دمشق 10 فبراير 2018 / أكد محللون سياسيون في سوريا يوم السبت أن إسقاط الدفاعات الجوية السورية لطائرة إسرائيلية من طراز "أف 16" هاجمت قاعدة عسكرية بريف حمص الشرقي، ليس رسالة حرب بل هي "رسالة ردع" مفادها بأن سوريا "لن تتسامح" مع أي هجمات إسرائيلية على مواقع عسكرية في سوريا في المرات القادمة.
وقال ماهر إحسان، وهو محلل سياسي سوري، لوكالة أنباء ((شينخوا)) بدمشق يوم السبت، إن "هذا لا يعني تصعيدا نحو حرب كاملة، لكنها رسالة بأن سوريا لن تقبل بعد الآن الهجمات التي تشنها إسرائيل والتي استهدفت مواقع القوات السورية والموالية للحكومة في العديد من المناطق السورية خلال السنوات الست الماضية من الحرب السورية".
وأضاف إحسان أن "الحكومة السورية لن يقتصر ردها على الإدانة فحسب، ولكن تريد أن تخطو خطوات فعلية كالتي حصلت اليوم".
وبدوره قال العميد هيثم حسون، وهو خبير ومحلل إستراتيجي سوري لوكالة ((شينخوا)) إن إسقاط الطائرة الإسرائيلية يشكل "صدمة" للجانب الإسرائيلي ، مشيرا إلى أن إسرائيل "قد تصعد أو توقف انتهاكها" للمجال الجوي السوري.
وأشار حسون إلى أن الإسرائيليين لم يتوقعوا مثل هذا الرد من الجانب السوري الذي اتخذ قرار الرد على أي هجمات إسرائيلية جديدة بعد تكرارها.
من جانبه قال أسامة دنوره الخبير السياسي السوري وعضو الوفد الحكومي لدى المحادثات السورية في جنيف لوكالة أنباء الصين الجديدة ((شينخوا)) إن الرد السوري جاء لوضع حد للهجمات الإسرائيلية المستمرة على سوريا.
وقال إن الرد السوري "ليس رسالة حرب بل رسالة للدفاع عن النفس، وهي رد طبيعي وشرعي من أي دولة تتعرض للهجوم".
وتابع يقول "إنها رسالة ردع ذات شقين: الأول يشير إلى أن الدفاعات الجوية السورية أصبحت على مستوى عال من الاستعداد بالمقارنة مع سنوات الحرب السابقة، والثاني يدل على الزخم الذي توفره انتصارات الجيش السوري واستعادة معظم المناطق السورية".
وأشار إلى أن "التطور الجديد يكسر الصورة النمطية بأن إسرائيل يمكن أن تنتهك أي مجال جوي عربي وتهرب بحرية من دون أي انتقام".
وفي فجر يوم السبت، ردت الدفاعات الجوية السورية على غارات جوية إسرائيلية استهدفت مطار التيفور العسكري في ريف محافظة حمص وسط سوريا بذريعة إطلاق طائرات إيرانية بدون طيار من تلك القاعدة وتسللها إلى المجال الجوي الإسرائيلي .
وقالت وسائل الإعلام المحلية إن الدفاعات الجوية السورية أطلقت ما يعتقد بأنها صواريخ مضادة للطائرات من نوع سام -5 ضد الطائرات الحربية المهاجمة مما أسفر عن إصابة العديد منهم.
وفي وقت لاحق ، نفذ الإسرائيليون هجوما آخر على مواقع عسكرية في جنوب سوريا، مما دفع أيضا الدفاعات الجوية السورية للرد على الهجوم.
وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن طائرة أف 16إسرائيلية أُصيبت بصواريخ مضادة وتحطمت في شمال إسرائيل، مضيفة أن الهجمات الإسرائيلية استهدفت 12 هدفا داخل سوريا وإن الهجوم على نظام الدفاع الجوي السوري كان الأكبر منذ الحرب اللبنانية الأولى في عام 1978.
ويعتبر إسقاط الطائرة أف 16 سابقة جديدة خلال الحرب السورية المستمرة منذ سبع سنوات تقريبا، حيث استهدفت إسرائيل مرارا مواقع عسكرية في سوريا، وقوبل ذلك بالإدانة والتوعد بالرد من قبل الحكومة السورية، بيد أن الحالة قد تغيرت الآن .
وقال المحلل السياسي إن "الرد السوري كان مختلفا هذه المرة لأن ذلك يعكس التغيير في قواعد الاشتباك وهذا يعني أن الجانب السوري لن يمرر أي ضربات إسرائيلية جديدة على سوريا دون رد".
من جهة أخرى، قال "حزب الله" اللبناني، الحليف الرئيسي للجيش السوري في الحرب السورية، في بيان له، إن إسقاط الطائرة الحربية الإسرائيلية يعد بداية "مرحلة إستراتيجية جديدة تضع حدا للانتهاك الإسرائيلي للمجال الجوي السوري".
وأضاف البيان "أننا نؤكد أن تطورات يوم السبت ستسقط بالتأكيد المعادلات القديمة".
من جانبه، قال اللواء يحيى سليمان، الخبير في المجالات العسكرية الإستراتيجية لوكالة ((شينخوا)) إن "إسرائيل استهدفت سوريا بشكل متكرر، وكانت الاستجابة السورية أن الجانب السوري يحافظ على سياسة الصمت حتى النصف الثاني من عام 2017".
وقال إن الإسرائيليين هاجموا المواقع العسكرية السورية، واستجابت الدفاعات الجوية السورية، واستهدفت أكثر من طائرة حربية واحدة. مؤكدا أن "الإسرائيليين اعترفوا فقط باستهداف طائرة حربية واحدة ولكن الحقيقة هي أن العديد من الطائرات الحربية تعرضت للضرب خلال المواجهات اليوم".
وأوضح سليمان أن الوضع لن يتصاعد نحو حرب كاملة.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة ((نيويورك تايمز)) نقلا عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي يوم السبت قوله إن بلاده لا تسعى إلى تصعيد في المنطقة، مضيفا أن "هذا عمل دفاعي ناجم عن عمل عدواني إيراني، ونحن ندافع عن مجالنا الجوي".
وزعمت إسرائيل أنها تستهدف مواقع مستودعات الأسلحة الإيرانية وحزب الله في سوريا. وهجوم السبت هو الثاني في غضون ثلاثة أيام، حيث شن الإسرائيليون هجوما صاروخيا من طائرات حربية من داخل الأجواء اللبنانية في 7 فبراير الجاري، حيث استهدفت قاعدة عسكرية بالقرب من العاصمة دمشق، وفي ذلك الوقت قالت سوريا إنها قد استهدفت العديد من الصواريخ الإسرائيلية قبل الوصول إلى أهدافها. وقد حذرت إسرائيل مرارا أنها لن تتسامح مع النفوذ الإيراني في سوريا أو دعم جماعة حزب الله التي تدعمها إيران.
لكن غرفة العمليات التابعة للقوات المتحالفة مع سوريا، انتقدت المزاعم الإسرائيلية بأن طائرة بدون طيار إيرانية أطلقت في إسرائيل، قائلة إن الطائرات بدون طيار أرسلت لمراقبة حركة تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي (داعش) في الصحراء السورية لصالح الجيش السوري.
وحذرت غرفة عمليات حلفاء سوريا في بيان لها يوم السبت أن لن يتم التسامح مع الهجمات الإسرائيلية ضد سوريا، وستشهد إسرائيل ردا "قاسيا" و"جادا" من الآن فصاعدا.