بكين 27 ديسمبر 2017 /إن الحديث عن" تهديد الصين" كان لفترة طويلة طريقا لإيدولوجيات مشوشة لجذب الانتباه، ولكن مثل هذه المزاعم متخلفة بوضوح عن العصر، وتدل على سلوك المباراة الصفرية وعقلية الحرب الباردة .
وكان الخبير الاستراتيجى السابق فى البيت الابيض ستيفن بانون آخر الذين وقفوا فى صف طويل يتحدث بطنطنة عن تهديد الصين، وذلك فى خطاب فى القمة السياسية لمؤتمر العمل السياسى المحافظ اليابانى (جيه -سى بى ايه سى) فى طوكيو فى وقت سابق من هذا الشهر، حيث وجه اتهامات لا أساس لها ترتكز على تخمين محض .
وقال بانون إن الولايات المتحدة أصبحت الآن دولة تابعة للصين بعد عقود من الاذعان للتنمية الاقتصادية للصين وان تغيرات تحدث الآن حيث ان الصين تتعرض لضغط بشأن العجز التجارى بين البلدين .
انه أمر مناف للعقل القول بأن الولايات المتحدة ،صاحبة أكبر اجمالى ناتج محلى فى العالم ودولار أمريكى قوى وتأثير ضخم على الساحة العالمية ، هى دولة تابعة لدولة أخرى اقتصاديا .
وعلى النقيض فإن الولايات المتحدة هى التى تستغل هيمنتها الاقتصادية وتوجه الاتهامات إلى المصالح الاقتصادية للصين .
كما ان الولايات المتحدة تستخف بقواعد منظمة التجارة العالمية وترفض إسقاط "منهج الدولة البديلة " فى التحقيقات الخاصة بمكافحة الاغراق عن طريق وصف الصين بأنها اقتصاد غير سوقى .
وبالنسبة لعدم التوازن التجارى بين الصين والولايات المتحدة فإن الأخيرة هى التى يجب أن تعيد النظر فى سياستها التجارية للاستفادة القصوى من ميزتها التنافسية مثل توسيع صادرات التكنولوجيا الفائقة الى الصين .
وفى الوقت الذى يبلغ العجز التجارى للولايات المتحدة ازاء الصين فى تجارة السلع فإن لديها فائضا فى تجارة الخدمات تبلغ قيمته 55.7 مليار دولار امريكى فى عام 2016 بما يزيد أربعين مرة عن عام 2006 .
ودعا بانون أيضا الولايات المتحدة وحليفاتها فى شرق آسيا للوحدة لتقييد طموحات الصين "المخيفة"والجريئة" و"العالمية".
وبرسم صورة للصين كعدو متخيل استنادا الى تهديد الصين المصطنع ،فإن أجندة بانون واضحة : توحيد حليفات الولايات المتحدة وتقويض علاقات الصين مع جاراتها وتبرير الهيمنة الأمريكية .
وبما أن الدول الغربية لعبت مثل هذا الدور القيادى فى الاقتصاد والتكنولوجيا فى التاريخ الحديث، فإن كثيرا من سياسييهم يبدو انه تبلور لديهم إحساس بالتفوق كما يبدو أنهم غير راغبين فى التعامل مع دول غير غربية بعينها بشكل متساو .
وإن لديهم بعقلية الحرب الباردة موقفا متحيزا ضد السياسة والإيديولوجية والقيم الاشتراكية ويرون تنمية الصين بشكل خاطئ كتهديد .
بيد أن الصين أظهرت أنها تتبع دائما طريق التنمية السلمية ولم تسع أبدا إلى الهيمنة أو المشاركة فى التوسع .
وقد أظهر التاريخ أن تنمية الصين سوف تحقق فرصا أكثر للدول الأخرى وليس تهديدا .
وفى السنوات الخمسة الماضية أسهمت الصين بسلسلة من الخطط حول العلاقات الدولية والحوكمة العالمية والعولمة الاقتصادية والتعاون الأمنى فى إطار " بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية ".
وتترجم تلك الخطط الى عمل وبخاصة فيما يتعلق بالتعاون المفتوح فى إطار مبادرة الحزام والطريق .
ولاشىء يمكنه وقف نهضة الصين لكن الصين الصاعدة لن تصبح تهديدا للسلام والتنمية العالميتين . وسوف تواصل الصين بذل جهودها للإسهام فى التنمية العالمية و تدعيم النظام الدولى .
وبالإضافة إلى ذلك فإن الصين تسعى جاهدة كى تصبح الدول النامية مسموعة الكلمة من اجل تحسين نظام الحوكمة العالمية ضد الهيمنة والأحادية وسياسات القوة .
إن الوقت قد حان الآن للمعلقين والسياسيين لمواجهة الواقع والتخلى عن جنون العظمة والسعى لجذب الاهتمام والشوفينية التى فى غير محلها ووضع حد لعقلية تهديد الصين .