رام الله/غزة 3 أغسطس 2017 / في خضم زيادة التوتر بين حركتي التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) والمقاومة الإسلامية (حماس) وإصرار كل منهما على مواقفه أطلقت أكثر من 200 شخصية فلسطينية مستقلة اليوم (الخميس) مبادرة جديدة لإنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي.
وجاءت المبادرة التي أطلق عليها (النداء القدس) للمصالحة، بدعوة من حملة (وطنيون لإنهاء الانقسام) التي تضم شخصيات فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ودعا بيان صدر عن الحملة وتلته السياسية الفلسطينية زهيرة كمال خلال مؤتمر صحفي بمدينة رام الله بالضفة الغربية حركة حماس إلى حل اللجنة الادارية التي شكلتها في قطاع غزة بشكل فوري، وبالتزامن مع ذلك دعت السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس الذي يتزعم حركة فتح إلى إلغاء كافة القرارات والإجراءات الإدارية والمالية التي تم اتخاذها تجاه القطاع.
وطالب البيان الرئيس عباس، بالبدء الفوري في إجراء مشاورات مع القوى والكتل البرلمانية والشخصيات المستقلة لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
واعتبر أن مهمة الحكومة الرئيسية التي سيتم تشكيلها "تعزيز صمود الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس ورفع الحصار عن قطاع غزة وتوحيد مؤسسات السلطة الفلسطينية ودعم المقاومة الشعبية والتحضير للانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية".
ودعا البيان رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون، إلى توجيه الدعوة العاجلة لعقد اجتماع اللجنة التحضيرية للمجلس لاستئناف عملها وضمان مشاركة كافة القوى في صنع القرار الوطني وتحمل مسؤوليتها الوطنية داخل هيئات الوطنية الجامعة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وإقرار إجراء الانتخابات العامة "الرئاسة والمجلسين الوطني والتشريعي" خلال فترة زمنية لا تتجاوز عام.
وحث على "توحيد الجهد الوطني في الوطن والشتات ودعم واسناد المقاومة الشعبية ضد الاحتلال ومخططاته التوسعية وعدوانه والتأكيد على استمرار ووقف كافة الاتصالات وخاصة التنسيق الأمني مع إسرائيل".
ودعا البيان الشعب الفلسطيني وقواه الحية في الوطن والشتات، إلى الانخراط والمشاركة في أوسع حراك شعبي وجماهيري للضغط لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة.
وقال عضو الحملة جمال زقوت في كلمة له خلال المؤتمر، إن نداء الشخصيات المستقلة جاء بعد جهد كبير قامت فيه في الضفة الغربية وقطاع غزة، لافتا إلى أن أكثر من 200 شخصية سياسية وبرلمانية وممثلي المجتمع المدني بما فيه شخصيات مقدسية وقع عليه.
وأضاف زقوت، أن ما ورد في النداء "يشكل إرادة شعبية عارمة ورأي الأغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني وقواه السياسية"، معربا عن أمله بأن يتم التعاطي مع النداء بشكل إيجابي وكما هو.
وأشار إلى أن النداء تم ارساله إلى الزعنون، وعباس، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية لمتابعة المطلوب منهم بحسب النداء.
وشدد زقوت، على ضرورة وضع صفحة الانقسام المأساوية جانبا نحو وحدة وطنية راسخة تضم الجميع على اساس الشراكة الوطنية والقيادة الموحدة لكل المصير الوطني الفلسطيني.
ورد المتحدث باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع على المبادرة قائلا لوكالة انباء ((شينخوا))، "نحن مع أي مبادرة تعزز موقف الحركة وتعمل على إنهاء وضع قطاع غزة، مع العلم أننا لسنا بحاجة إلى مزيد من المبادرات بقدر ما نحن بحاجة إلى تطبيق ما تم الاتفاق عليه .. اتفاق الشاطئ والدوحة والقاهرة".
واعتبر القانوع أن ما تطالب به حماس منذ فترة بأن تتحمل حكومة الوفاق مسؤولياتها في قطاع غزة أو أن يتم تشكيل حكومة فلسطينية والشروع في ترتيب اجراء انتخابات رئاسة وتشريعية موحدة طبيعيا.
وأضاف أن حل اللجنة الإدارية التي شكلتها حركة حماس لإدارة شؤون قطاع غزة ومطالبة السلطة الفلسطينية بذلك لتتمكن حكومة الوفاق من ممارسة عملها في القطاع "سيتم عندما تتسلم الحكومة مسؤولياتها وتقوم بواجباتها في غزة".
وأردف أن حركته "لا تريد أن يكون هناك فراغ وشغور في الوزارات والمؤسسات الحكومية حال تم حل اللجنة الوزارية قبل تسلم الحكومة مهامها".
وتابع القانوع "موقفنا واضح وهو أن تشكيل اللجنة للقيام بمهام طارئة ومؤقتة في حال تسلمت حكومة الوفاق مهامها ستنتهي مهام اللجنة الإدارية وعملها ".
وصادقت كتلة حماس في المجلس التشريعي على تشكيل "لجنة عليا" لإدارة قطاع غزة، وأعلنت أنها ستظل تعمل ما دام الانقسام (الفلسطيني) قائما وانها ستنهي عملها حينما تقوم حكومة الوفاق بمهامها تجاه القطاع.
وردا على ذلك أعلن عباس في أبريل الماضي، أنه بصدد اتخاذ "خطوات صعبة وغير مسبوقة" بشأن استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي منذ سيطرة حماس على قطاع غزة منتصف عام 2007.
وتتهم حكومة الوفاق التي تشكلت بموجب اتفاق للمصالحة عام 2014 حركة حماس بعدم تمكينها من إدارة قطاع غزة والإبقاء على حكومة ظل تديرها، فيما تشتكى الحركة من "إهمال" الحكومة لمسؤولياتها في القطاع وعدم حل أزماته المتفاقمة.
وفي وقت سابق اليوم أعلنت حركة حماس استعدادها لإنهاء اللجنة الإدارية التي شكلتها فور استلام حكومة الوفاق الفلسطينية مسؤولياتها كافة في قطاع غزة وعلى رأس هذه المهام استيعاب وتسكين كل الموظفين القائمين على رأس أعمالهم.
كما طالبت الحركة في بيان صحفي لها، "بالإلغاء الفوري لكل الإجراءات التي فرضت على غزة بحجة تشكيل اللجنة الإدارية الحكومية".
ودعت الحركة إلى الشروع الفوري في حوار وطني ومشاورات لتشكيل حكومة وحدة وطنية بالإضافة إلى تفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني بالتوافق لأداء مهامه المنوطة به.
كما طالبت الحركة، بالتحضير لانتخابات تشريعية ورئاسية وانتخابات المجلس الوطني وعقد اجتماع فوري للإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير لاتخاذ القرارات الوطنية الملزمة للجميع رائدنا فيها المصلحة العليا للشعب الفلسطيني.
ورفضت حركة فتح على لسان أمين سر مجلسها الثوري ماجد الفتياني "اشتراطات" حركة حماس لحل اللجنة الإدارية.
وقال الفتياني لـ ((شينخوا)) "يجب أن لا تكون هناك أية اشتراطات بوجه المصالحة الفلسطينية وإنهاء هذه الحالة الشاذة التي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ 11 عاما".
واتهم الفتياني حماس "بمحاولة كسب الوقت لتعطيل المصالحة تحت مسميات كثيرة منها الموظفين، واللجنة الإدارية وغيرها".
وقال المطلوب هو" الإعلان عن حل اللجنة الإدارية التي شكلتها حماس وتمكين حكومة الوفاق من العمل في قطاع غزة بمطلق الحرية وفقا للنظام والقانون عندها نستطيع محاسبتها سواء على الموظفين الذين عينتهم حركة حماس أو موظفي السلطة الفلسطينية الذين يعانون في قطاع غزة".
وبشأن المبادرات التي يتم إطلاقها لإنهاء الانقسام الفلسطيني قال الفتياني "لسنا بحاجة لمبادرات جديدة، وإذا أردنا الحديث عن اتفاقيات فإننا عقدنا العشرات من اللقاءات والاتفاقيات، ولكن للاسف لم تلتزم حماس بأي منها لأنها تريد تحقيق إنجاز حزبي".
ومنذ الانقسام الفلسطيني الذي بدأ عام 2007 إثر سيطرة حركة حماس بالقوة على قطاع غزة إثر جولات من القتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية بزعامة حركة فتح وقعت الحركتان اتفاق القاهرة في عام 2011، واتفاق الدوحة عام 2012 واتفاق مخيم (الشاطئ) في غزة عام 2014، وقبل وقوع الانقسام تم التوقيع على اتفاقيتين الأولى في القاهرة عام 2005، والثانية في مكة عام 2007.