واشنطن 13 أكتوبر 2017 /في آخر محاولة له للمضي قدما بتنفيذ تعهداته خلال حملته الانتخابية ، وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة، صفعة للاتفاق النووي مع إيران، دون أن يلغيه.
قال ترامب في البيت الأبيض ، وهو يكشف عن استراتيجية إدارته الجديدة تجاه إيران "أعلن اليوم أننا لا نستطيع ولن نعمل هذه المصادقة(على التزام إيران بالاتفاق النووي)".
عدم المصادقة لا يعني انسحاب الولايات المتحدة فورا من الاتفاق النووي مع إيران، ولكنه سيفتح نافذة لستين يوما قد يقوم خلالها الكونغرس الأمريكي بفرض عقوبات على إيران تتعلق بالملف النووي، وهي خطوة ستعني انتهاك الاتفاق من جانب الولايات المتحدة.
وخلال حديثه يوم الجمعة، وصف ترامب الاتفاق النووي مع إيران، وهو معروف أيضا بخطة العمل المشتركة الشاملة بأنه "أسوأ صفقة من جانب واحد دخلتها الولايات المتحدة في تاريخها"، واتهم إيران بارتكاب "عدة انتهاكات للاتفاق " و "عدم احترام روح الاتفاق".
إن اتهاماته لإيران بانتهاك الاتفاق تظهر متناقضة مع تصريحات أدلى بها وزير خارجيته ريكس تيليرسون الذي قال سابقا إنه وفقا لهذا الاتفاق لا يمكن للولايات المتحدة أن تنفي أن إيران "ملتزمة من الناحية الفنية".
وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي وكالة أممية مكلفة بمراقبة نشاطات إيران النووية، قد صادقت 8 مرات في الفترة السابقة، على أن إيران ملتزمة بالاتفاق النووي.
ورغم انتقاداته لإيران ولبرنامجها النووي، لم يعلن ترامب يوم الجمعة تخليه عن الاتفاق النووي.
وبدلا من ذلك قال إنه وجه إدارته للعمل مع الكونغرس وحلفاء الولايات المتحدة، لمعالجة "أوجه القصور الخطيرة المتعددة في الاتفاق"، ومنها "المراقبة غير الكافية، والصمت شبه التام من إيران حول برامجها الصاروخية".
وفي حال فشل هذه الجهود، حذر ترامب من أنه "عندها سيتم إلغاء الاتفاق (النووي مع إيران)".
وقال "مشاركتنا يمكن إلغاؤها من قبلي، كرئيس، في أي وقت".
وسوية مع إعلانه يوم الجمعة عدم التصديق على التزام إيران بالاتفاق النووي، كشف ترامب أيضا عن استراتيجية أكثر تشددا ضد إيران، تتضمن عقوبات جديدة، لاسيما على الحرس الثوري للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وقال "لقد فوضت وزارة الخزانة بفرض المزيد من العقوبات على كامل الحرس الثوري، لدعمه للإرهاب ، وفرض عقوبات على مسئوليه ووكلائه والتابعين له."
الجزء الآخر من الاستراتيجية الجديدة لإدارة ترامب ضد إيران، شملت برنامج الصواريخ الباليستية لإيران ، والتي لم تشمل بالاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه عام 2015.
هذا الإعلان من قبل ترامب، أثار موجة من الانتقادات من داخل الولايات المتحدة وكذلك من خارجها.
وفور الإعلان مباشرة، صرح جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي السابق، بأن قرار عدم مصادقة ترامب على التزام إيران، سيعني "عزلة" للولايات المتحدة.
وأضاف أن "التصرف الأحادي الجانب لوضع الاتفاق في خطر، لن يعزل إيران، بل يضعنا نحن في عزلة".
من جانبهم، عبر قادة الاتحاد الأوروبي عن التزامهم بالاتفاق النووي مع إيران والتطبيق الكامل له من قبل كافة الأطراف ، رغم قرار ترامب بعدم المصادقة على التزام إيران.
وفي بيان مشترك، قال قادة من فرنسا وألمانيا وبريطانيا، إنهم قلقون من التداعيات المحتملة لقرار ترامب، مطالبين الإدارة الأمريكية والكونغرس بالتفكير مليا بعواقب ذلك على أمن الولايات المتحدة وحلفائها "قبل اتخاذ أي خطوات قد تهدد خطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي)، مثل إعادة فرض العقوبات على إيران بعد أن رُفعت وفقا للاتفاق .
في الوقت نفسه، وفي يوم الجمعة، جددت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن إيران ظلت ملتزمة بتنفيذ الاتفاق ، في ظل نظام دقيق للمراقبة والتحقق.
وقال يوكيا أمانو، مدير الوكالة، إن إيران متعاونة مع الوكالة لتطبيق الالتزامات التي تعهدت بها طهران.
وأضاف أمانو "إيران تطبق تماما البروتوكول الإضافي لاتفاق الضمانات الشامل مع الوكالة، وهو أداة تحقق قوية تعطي مفتشينا حرية الوصول الواسع للمعلومات والمواقع بإيران".
ويبقى من غير الواضح إلى أين سيمضي الاتفاق النووي هذا، ولكن الخبراء يحذرون من أن قرار ترامب قد تكون له تداعيات خطيرة، وقد يعطي إيران "مبررا للخروج من الاتفاق ".
ووفقا للخبير المخضرم داريل ويست، من معهد بروكينجز، فإنه إذا انسحبت الولايات المتحدة في النهاية من هذا الاتفاق ، فالنتائج ستكون "كارثية" على الشرق الأوسط ، لأنها ستزيد عوامل عدم الاستقرار بالمنطقة وتخلق قلقا بين دول الإقليم .
وأضاف ويست أنه بالرغم من أن الاتفاق غير مثالي، ولكن هناك نقاطا إيجابية مثل كبح نشاطات إيران، وستكون "خطوة قصيرة النظر من جانب ترامب"، لعدم تصديقه على الالتزام بالاتفاق .
وأشار ويست إلى أن هذه الخطوة ستزيد من التوترات التي تواجهها الولايات المتحدة أصلا .
وقال "إذا فشل هذا الاتفاق ، فسيواجه ترامب أزمة ليس مع كوريا الشمالية فحسب، بل مع إيران أيضا"، مستخدما اسم "كوريا الشمالية "وهو تعبير غالبا ما تستخدمه الإدارة الأمريكية للإشارة إلى جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية.
حاليا، هناك توترات متفاقمة بين واشنطن وبيونغ يانغ بسبب برنامج الأسلحة النووية للثانية، وتتبادل العاصمتان لهجة اتهامات حادة تتصاعد على مر الأيام والأسابيع الماضية.
يذكر أن الاتفاق النووي مع إيران قد تم التوصل إليه في يوليو عام 2015، بين إيران و6 دول هي بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة، إضافة إلى ألمانيا. وحتى الآن ، يسهم هذا الاتفاق في تهدئة أزمة إيران النووية، ويعزز النظام الدولي لكبح الانتشار النووي.
ووفقا لقانون مراجعة الاتفاق النووي مع إيران، والذي صادق عليه الكونغرس الأمريكي عام 2015، يتعين على إدارة ترامب أن تصادق للكونغرس على التزام إيران بهذا الاتفاق كل 90 يوما .
ok