غزة/رام الله 13 مارس 2018 / نجا رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، يوم الثلاثاء من محاولة اغتيال بعد تفجير استهدف موكبه في قطاع غزة، وأسفر عن سقوط ست إصابات على الأقل، وسط تحذيرات من تداعيات سلبية على ملف المصالحة الداخلية وتنديد فلسطيني.
ووقع الانفجار في أثناء دخول موكب الحمد الله عبر حاجز (بيت حانون/ إيرز) الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، ما أدى إلى إصابات طفيفة لعدد من مرافقيه وتضرر عدد من المركبات، حسب مصادر أمنية فلسطينية.
وقالت المصادر لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن مجهولين استهدفوا موكب الحمد الله، عبر وضع عبوة جانبية لاستهداف موكبه فور دخوله إلى الجانب الفلسطيني من قطاع غزة.
وشوهدت حفرة بعمق وعرض نحو مترين في الطريق الرئيسي المؤدي إلى المعبر جراء الانفجار، الذي تم على ما يبدو عبر آلية تحكم عن بُعد.
ووصل الحمد الله إلى قطاع غزة في زيارة هي الأولى منذ ثلاثة أشهر لافتتاح محطة لتنقية المياه.
ويرافق رئيس الوزراء الفلسطيني في زيارته إلى غزة رئيس جهاز المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية اللواء ماجد فرج.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية ((وفا)) إن "الحمدالله وفرج، نجوا من محاولة اغتيال استهدفت موكبهما في منطقة بيت حانون شمال قطاع غزة".
وأوضحت أن الانفجار "طال اخر مركبتين في الموكب، وأسفر عن وقوع 7 إصابات"، مشيرة إلى "المنفذين استهدفوا الموكب بإطلاق النار بعد وقوع التفجير".
ورغم الانفجار، أكمل الحمد الله مخططه حسب الجدول المسبق، ووصل إلى مقر محطة لتنقية المياه في شمال قطاع غزة بغرض افتتاحها، بحضور قناصل دول أجنبية ومسؤولي منظمات دولية.
وقال الحمد الله في كلمته خلال حفل الافتتاح، إنه تم تفجير ثلاث مركبات ضمن موكبه وأن الحادثة "لن تزيدنا إلا إصرارا على استمرار مساعي المصالحة وإنهاء الانقسام الداخلي".
وأضاف "ما حدث أمر خطير، لكنه سيزيدنا إصرارا ولن يمنعونا عن مواصلة الطريق نحو الخلاص من الانقسام، وسأرجع إلى غزة مرارا وتكرارا".
وإثر التفجير، هرعت طواقم مختصة من وزارة الداخلية التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الفور إلى مكان الانفجار لبدء تحقيقات في ملابساته.
وقال وكيل وزارة الداخلية في غزة اللواء توفيق ابو نعيم للصحفيين في المكان، إن ما جرى "حادث مؤسف نتعهد بأنه سيكون هنالك تحقيق ومحاسبة للفاعلين وسنعلن النتائج حال التوصل إليها".
وأضاف ابو نعيم "من فعل ذلك فقط يخدم الاحتلال الإسرائيلي ونفذ ما يطلبه الاحتلال لاستهداف مسيرة المصالحة الفلسطينية".
ولاحقا، أعلن الناطق باسم وزارة الداخلية في غزة إياد البزم، عن "توقيف عدد من المشتبه بهم في إطار التحقيقات التي تجريها الأجهزة الأمنية في استهداف موكب الحمد الله".
وقال رئيس جهاز المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية اللواء ماجد فرج، للصحفيين إنه من "المبكر اتهام أحد" باستهداف الموكب.
لكنه حمل حركة حماس المسؤولية، قائلا "من هو موجود يتحمل المسؤولية الكاملة عن ضمان سلامة الأراضي".
وأضاف فرج أن "التفجير عملية جبانة تستهدف أولا ضرب وحدة الوطن"، مؤكدا في المقابل على أن "الإصرار على وحدة الوطن ثابت وسيبقى ثابتًا".
وشدد على أن "أي محاولات إجرامية لن تثنينا عن الاستمرار في الحرص على وحدة الوطن (..) عصابات الظلام ستذهب إلى الجحيم".
وعقب مشاركتهما السريعة في حفل افتتاح المحطة، غادر الحمد الله وفرج وسط تدابير أمنية مشددة في قطاع غزة متوجهين إلى الضفة الغربية.
ونظم وزراء وأعضاء في القيادة الفلسطينية وقفة قبالة مقر مجلس الوزراء الفلسطيني في مدينة رام الله لاستقبال الحمد الله واللواء فرج.
وقال الحمد الله خلال الاستقبال إن ما جرى "عمل لا يمثل الوطنية الفلسطينية وعمل جبان لا يمثل الشعب الفلسطيني".
وأضاف أن ما جرى "محاولة مرتبة جيدا وكانت عبوات مزروعة على عمق مترين في الأرض بحسب ما تم إبلاغنا في طريق العودة، وهناك ست إصابات تعالج في مشافي رام الله".
وكرر مطالبته لحركة حماس ب"تمكين الحكومة في قطاع غزة، فبدون أمن لن يكون هناك حكومة ولا سلطة، ولذلك نطالب حماس تسليم ما طُلب منها تسليمه خاصة الأمن الداخلي".
وشدد الحمد الله على أن "الحادث لن يثنيا عن عملنا في قطاع غزة ولا العمل لتحقيق المصالحة فهو خيار القيادة الاستراتيجي، وسنبقى نعمل حتى تحقيق المصالحة ولن تكون دولة في غزة ولا دولة بدونها".
وحملت الرئاسة الفلسطينية حركة حماس المسؤولية عن الاستهداف "الجبان" لموكب الحمد الله.
وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل ابو ردينة في بيان نشرته الوكالة الرسمية إن الانفجار "اعتداء على وحدة الشعب الفلسطيني".
وذكر ابو ردينة أن "الرئيس محمود عباس، سيعقد سلسلة اجتماعات قريبا لاتخاذ القرارات والإجراءات المناسبة، لأن هذا التصرف الذي يدفع بشعبنا نحو الدمار لا يمكن القبول به أو السكوت عليه".
وطالب ابو ردينة حماس بوضع حكومة الوفاق الفلسطينية في إطار كل المعلومات "لأنه يجب أن يعلم الجميع أن من يقف وراء هذا الحادث يريد تهديد الشعب ووحدته وتسهيل مرور دولة غزة التي نرفضها ويرفضها الشعب الفلسطيني بأسره".
وفي السياق، نددت اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، بالتفجير، محملة حركة حماس المسؤولية عنه.
وقال بيان صادر عن اللجنة المركزية لفتح إن "هذا العمل الجبان يعد استهدافا للإرادة وإنجاز الشراكة الوطنية الفلسطينية".
وطالب البيان حركة حماس ب"إنهاء انقلابها الدموي (في قطاع غزة) وقبول الشراكة السياسية بالاحتكام لإرادة الشعب"، معتبرا أن "البراءة مرتبطة باستعداد حماس لنبذ العنف الداخلي والتخوين والتكفير لتبرير استمرار جريمة انقلابهم".
من جهتها، نددت حركة (حماس) بالتفجير، معتبرة إياه "جزءا لا يتجزأ من محاولات العبث بأمن قطاع غزة وضرب أي جهود لتحقيق الوحدة والمصالحة".
وقال الناطق باسم حماس فوزي برهوم في بيان إن الحركة "تستهجن اتهامات الرئاسة الفلسطينية للحركة والتي تحقق أهداف المجرمين".
وأضاف برهوم أن حماس طلبت من الجهات الأمنية ووزارة الداخلية فتح تحقيق فوري وعاجل ل"كشف كل ملابسات الجريمة ومحاسبة مرتكبيها وتقديمهم للعدالة".
وأجمعت فصائل ومؤسسات فلسطينية رسمية على إدانة تفجير موكب الحمد الله، وطالبت بالرد عليه بتسريع خطوات تحقيق المصالحة الداخلية وإنهاء الانقسام الداخلي.
وفي السياق، طالب منسق الأمم المتحدة الخاص بعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، "بإجراء تحقيق سريع في الحادث الخطير وتقديم الجناة إلى العدالة".
وقال ملادينوف في بيان إن "أولئك الذين نفذوا الهجوم يسعون إلى تقويض جهود المصالحة وتدمير فرص السلام لذلك يجب ألا يسمح لهم بالنجاح".
وأضاف أن "حماس تتحمل مسؤولية ضمان قدرة الحكومة على القيام بعملها في القطاع دون خوف من الترهيب والمضايقة والعنف"، مشيدا برئيس الوزراء الفلسطيني والجهود المتواصلة لمعالجة الحالة الإنسانية الرهيبة في غزة وتحقيق المصالحة.
وكان عضو اللجنة المركزية لفتح مسؤول ملف المصالحة فيها عزام الأحمد، قد قال قبل يومين إن المصالحة الفلسطينية "تراوح مكانها" ولم تشهد أي تقدم في أي من قضاياها.
وذكر الأحمد لإذاعة (صوت فلسطين) الرسمية إن قضية تمكين الحكومة في غزة "تراوح مكانها بل ظهرت مشاكل جديدة".
وعاد الأحد الماضي الوفد الأمني المصري إلى قطاع غزة عبر حاجز (بيت حانون/إيرز) الإسرائيلي شمال القطاع بعد أن كان غادره الخميس الماضي لمتابعة جهود تنفيذ تفاهمات المصالحة.
وتوقع المحلل السياسي من غزة طلال عوكل في تعقيب ل(شينخوا) أن تلقي محاولة تفجير موكب الحمد الله، بمزيد من التعقيدات على ملف المصالحة المتعثرة أصلا.
وأشار عوكل إلى بدء تراشق إعلامي وتبادل للاتهامات فور وقوع الحادثة ومن دون حتى انتظار نتائج التحقيقات الأمنية، مؤكدا أن ذلك يعقد جهود المصالحة أكثر ويبقيها في إطار تصريحات فقط.
ونبه عوكل إلى أنه "إن كانت عملية التفجير تستهدف المصالحة وإبقاء الانقسام قائما فإن من المفترض أن تكون الخطوات العملية لكافة الأطراف إنجاح المصالحة وهو ما لا يحصل عمليا".
ووقعت حركتا فتح وحماس منتصف أكتوبر الماضي اتفاقا برعاية مصرية في القاهرة لتسليم إدارة قطاع غزة بالكامل إلى حكومة الوفاق الفلسطينية بحلول مطلع ديسمبر الماضي.
إلا أن استمرار الخلافات بين الحركتين دفع إلى تأجيل الموعد المذكور حتى إشعار أخر، في وقت ظلت فيه حكومة الوفاق تشتكى من أنها لم تتسلم كامل صلاحيتها في قطاع غزة حسب الاتفاق الموقع.
وتتبادل الحركتان الاتهامات بشأن المسؤولية عن تعثر تنفيذ تفاهمات المصالحة ووضع عقبات تحول دون تسلم حكومة الوفاق لمسؤولياتها في قطاع غزة.
وبدأ الانقسام الفلسطيني الداخلي منتصف عام 2007 إثر سيطرة حركة حماس بالقوة على قطاع غزة إثر جولات من القتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية وفشلت عدة تفاهمات بعضها برعاية عربية في إنهائه حتى الآن. /نهاية الخبر/