانا تقول فيه إنها لم تعد ملزمة بالاتفاق مع الإشارة إلى إنها مستمرة في الامتثال ببنوده طوعيا".
وحذر" إذا تم فرض عقوبات شديدة القسوة في نهاية المطاف ولم تفلح الحكومات الأوربية في الرد عليها، فمن المحتمل أن تتحرك ايران للانسحاب رسميا من الصفقة وإعادة تشغيل برنامجها النووي".
وقال إن" انهيارا أوسع للاتفاق مع فرض عقوبات قاسية في الأشهر المقبلة، قد يؤدي إلى تصعيد التوترات مع إيران بشكل حاد".
وأضاف أن" طهران بعد التحرر من قيود الاتفاق قد تلجأ في نهاية المطاف إلى إعادة تشغيل برنامجها النووي، في خطوة ستزيد بالفعل من خطر اندلاع حرب إقليمية كبري".
وفي بيان، نددت رابطة السيطرة على الأسلحة ومقرها واشنطن بقرار ترامب، قائلة إنه" تصرف غير مسؤول ينم عن سوء ممارسة للسياسة الخارجية".
وقال المدير التنفيذي للرابطة المستقلة داريل كيمبال إن"الجهود الأمريكية-الأوروبية للتفاوض على اتفاق مكمل بهدف معالجة شكاوي ترامب فشلت في تحقيق نتائج لأن ترامب رفض بعناد ضمان الالتزام بالتعهدات الأمريكية إزاء خطة العمل المشتركة الشاملة".
وأشار إلى أن "ترامب بإجراءاته المتهورة هذه يعجل بأزمة انتشار بدلا من العمل مع حلفائنا لتطوير إستراتيجية دبلوماسية طويلة الأمد للبناء على الاتفاق في السنوات القادمة".