8 يناير 2018/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ يشرع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم في زيارة رسمية إلى الصين، بدعوة من الرئيس الصيني شي جين بينغ. وقالت وزارة الخارجية الصينية، إن هذه الزيارة التي تعد الأولى بالنسبة لماكرون منذ توليه الرئاسة في فرنسا، تكتسي أهمية بالغة بالنسبة للعلاقات الصينية الفرنسية. وقال متحدث من الإليزيه، أن الرئيس الفرنسي سيبدأ زيارته إلى الصين من مدينة شيآن. ثم سينتقل إلى بكين للقاء الزعيم الصيني.
لماذا شيآن مرة أخرى؟
تفيد الإحصاءات ذات الصلة، بأن قادة أكثر من 200 دولة قاموا بزيارة شيآن. بما في ذلك، الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كيمون، الملكة البريطانية إليزابيت الثانية، الرئيسان الفرنسيان السابقان جاك شيراك وساركوزي، الرئيس الروسي بوتين، الملك البلجيكي وزوجته، والملك الإسباني وزوجته... حيث تحولت مدينة شيآن إلى قبلة ثانية للقادة الأجانب إضافة إلى بكين أثناء زياراتهم إلى الصين.
لماذا يحب القادة الأجانب مدينة شيآن؟
الجواب: الثقافة والتاريخ.
إذا قلنا بـأن القادة الأجانب يذهبون إلى بكين وشنغهاي للإطلاع على مستوى التحديث الذي بلغته الصين، فلا شك في أن زيارتهم إلى شيآن تهدف إلى التعرف على التاريخ الصيني.
تعد شيآن واحدة من أقدم أربعة عواصم عالمية، وأحد المنابع الرئيسية للحضارة الصينية. حيث أسست 13 أسرة ملكية صينية عواصمها في شيآن، من بينها، تشو، تشين، هان، سوي، تهانغ وغيرها. وشغلت لـ1200 سنة موقع العاصمة الصينية والمركز السياسي والإقتصادي والثقافي في الصين القديمة.
وقد وصف أحدهم شيآن كما يلي: "تستطيع الصين أن تبني نيويورك في 200 عام، لكن لا تستطيع أمريكا بناء شيآن في 2000 عام. "
للرؤساء الفرنسيين قصة مع شيآن
إلى جانب العامل التاريخي، مالذي يجعل ماكرون يزور شيآن أولا؟ في الحقيقة، هناك قصة طويلة للرؤساء الفرنسيين مع شيآن، فسواءا ميتيرون، أو شيراك، أو ساركوزي وغيرهم من الرؤساء الفرنسيين، كانت شيآن دائما إحدى محطاتهم أثناء زيارتهم إلى الصين.
زار الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك مدينة شيآن أكثر من مرّة، وفي آخر زيارة له للصين كرئيس جمهورية في عام 2006، جعل مدينة شيآن محطته الأخيرة، وأبدى إعجابا كبيرا بمتحف هانيانغ لينغ. وقد عكس الإنطباع العميق الذي تركته شيآن لدى جاك شيراك، إحترام الفرنسيين للفن والثقافة.
أما ساركوزي فقد زار شيآن ومتحف تماثيل الجنود والخيول الفخارية لضريح الإمبراطور تشين شي هوانغ خلال المرّتين اللتين زار فيهما للصين. حيث كان في المرة الأولى منفردا، وفي زيارته الثانية قام بإصطحاب زوجته معه، وهو مايعكس إعجابه الكبير بهذه المدينة القديمة.
ماذا يعني إختيار شيآن كوجهة أولى أثناء زيارة الصين
يعكس إختيار ماكرون لمدينة شيآن كمحطة أولى في زيارته، معرفته بالثقافة الصينية ومبادرة "الحزام والطريق".
في هذا السياق، قال مكتب الرئيس الفرنسي بقصر الإليزيه أثناء حديثه على زيارة ماكرون إلى الصين. أن الأوساط السياسة الفرنسية نادرا ما تتحدث عن مبادرة "الحزام والطريق". لذا فإن اختيار الرئيس ماكرون شيآن وجته الأولى في زيارته إلى الصين، تعكس رغبة ماكرون في إرسال رسائل عن نية تعزيز التعاون الأوروبي الصيني في إطار مبادرة الحزام والطريق.
كما أن هذا يذكرنا بإختيار الرئيس شي مدينة ليون الفرنسية التي كانت تعد نقطة نهاية طريق الحرير القديم، كمحطة أولى لزيارته إلى فرنسا في عام 2014. لذا، فإن استهلال ماكرون لزيارته إلى الصين بمدينة شيآن التي تعد نقطة بداية طريق الحرير القديم، هو قرار جاء بعد عملية تفكير، ولديه عدة معاني سياسية وثقافية، كما يترجم رغبة الجانبين في تعزيز التعاون الثنائي خلال هذه الزيارة.
صورة لمدينة شيآن أثناء تساقط الثلوج في يوم 4 يناير 2017. وقد قام المصور بإستعمال تقنيات التصوير مابعد الرقمية لتجميع الصور وصناعة مشهد بانورامي متداخل للمدينة الأثرية.
وقال مصدر من الإليزيه أن ماكرون سيزور موقع متحف تماثيل الجنود والخيول الفخارية لضريح الإمبراطور تشين شي هوانغ. كما سيلقي كلمة عن العلاقات الصينية الفرنسية.
يعد متحف تماثيل الجنود والخيول الفخارية لضريح الإمبراطور تشين شي هوانغ أكبر متحف عسكري تحت الأرض، وأحد أكبر الإكتشافات الأثرية في تاريخ علوم الآثار. وقد زاره قادة أكثر من 200 دولة منذ عام 1976.
زار جاك شيراك متحف تماثيل الجنود والخيول الفخارية في سبتمبر 1978، حينما كان يشغل منصب عمدة باريس، وقال حينئذ: "هناك 7 عجائب في العالم، ويمكن القول إن إكتشاف تماثيل الجنود والخيول الفخارية يعد العجيبة الثامنة. إذا لم تشاهد الأهرامات، فكأنك لم تزر مصر؛ وإذا لم تشاهد تماثيل الجنود والخيول الفخارية، فكأنك لم تذهب إلى الصين." وكما قال شيراك، أصبح الآن إسم "العجيبة العالمية الثامنة" مرادفا للتماثيل الجنود والخيول الفخارية.
الرئيس الأمريكي رونالد ريغان أثناء زيارته لمتحف تماثيل الجنود والخيول الفخارية، أبريل 1984.
الملكة البريطانية إليزابيت الثانية أثناء زيارتها إلى متحف تماثيل الجنود والخيول الفخارية، أكتوبر 1986.
الرئيس الأمريكي بيل كلينتون وعائلته في متحف تماثيل الجنود والخيول الفخارية، يونيو 1998.
في أكتوبر 2004، قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة إلى متحف تماثيل الجنود والخيول الفخارية. وبصفته رجل مخابرات سابق يتمتع بقوة ملاحظة، طرح بوتين عدة تساؤلات حول التماثيل:"لماذا يلبس التمثال زوجي حذاء مختلفين؟"، "لماذا هناك حلقتين وراء التمثال؟"، "لماذا قامات خيول أسرة تشين ليست طويلة؟"، "لماذا لم يجهز الجنود بسلاح في هذا المكان؟"
الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كيمون، يوليو 2009.
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، عام 2010: "تسريحة الحصان جميلة"
رئيس الوزراء الهندي مودي، مايو 2015: " الجنود والخيول الفخارية شاهدة على إنجازات الحضارة الصينية."