بقلم/بان قوانغ، خبير العلوم الناعمة بمكتب القيادة الوطنية لمكافحة الإرهاب ونائب رئيس جمعية الصين والشرق الاوسط
منذ أوائل عام 2017، حققت عمليات محاربة تنظيم " الدولة الاسلامية" وغيرها من المنظمات الارهابية المتطرفة انتصارا مشجعا. ومع ذلك، في اثناء الاحتفال بالنصر على تنظيم " الدولة الاسلامية"، هناك ما يبعث على القلق ايضا، بسبب موجة جديدة من انتشار التطرف وانتقال الارهاب من الشرق الاوسط الى العالم. كما يشكل عودة عدد من الذين توالوا من جميع انحاء العالم الى الشرق الاوسط بهدف ما يسمى “الجهاد" تهديدا خطيرا على أمن واستقرار جميع البلدان. على سبيل المثال، عودة أكثر من 7 الاف تونسي توزعوا بين ساحات ما يسمى بـ"الجهاد" في سوريا والعراق وليبيا الى البلاد يضع السلطات في تحديات خطيرة.
نجاحات وأوجه القصور في التعاون الدولي لمحاربة الإرهاب
في الوقت الحاضر، يواجه المجتمع الدولي مشكلتين رئيسيتين في منع تدفق وعودة المقاتلين الإرهابيين الأجانب. أولا، كيفية مراقبة " المشتبه فيهم" العائدين الى البلاد الأم والحائزين على وثائق قانونية. ثانيا، كيفية وقاية وتوعية أصحاب الأفكار المتطرفة من التحول الى منفذي أعمال إرهابية.
يعتقد الخبراء أن مفتاح حل هاتين المشكلتين يتمثل في تعزيز التعاون الدولي في محاربة الإرهاب، وبالأخص تعزيز سرعة وكفاءة تبادل المعلومات الاستخباراتية وإنفاذ القوانين بصورة مشتركة، وفي الوقت نفسه، استخدام التكنولوجيا الفائقة والبيانات الضخمة لتنفيذ عمليات أكثر دقة لمحاربة الإرهاب.
عمليات محاربة الارهاب لا تزال تعاني من عيوب وتواجه عقبات مختلفة على الرغم من التقدم الكبير الذي أحرزه التعاون الدولي في هذا المجال. أولا، لا يزال التعاون الدولي في محاربة الارهاب يعاني من تدخل الاستراتيجية الامريكية المتمثلة في السعي الى الهيمنة على عملية محاربة الارهاب. ثانيا، مصالح مختلفة في عملية محاربة الارهاب بين جميع البلدان، زاد من اتساع وعمق التعاون الدولي في محاربة الارهاب. ثالثا، التعاون الدولي في محاربة الارهاب لم يلق الاهتمام الكافي للإدارة الشاملة. وأشار جوزيف ناي، خبير مشهور في الولايات المتحدة إلى أن الخطأ الأساسي في الحرب الامريكية على الإرهاب يكمن في التركيز بشكل مفرط على دور العمليات العسكرية. وتنطبق هذه المسألة أيضا على التعاون الدولي في محاربة الإرهاب حاليا. رابعا، تأثير نقل سلطة الدولة على التعاون الدولي في محاربة الإرهاب. ويتعين على الدول المشاركة في التعاون الدولي لمحاربة الإرهاب نقل جزء من السلطة، يتمثل في الرقابة القضائية والمجال الجوي والحقوق الإقليمية وغيرها. بيد أن عملية التنفيذ محدودة، حيث تشعر بلدان عديدة بالقلق من أن يؤدي النقل المفرط السلطة الى تدخل القوى الخارجية في شؤونها الداخلية، وغالبا ما تصبح التناقضات الناتجة عقبة أمام تعميق التعاون الدولي في محاربة الإرهاب.
استخدام التكنولوجيا العالية، والبيانات الضخمة أولوية قصوى في محاربة الارهاب
يستخدم الارهابيون التكنولوجيا الحيوية والكيميائية والتقنية النووية والاشعاعية وغيرها من وسائل التكنولوجيا الفائقة على نحو متزايد مع التطور السريع لتكنولوجيا شبكة الانترنت. وأعرب بعض الخبراء عن قلقهم البالغ ازاء احتمال استخدام الجماعات الارهابية الروبوتات والطائرات بدون طيار لتنفيذ الهجمات الارهابية، بسبب انخفاض تكاليفها بشكل كبير. لذلك، بات استخدام التكنولوجيا العالية والبيانات الضخمة ذات أولوية قصوى في محاربة الارهاب الدولي، وينبغي التركيز على تحسين آلية الوقاية والإنذار المبكر وآلية الاستجابة السريعة وآلية معالجة العواقب في نظام محاربة الارهاب. على سبيل المثال، الاعتماد على بيانات ضخمة لتحديد المشتبه به، ونسج شبكة مراقبة دقيقة، لتقليل نسبة الهاربين الى حد أقصى، ومنع الاحداث غير المتوقعة. وفي مثال آخر، استخدام الاختبارات النفسية لدراسة الأسباب الجذرية للتطرف الديني، ومحاولة العمل الجاد والدقيق لأولئك الذين لديهم أفكار متطرفة.
والجدير بالثناء أنه منذ وقت ليس ببعيد، أنشأت مجموعة من شركات التكنولوجيا الفائقة بالاشتراك مع "منتدى الانترنت العالمي لمكافحة الارهاب" لمحاربة الجريمة الالكترونية والتطرف الديني. كما تجدر الإشارة الى أن الرد على تزايد استخدام الجماعات الإرهابية لوسائل التكنولوجيا الفائقة، حوّل زيادة بحث وتطوير معدات محاربة الإرهاب، خاصة معدات التكنولوجيا الفائقة الى مهمة عاجلة.
واشار أفراد ذوي معرفة الى أنه على المدى الطويل، لا يمكن للعمليات العسكرية وعلى وجه الخصوص القصف العشوائي القضاء تماما على الإرهاب، حيث أن محاربة الإرهاب ليس مجرد مسابقة للأسلحة وإنما صراع أيديولوجي أيضا. وأنه فقط من خلال الإدارة الشاملة للنهج السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي وغيرها من المناهج الأخرى يمكن القضاء على سرطان الإرهاب بشكل جذري.