أظهر تقرير إستقصائي لجمعية التعليم الدولي الأمريكية مؤخرا، تراجع معدل زيادة عدد الطلبة الدوليين بأمريكا. حيث تراجع عدد الطلبة الأجانب الجدد في الجامعات الأمريكية في عام 2016 بقرابة 10 آلاف طالب مقارنة بعام 2015. وهو أول تراجع يسجله منذ 12 سنة بأمريكا.
في هذا الصدد، قال المسؤول على التقرير الإستقصائي ومدير قسم الأبحاث بجمعة التعليم الدولية الأمريكية رياكا لصحيفة الشعب اليومية، أن عددا كبيرا من الجامعات الأمريكية أبدت قلقها من تراجع حماس الطلبة الدوليين تجاه القدوم للدراسة في أمريكا. وترى عدة جامعات أمريكية أن العوامل الإجتماعية والسياسية في أمريكا، مثل سياسات التأشيرة وأمن الجامعات باتت تؤثر على رغبة الطلبة الدوليين في الدراسة بأمريكا. لكن مايزيد قلق المؤسسات الجامعية الأمريكية، هو نتائج الأبحاث التي تظهر إستمرار تراجع حماس الطلبة الدوليين في الدراسة بأمريكا خلال العام الدراسي 2017-2018.
في ذات الوقت، تتزايد المنافسة بين الجامعات العالمية على جذب الطلبة الدوليين بشكل مستمر. حيث ذكرت قناة آن بي سي الأمريكية أن الجامعات الكندية باتت تتمتع بجاذبية متزايدة للطلبة الدوليين. ويشير محللون إلى تفضيل الطلبة الأجانب الجامعات الكندية على نظيراتها الأمريكية، بسبب إنخفاض كلفة الدراسة في الجامعات الكندية. حيث توضح البيانات ذات الصلة، بلوغ متوسط الرسوم الدراسية في الجامعات الكندية بالنسبة لمرحلة الباكلوريوس يبلغ 17.264 ألف دولار، في حين يصل هذا الرقم في أمريكا إلى 24.93 ألف دولار. وهو مايدفع العديد من الطلبة الأمريكيين إلى السفر للدراسة بكندا. حيث اختار أكثر من 320 ألف طالب أمريكي خلال عام 2016 الدراسة في الخارج، بزيادة بـ 4% عن عام 2016.
خشية من تراجع إنفتاح وتنافسية الجامعات الأمريكية
دخلت عملية تدويل التعليم في أمريكا المرحلة الذهبية بدءا من عام 2006، حيث إرتفع عدد الطلبة الدوليين بـ 85%. ونظرا لهذه الزيادة العالية التي تعودت عليها الجامعات الأمريكية خلال السنوات الأخيرة، بات تراجع حماس الطلبة الدوليين في الدراسة بأمريكا يمثل مصدر قلق عام داخل الأوساط التعليمية الأمريكية.
يمثل العامل الإقتصادي أحد العوامل التي تعزز من هذا القلق. حيث تظهر بيانات وزارة التجارة الأمريكية أن الطلبة الدوليين قد وفروا عائدات ناهزت 39 مليار دولار، بما في ذلك رسوم الدراسة والسكن ونفقات الحياة وغيرها. ويحصل قرابة 2\3 الطلبة الدوليين الدارسين بأمريكا على تمويل من خارج أمريكا.
في هذا الصدد صرح مستشار وزارة الخارجية الأمريكية جاك روس في وقت سابق، بأن جاذبية أمريكا للطلبة الدوليين تمثل بارومتر للدور الدولي لأمريكا. وتخشى الأوساط الجامعية الأمريكية أن تتأثر تنافسية الجامعات الأمريكية وانفتاحها بتصاعد موجة الإنعزالية في السياسة الأمريكية. وقال أستاذ جامعة هارفرد جوزيف ناي في مقال طويل نشره مؤخرا أن مطالب الشعبوية المتصاعدة داخل المجتمع الأمريكي في الوقت الحالي، شبيهة شعبوية حزب الأمريكيين المناهض للهجرة في القرن الـ19، وشعبوية جورج والاس وماكارثي. والتي تعبر عن كراهية الأجانب ورغبة في الإنعزال على العالم.
وتعتقد الاوساط الجامعية الأمريكية أن دراسة الطلبة الدوليين تسهم في تعددية الجامعات الأمريكية وتساعد على تشكيل بيئة أكاديمة غنية بالإبتكار. من جهة أخرى، أشار رئيس لجنة التعليم الدولية الأمريكية آرون غودمان في تقرير أصدره مؤخرا، أنه مع تزايد المنافسة بين الدول على جذب الكفاءات، فإن إبقاء أمريكا أبوابها الأكاديمية يعد أمرا بالغ الأهمية بالنسبة لأمريكا.