غزة 30 يناير 2018 / غمرت السعادة المزارع الفلسطيني أنور الدباري لدى دخوله إلى أرضه الواقعة في منطقة حدودية مع إسرائيل أقصى جنوب قطاع غزة بغرض فلاحتها لأول مرة منذ نحو 12 عاما.
وتم ذلك بتنسيق خاص رعته اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ظل حظر إسرائيل دخول المزارعين الفلسطينيين الى أراضيهم القريبة من السياج الفاصل على أطراف شرق قطاع غزة.
وبفضل هذه المبادرة عمل الدباري ومزارعون آخرون لعدة ساعات على نثر حبوب القمح في أراضيهم الواقعة في قرية "الشوكة" النائية شرق رفح.
وقال المزارع الأربعيني لوكالة أنباء ((شينخوا)): "سعيد جدا لأني موجود في أرضي أخيرا والعمل فيها بعد أعوام طويلة من الاكتفاء بالنظر إليها من مسافة بعيدة".
وبحسب مؤسسات تنشط في مجال تمكين المزارعين في قطاع غزة، فإن 35 في المائة من الأراضي الزراعية في المناطق الحدودية يحظر على المزارعين العمل فيها.
وكانت تلك الأراضي تعد سابقا سلة غذائية من الخضار والفواكه إلا أنها تحولت إلى أرض قاحلة جرداء بعد عام 2006 بسبب تعرضها لغارات وتوغلات اسرائيلية بحسب مالكيها.
ويقول الدباري إنه لم يصل إلى داخل أرضه منذ 12 عاما كونها تبعد عن السياج 300 متر، والجيش الإسرائيلي يمنع اقتراب أي شخص من دخول المنطقة.
ويوضح المزارع الذي يعيل عائلة تضم 10 أفراد "بعد ثلاثة شهور من الآن سنعود من أجل حصد محصول القمح ومن ثم درسه وتحويله إلى دقيق للاستخدام المنزلي وبيع القليل منه لكسب بعض المال".
ويتم الاكتفاء بزراعة القمح في الأراضي الحدودية كونه محصولا يعتمد على مياه الأمطار ولا يحتاج إلى التواجد في المنطقة بشكل دائم.
كما يقول الدباري إن إسرائيل تمنع زراعة الأراضي الحدودية بأشجار مثمرة مرتفعة تعيق الرؤية ومراقبة أي تحركات في المنطقة.
وبسبب إجراءات إسرائيل بحق الأراضي الحدودية، اضطر الدباري طوال السنوات الماضية إلى العمل أجيرا في أراض زراعية أخرى.
ويقول إنه يأمل أن تضغط المؤسسات الدولية على إسرائيل لإلغاء إجراءاتها بحقهم وتمكينهم من العمل بأمان ودون قيود في أراضيهم.
وكثيرا ما تشهد المناطق الحدودية شرق قطاع غزة حوادث إطلاق نار من القوات الإسرائيلية المتمركزة عند السياج الفاصل ما يمنع مئات المزارعين من الوصول إلى أراضيهم.
وأدى ذلك إلى مقتل وجرح عشرات المزارعين الفلسطينيين طوال الأعوام الماضية.
وعادة ما يستهدف الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين لدى اقترابهم من المنطقة الأمنية العازلة التي يقيمها على طول السياج الفاصل مع قطاع غزة بعمق 300 متر.
ويقول الجيش إنه ينشر أجهزة مراقبة إلكترونية حديثة ودوريات برية ترصد الحدود بشكل دائم ومكثف للتصدي لأي محاولة تسلل غير مشروعة "لاحتمال أن يتضمن ذلك النية بشن هجمات".
وشكل دخول المزارعين إلى أراضيهم في المنطقة الحدودية فرصة للشاب جهاد (30 عاما) من أجل الحصول على فرصة عمل حتى لو كانت لعدة ساعات.
ويقول جهاد بينما كان يساعد المزارعين في نثر حبوب القمح لـ ((شينخوا)) إن الدخول إلى الأراضي الحدودية والعمل فيها يوفر فرص عمل نادرة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب في قطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ منتصف عام 2007.
وتعمل طواقم للصليب الأحمر على مشروع تمكين المزارعين من دخول أراضيهم الحدودية منذ ما يقارب ثلاثة أعوام بالتعاون مع وزارتي الزراعة والداخلية في غزة إضافة إلى السلطات الإسرائيلية.
ويستهدف المشروع ست مناطق حدودية هي (بيت حانون) شمال قطاع غزة، و(وادي السلقا) وسطه، و(خزاعة) و(عبسان) و(القرارة) شرقي خانيونس و(الشوكة) جنوب القطاع.
وبحسب اللجنة الدولية فإنها أعادت تأهيل أكثر من ألف هكتار من الأراضي الزراعية في قطاع غزة منذ الهجوم الإسرائيلي الأخير صيف عام 2014 على القطاع.
وتضمن ذلك إخلاء تلك الأراضي من مخلفات الحرب وتسويتها بالمعدات وحرثها وزراعتها.
ويقول مسؤول البرامج الزراعية في الصليب الأحمر أسامة المخللاتي لـ ((شينخوا)) إن تركيز اللجنة الدولية على الأراضي الحدودية لأهميتها بوصفها سلة قطاع غزة الغذائية.
ويوضح المخللاتي أنهم يعملون على تمكين المزارعين من دخول إلى أراضيهم وزراعتها بعد أن تحولت إلى كثبان وتلال رملية بفعل هجرتها قسرا.
كما يشير إلى أن ذلك من شأنه تحسين الأوضاع الاقتصادية للمزارعين.
ويضيف المخللاتي أن دور الصليب الأحمر مع المزارع في كل خطوة "لكن بعد الانتهاء من الزراعة فإن المزارع سيكون سيد نفسه ويقوم بعملية الحصاد وممارسة عمله الزراعي لوحده".