وفقًا لتقرير هيئة الإذاعة البريطانية يوم 31 مارس، فإن عشرات الآلاف من الفلسطينيين نظموا مظاهرات في قطاع غزة منذ 30 مارس، والقى بعض المتظاهرين بالحجارة على الجنود الإسرائيليين على الجانب الآخر من السياج الحدودي، وحرق الزجاجات، وغيرها، كما عاد الجنود الإسرائيليون بالذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع، ما ادى الى سوق 16 قتيلا على الاقل، واصابة الآلاف.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه يحمل اسرائيل المسؤولية الكاملة، في حين ادعى الجيش الاسرائيلي انه وجه النار تجاه الفلسطينيين الذين حاولوا تدمير السياج الحدودي فقط.
بعد الحادث، اعربت تركيا وإيران وغيرهما من الدول الاسلامية عن ادانتهم لسلوك إسرائيل. وأصدر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بيانا يوم 30 مارس، يدعو فيه الى ضرورة اجراء تحقيق عادل وشفاف حول الحادث، كما دعا جميع الاطراف المعنية الى عدم اتخاذ اي اجراءات قد تؤدي الى المزيد من الخسائر. كما اصدرت فيديريكا موغريني الممثلة السامية الجديدة للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بيانا يوم 31 مارس، دعت فيه الى ضرورة ان يكون استخدام الذخيرة الحية من الجانب الإسرائيلي في الصراع جزئا من تحقيقات المجلس.
وذكرت الولايات المتحدة يوم 1 ابريل انها تعارض التحقيق " المستقل والشفاف" الذي طرحه مجلس الامن، وبعد ذلك، أعربت إسرائيل عن معارضتها التحقيق أيضا.
الخلفية المعقدة ونوايا كل طرف
قال سون ده قانغ نائب مدير معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية في مقابلة صحفية أنه للصراع ثلاث خلفيات على المدى القريب والمتوسط والطويل. وبالنظر الى الفترة القريبة، فإن الصراع بدأ في موكب "يوم الأرض في فلسطين"، حيث خرج الفلسطينيون احتاجا على رفض اسرائيل السماح للاجئين الفلسطينيين بالعودة الى اراضيهم المحتلة، والذي أصبح ذكرى مقتل ستة فلسطينيين لقوا حتفهم بنيران اسرائيلية في 30 مارس 1976. وعلى المدى المتوسط، اعترف الرئيس الامريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة الولايات المتحدة الى هناك، ما ادى الى تصعيد التناقضات بين اسرائيل وفلسطين التي يتم تهميشها بعد الربيع العربي. ومن منظور المدى الطويل، فإن عدم امكانية حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بطريقة سلمية عمق مشاعر العداوة في قلوب سكان قطاع غزة.
ويرى سون ده قانغ أن إسرائيل تبالغ في رد فعلها، وما فعله عموديا. قائلا:" يواجه نتنياهو في الوقت الحالي فضائح الفساد في البلاد وضغط الانتخابات عام 2019، ويأمل في تحويل الانتباه المحلي عن طريق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وكسب الدعم من المواطنين الإسرائيليين والأحزاب اليمينية الأخرى."
الولايات المتحدة وإسرائيل حلفاء تقليديين، ما جعل سون ده قانغ لا يشعر بالصدمة تجاه تأييد ودعم ادارة ترامب لليهود. بالإضافة الى ذلك، يلعب يهود امريكا دوراً هاماً في الشؤون الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة، لديهم قوة ضغط قوية وتأثير قوي.
تسعى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بجد للحفاظ على الحياد، ومع ذلك لديهما تعاطف طفيف لفلسطين. وقال سون ده قانغ أن الاتحاد الاوروبي تحول في السنوات الاخيرة من موقف مؤيد لإسرائيل الى موقف أكثر حيادية، ما اظهرت تغييرات طفيفة في العلاقات بين الولايات المتحدة واوروبا.
إن افتقار فلسطين للقوة والوسائل اللازمة للرد على اسرائيل، جعلها تعتمد على ادانة اسرائيل لكسب التعاطف الدولي وممارسة الضغط العام. وقال سون ده قانغ أن العالم العربي والاسلامي يدعمان فلسطين بقوة من الناحية الاخلاقية والعاطفية والمصالح، ومع ذلك، لا يوجد قوة حقيقية لمساعد فلسطين، وتبقى شفويا وورقيا.
بعد سبعين سنة، الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الى اين؟
ستستمر الاحتجاجات قرب حدود قطاع غزة مع إسرائيل حتى 15 مايو المقبل، الذي يتزامن مع الذكرى السبعين لتأسيس إسرائيل، وذكرى نكبة الشعب الفلسطيني، وافتتاح السفارة الامريكية في القدس، وفي الوقت نفسه، يوافق يوم أخير قبل بداية شهر رمضان هذا العام.
وفي مواجهة " المصادفة"، يعتقد سون ده فانغ أن الوضع الاقليمي قد دخل فترة حساسة للغاية، والقليل من الاهمال قد يؤدي الى الاضطرابات الاقليمية.
كما حلل سون ده فانغ وضع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي قائلا:" تجاهل القضية الفلسطينية الإسرائيلية من قبل القوى الكبرى في السنوات الأخيرة أدى بالقضية تدريجيا الى الحافة، واستبدلت مفاوضات السلام بـ" العنف ضد العنف"، وباتت التسوية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين اكثر صعوبة، واكثر وأكثر احراجا."
ويرى سون ان " الجبال الثلاث الكبيرة" المتمثلة في القضايا الثلاثة، القدس، المستوطنات واللاجئين تحول دون تحقيق تقدم في القضية الفلسطينية الاسرائيلية. بالإضافة الى ذلك، فإن عدم التوازن السياسي والعسكري والتنمية الاقتصادية والتأثير الثقافي بين فلسطين واسرائيل يصعب الجلوس والحوار." تعتقد اسرائيل أن الانخفاض المستمر في الهجمات الارهابية في السنوات الاخيرة أمر لصالح اسرائيل، في حين تعتقد فلسطين أن ارتفاع عدد السكان سيعطيها ميزة، ويعتقد كلا الطرفين ان الوقت في صالحهما." قال سون ده فانغ.
على المدى الطويل، قال سون ده فانغ أن حل القضية يعود الى من يثير القضية. حيث ان مفتاح السلام الفلسطيني الاسرائيلي هو في النهاية في يد فلسطين واسرائيل، ولكن امتناع كلا الطرفين عن العودة الى طاولة المفاوضات سيجعل الطريق طويلا.