قال مسؤول في البيت الابيض مؤخرا، أن الرئيس الامريكي ترامب يدرس الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ومن المتوقع أن يصدر البيان هذا الاسبوع. وعلقت هيئة الإذاعة الكولومبية CBS، على أن هذا قد يكون تدبير بديل لتمديد تنفيذ الوعد الذي أطلقه ترامب خلال حملته الانتخابية ـــــ نقل السفارة الامريكية في إسرائيل من تل ابيب الى القدس. وعلق بعض المعلقين على أن هذا التدبير البديل قد يفسد مصداقية الولايات المتحدة أيضا، ويزيد من تفاقم التوترات في الشرق الأوسط. كما أشار معلقون أخرون الى ان هذا مجرد خطة وتدبير جيد من ترامب على غرار التعهد بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.
كيف يمكن تفادي نقل السفارة الامريكية الى القدس؟
وفقا للقانون الذي وقعه الرئيس الامريكي الاسبق بيل كلينتون في عام 1996، تلتزم الإدارة الأمريكية بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، واستمر في تمديد قرار الالتزام كل ستة أشهر الى أن تخلى عن هذا الاجراء الذي من شأنه تهديد مصالح الامن القومي الامريكي. وقد تصرف جميع الرؤساء الامريكيين بعد كلينتون وفقا للقانون. وبات قرار التفاوض الاسرائيلي الفلسطيني على وضع القدس اجماع جميع الرؤساء. كما وقع ترامب أيضا على تمديد هذا القرار في 31 مايو هذا العام، قبل الموعد النهائي، والذي ينتهي يوم 1 ديسمبر.
واجتمع بعضٌ من كبار مستشاري الأمن القومي للرئيس ترامب بالبيت الأبيض، يوم الإثنين الماضي/ 27 نوفمبر/ لمناقشة هذه المسألة مرة أخرى. وقالت صحيفة لوس انجليس تايمز ان ترامب طلب اجوبة تفصيلية على الاسئلة، وقال إنه لا يستطيع قبول تمديد نقل السفارة الامريكية الى القدس الى أجل غير مسمى. وطلب من فريق الخبراء الاستشاريين التوصل إلى بدائل للتخلي عن نقل السفارة الى القدس.
كما قال مسؤولون في البيت الابيض انه غير مستغرب من أن يعلن ترامب يوم الجمعة بيان التخلي عن نقل السفارة الامريكية إلى القدس. بيد أنهم حذرون من أن يتخذ الرئيس قرارات أخرى. ووفقاً لأشخاص مطلعين على الوضع، سيتم اصدار بيان تأجيل، لكن مع تصريحٍ رسمي بأنَّ الولايات المتحدة تعتبر القدس عاصمةً لإسرائيل. مضيفين، أن هذا الحل يعجب ترامب أكثر.
هل دق آخر المسمار أم لا؟
كشف مسؤول أمريكي عن أن الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المقبلة في نفس الوقت الذي يعلن فيه عن الاعتراف بالعاصمة الاسرائيلية أحد الخيارات الذي تفضله العديد من البلدان العربية. بيد أن ادارة ترامب لم تقدم حتى الآن أي التزام بـخطة "حل الدولتين". كما لم تؤكد ادارة ترامب أن الرئيس لم يتخذ اي قرار بشأن مسألة السفارة.
ويعتقد بعض المحللين أن نقل السفارة الامريكية الى القدس قد يثير احتجاجات واسعة النطاق في الشرق الاوسط ويقوض عملية السلام العربية الاسرائيلية التي يقودها صهر ترامب. وقد ساعد وعد ترامب بتنفيذ نقل السفارة على كسب دعم القوة الموالية لإسرائيل خلال حملته الانتخابية. ولكن بصفته رئيسا، يواجه ضغوطات قوية من حلفائه العرب أيضا، مثل ملك المملكة الأردنية الهاشمية عبد الله الثاني، الذي جعل ترامب في وقت سابق من هذا العام يدرك مدى خطورة تخلى الولايات المتحدة عن التوازن الدقيق في قضية المدينة المقدسة.
تنبيه أمني للمؤسسات الأمريكية المقيمة في الخارج
علقت هيئة الإذاعة الكولومبية CBS على أن التفكير عن بديل تأجيل عملية نقل السفارة لن يغير الوضع بشكل جذري. وفي الوقت نفسه، سيقوض مصداقية الولايات المتحدة بشأن قضية السلام في الشرق الأوسط أيضا. ومن ناحية اخرى، سيثير مشاعر معادية للولايات المتحدة مما يسبب توترات واضطرابات في الشرق الاوسط. كما ستغضب المملكة العربية السعودية حليف الاكثر ودية للولايات المتحدة في الشرق الاوسط. وقال الباحث الأمريكي في مركز وودرو ويلسون الدولي والمستشار السابق لعدد من وزراء الخارجية الأمريكية، آرون ديفيد ميلر، أن نقل السفارة الامريكية الى القدس سيقوض الصداقة بين ترامب ومحمد بن سلمان ولي العهد السعودي. وأن هذه الخطوة ستكون أغبى خطوة تتخذها الإدارة الامريكية الحالية في الشرق الأوسط. وتساءل:" لماذا الآن؟ لن يحقق أي مصلحة لصالح الامن القومي للولايات المتحدة".
من جانبها، ذكرت وسائل الاعلام الامريكية أن وزارة الخارجية الأمريكي، ووزير خارجيتها ريكس تيلرسون يعارضان قرار اعتراف ترامب. كما أعرب وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، عن قلقه إزاء الوضع الأمني للقوات الأمريكية والدبلوماسيين في الشرق الأوسط والدول الإسلامية. وأكد ثلاثة مسؤولين أمريكيين أنه كتدبير احترازي، أصدرت الحكومة إنذارا بشأن سلامة المؤسسات الدبلوماسية في الدول الإسلامية يوم الأربعاء.
واشار الخبراء في القانون الدولي الى ان هناك أيضا مخاطرة قانونية في الاجراء الامريكي. وأن الاعتراف بالقدس عاصمة اسرائيل في غياب اتفاق السلام، قد ينتهك قرار مجلس الأمن ذات الصلة بـ"عدم وجود سيادة إسرائيلية على مدينة القدس". ومع ذلك، يرى بعض الخبراء أن ترامب ينتهج خطة جيدة، كما فعل مع الاتفاق النووي الإيراني. وقد أضاف ترامب في أكتوبر الماضي بعد أن تعهد بالانسحاب ان الاتفاق "لم يعد في المصلحة الوطنية للولايات المتحدة". ومع ذلك، لم يفرض أي عقوبات جديدة أو اتخاذ اي تدابير أخرى، وإنما ساعد على حصول الحكومة على المزيد من حرية المناورة.