واشنطن 8 فبراير 2018 / رغم الحرب الكلامية بين واشنطن وبيونغ يانغ في الأشهر الأخيرة، يقول خبراء إنه من المرجح أن يظل الوضع هادئا في شبه الجزيرة الكورية مع انطلاق دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في كوريا الجنوبية اليوم (الجمعة).
وقال تروي ستانغارون، كبير مديري المعهد الاقتصادي الكوري، ومقره واشنطن، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه رغم مخاوف حيال قيام جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية بالتشويش على دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، فإن "احتمالات (حدوث ذلك) دائما ما كانت منخفضة للغاية".
وأضاف إن "إجراء اختبار (أسلحة) كبير أو محاولة تعطيل الألعاب .. لن يزيد سوى الضغوط" على كوريا الديمقراطية.
وفي الأشهر التي سبقت دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2018، التي ستعقد في مقاطعة بيونغتشانغ شرقي كوريا الجنوبية في الفترة من 9 إلى 25 فبراير، أعرب بعض المحللين ووسائل الإعلام الأمريكية عن القلق إزاء ما إذا كانت كوريا الديمقراطية ستختبر أي صواريخ خلال فترة الألعاب الأولمبية الشتوية، نظرا لأن بيونغ يانغ قد أجرت سلسلة من التجارب الصاروخية العام الماضي.
ولفت ستانغارون إلى أنه حاليا بعد أن وافقت كوريا الديمقراطية على عدم التشويش على الألعاب ، فإنها باتت تحت ضغوط للحفاظ على كلمتها.
واتفق دوغلاس بال، نائب رئيس قسم الدراسات في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي -- ومقره أيضا في واشنطن -- مع بعض هذه الآراء ، مشيرا إلى أن الحفاظ على الهدوء خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية يصب في مصلحة زعيم كوريا الديمقراطية كيم جونغ أون الإستراتيجية .
وقال بال لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "دورة الألعاب ومنصة الدعاية التي تمنحها لكيم تعتبر مفيدة في إثارة الانقسامات في الجنوب حول التحالف مع الولايات المتحدة".
وأضاف "بالتالي فإنه (كيم) لديه كل المصلحة في توفير إمكانية الحد من التوترات في الوقت الذي تتجه فيه عيون العالم نحو كوريا".
ومن جهته، من المتوقع أن يتحلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بهدوء أكثر من المعتاد خلال دورة الألعاب الأولمبية.
وانخرط ترامب وكيم في حرب كلامية في الأشهر القليلة الماضية، إذ هدد كيم بأنه يملك جهازا نوويا قادرا على ضرب الولايات المتحدة، فيما حذره ترامب من أن الهجوم على أمة تعد موطنا لأكبر قوة عسكرية في العالم من شأنه أن يكون أسوأ خطأ يمكن أن ترتكبه بيونغ يانغ.
وفي خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه في 30 يناير الماضي، قال ترامب إنه سيمارس" أقصى ضغط" على كوريا الديمقراطية.
ولكن في الفترة التي سبقت دورة الألعاب ، يبدو أن التوترات قد هدأت في الوقت الراهن. ومع ذلك، قال خبراء إن الحرب الكلامية يمكن أن تستأنف في مرحلة لاحقة ، حالما تنتهي دورة الألعاب.
وقال خبراء إن ترامب أحجم عن إطلاق تصريحاته الطنانة المعتادة في محاولة لفسح المجال أمام رئيس كوريا الجنوبية موون جاي-إن للانخراط مع كوريا الديمقراطية خلال دورة الألعاب الأولمبية. علاوة على ذلك، لا يريد ترامب أو كيم أن يُنظر إليهما على أنهما السبب وراء التوترات المتصاعدة خلال دورة الألعاب الأولمبية.
وأشار العديد من الخبراء الأمريكيين إلى أن هناك إستراتيجية وراء مشاركة كوريا الديمقراطية في دورة الألعاب الأولمبية.
ولفت ستانغارون إلى أن كوريا الديمقراطية لها أهداف متعددة من خلال الانخراط مع كوريا الجنوبية حول دورة الألعاب الأولمبية. ومع استمرار العقوبات، تحتاج بيونغ يانغ إلى إيجاد سبل للحد من التوترات وتخفيف الضغوط.
وأضاف "سواء كان ذلك من خلال تقسيم التحالف أو مجرد إقناع العالم بأنها قوة نووية مسؤولة، فإنها تأمل بأنه عبر القيام بذلك ستقوم بتطبيع برنامجها النووي حتى تستطيع دفع تخفيف العقوبات دون الاضطرار إلى التفاوض بشأن برامج أسلحتها".
وفي حين ترى الولايات المتحدة أن برنامج كيم النووي غير مقبول، فإن محللين قالوا إن بيونغ يانغ تعتقد أن العامل الوحيد للبقاء هو السلاح النووي.
وأشار خبراء إلى أن كيم ووالده الراحل كيم جونغ إيل شاهدا الإطاحة برجال أقوياء في ليبيا والعراق من قبل الولايات المتحدة، ولا يريد كيم رؤية واشنطن وهي تطيح بحكومته، ويعتقد أن السلاح النووي هي تذكرته الوحيدة للبقاء.
وشهدت الأسابيع الأخيرة قيام واشنطن بفرض المزيد من العقوبات على بيونغ يانغ في محاولة لدفع كوريا الديمقراطية إلى التخلي عن برنامجها للأسلحة النووية.
في الوقت نفسه، ورغم ذلك، أعرب ترامب أيضا عن انفتاحه تجاه إجراء محادثات مباشرة مع كوريا الديمقراطية والتفاؤل بشأن تحسن العلاقات بين الكوريتين، نظرا لأن الجارتين انخرطتا في عدد من المشاريع لتعزيز دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في الأسابيع الأخيرة.
بيد أن تقارير وسائل إعلام أمريكية قالت إن البيت الأبيض لا يستبعد تنفيذ ما يسمى بـ "الأنف الدامي" -- وهي ضربة موجهة تستهدف تدمير منشآت الأسلحة النووية لكوريا الديمقراطية.