إن فرنسا والصين يمكنهما اختيار الإنخراط في "مسيرة طويلة" نحو بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية حيث جعل البلدان عبر التاريخ "نفسيهما في خدمة المثل العليا للمشاركة العالمية بصورة أكبر من مصالحهما المباشرة".
صرح بذلك ديفيد جوست الخبير البارز في العلاقات الدولية ومؤسس المنتدى الأوروبي - الصيني، وذلك خلال مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا.
فقد غادر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باريس بعد ظهر الأحد في أول زيارة دولة له إلى الصين، ليصبح أول زعيم أوروبي يزور البلاد منذ المؤتمر الوطني الـ19 للحزب الشيوعي الصيني الذي عقد في الخريف الماضي.
وقال جوست إن زيارة ماكرون لن تكشف فقط عن تصوره لفرنسا، وللاتحاد الأوروبي ، ولشريكه على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي ، وإنما أيضا عن "نهجه العالمي في عصرنا".
وذكر الخبير أن الطاقة والألهام النابعين من ماكرون (40 عاما)، الذي يظهر كقوة جديدة، سيسهمان في دينامية العلاقات الثنائية.
وأضاف أن الرئيس الفرنسي يمكنه أن يكون "رسولا" داخل العالم الغربي لفكرة أن صين صاعدة تعد فرصة لأوروبا وعاملا حاسما في المعادلة لحل المشكلات العالمية الكبرى.
وحول التعاون الصيني- الفرنسي على المستوى العالمي، سلط الخبير الضوء على الصلة بين النمو النوعي واقتصاد ما بعد الكربون ومبادرة الحزام والطريق، مضيفا أن هذه الصلة هي أحد النقاط التي يمكن أن تثبت من خلال باريس وبكين ضرورة بناء "حضارة أيكولوجية" لهذا الكوكب.
وأشار جوست إلى أنه "لابد للبلدين من أن يستثمرا معا بشكل كبير في إطار الحزام والطريق في إقامة مشروعات تعاونية بالقارة الإفريقية ، ولابد أن يعملا من أجل تحقيق طرق حرير جديدة مستدامة".
كما ذكر الخبير أنه ثمة حاجة، من خلال الجهود المشتركة لباريس وبكين، إلى بناء آلية تجمع بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والصين، تستطيع أن تعمل بشكل أفضل على تنسيق الإجراءات المتعلقة بالقارة الإفريقية .
وقال جوست إن الوضع الدولي الحالي يدعو الدولتين العريقتين إلى العمل في اتجاهات جديدة والتفكير في "المبادئ التي ستحكم بنية العالم القادم"، بالإضافة إلى تدعيم التنسيق في المجالات التقليدية مثل التجارة والتعليم والعلوم والفنون.
ولفت إلى أنه "عندما تفكر فرنسا والصين معا في عالم متغير وتحاولان فهمه، فإن العلاقات الفرنسية- الصينية لا تعد تمثل محصلة ما حققه الوزراء أو الدبلوماسيون أو رجال الأعمال بدرجات متفاوتة من النجاح....إنها تضع نفسها في خدمة قضية تتجاوزها، ولكنها تمنحها أيضا قيمتها الحقيقية".
وذكر جوست أن رئيسي البلدين، رغم اختلافهما في السن والمسار الوظيفي، يتلاقيان في نقطتين أساسيتين.
"أولا، في فلسفتهما السياسية، فهما يخلقان الدعم داخل بلديهما بقدرتهما على التوفيق بين ما يبدو، على السطح، أنه متعارض". و"(ثانيا) في السياسة الدولية، فهما يتفقان في فكرة الدفاع عن التعددية".
تبدأ زيارة ماكرون إلى الصين رسميا اليوم (الاثنين) وتستمر ثلاثة أيام. ومن المقرر أن يلتقى خلالها ماكرون القادة الصينيين ويحضر سلسلة من الأنشطة في بكين ومدينة شيآن بشمال غرب الصين.