حمت أساليب معالجة التصحر الفعالة طرقا وسكك حديد ومدنا وأبناءها في الصين وأسهمت في دفع تنمية الاقتصاد في البلاد ، بينما تدرس كثير من المناطق في العالم هذه الأساليب الصينية المميزة.
فقد أنجزت الصين بناء أطول طريق سريع عبر الصحراء في العالم مؤخرا، يبلغ طوله 930 كيلومترا، وهو جزء من طريق (بكين - شينجيانغ) السريع الذي يصل إجمالي طوله إلى 2540 كيلومترا وسيقلص طول الرحلة بين بكين ومدينة أورومتشي حاضرة منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم بنحو 1300 كيلومتر. بالإضافة إلى تكنولوجيا بناء الطريق، تعد أساليب مكافحة التصحر حاسمة في عملية بناء هذا الطريق الذي يمر بثلاث صحارى، وهي (أولان بوه، تنغر، بادان جاران)، وخاصة في صحراء بادان جاران التي تبلغ سرعة تحرك الرمال المتوسطة فيها 18 مترا لكل سنة.
ومن أجل منع غرق الطريق بالرمال، ملأ العمال أكياسا بطول مترين وعرض 20 سنتيمترا بالرمال، ثم وضعوها على جانبي الطريق لتشكيل شبكات مانعة لتقدم الرمال، كما تم وضع القش في هذه الأكياس ، الأمر الذي لا يخفض سرعة الرياح فقط، وإنما يحجز الرمال المحمولة بالرياح في الشبكات أيضا.
وقال تشانغ كه تشي وعمره 70 عاما، والذي عمل في مزرعة الغابات لتثبيت الرمال بمدينة تشونغوي في منطقة نينغشيا التابعة لمكتب سكك حديد لانتشو قبل 50 سنة إنه عندما بدأ تشغيل السكة الحديدية بين مدينة باوتو ومدينة لانتشو عام 1958، والتي ربطت شمالي الصين بشمال غربها، ومرّ 55 كيلومترا منها بصحراء تنغقهلي في منطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي، توقع خبراء من الاتحاد السوفييتي شاركوا في البناء أنها ستغرق بالرمال خلال 30 سنة على الأكثر.
وأضاف تشانغ أن القطارات توقفت دائما بسبب إغراق الرمال السكة الحديدية في ذلك الوقت. وبعد البحوث والاختبارات العديدة، حاول العلماء والشعب صنع شبكات العشب والقش على جانبي السكة الحديدية لمنع الرمال المتحركة، ما جعل طريق السكة الحديدية سالكا دائما حتى الآن .
وفي مؤتمر مواجهة العواصف الرملية الدولي الذي أقيم في العاصمة الايرانية طهران في أوائل يوليو الجاري، قال نائب الأمين العام للأمم المتحدة، المدير التنفيذي لبرنامج الامم المتحدة للبيئة اريك سولهايم : إن التجارب الصينية في مكافحة التصحر ومعالجته ستقدم فوائد للعالم، وثمن عاليا الاستكشاف والمحاولة الصينية في معالجة التصحر والوقاية من العواصف الرملية.
وأشار سولهايم إلى أن التجارب الصينية في مكافحة التصحر ستنتشر إلى افريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية مع تطور بناء "الحزام والطريق" لتنفع الشعوب في الدول والمناطق التي تعاني من التصحر.
وأقيمت دورات تدريبية دولية لمعالجة التصحر برعاية وزارة التجارة الصينية في عدة سنوات في مقاطعة قانسو ومنطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي. وقد شارك أكثر من 220 شخصا من هيئات زراعة وري من الدول العربية في دورات معالجة التصحر الخاصة للدول العربية التي أقيمت 9 مرات منذ عام 2006.
وأنشأت وزارة حماية البيئة وبرنامج الامم المتحدة للبيئة عصبة الأمم للتنمية الخضراء لـ "الحزام والطريق" في مايو الماضي بهدف تقديم التجارب في المعالجة الايكولوجية ومكافحة التصحر للدول التي تواجه التصحر واستغلال طاقة الرياح والشمس وغيرها من أنواع الطاقة النظيفة.
وفي نفس الوقت، بدأ مشروع " تحقيق سمات المجموعات النباتية الرئيسية في الصحارى الصينية" بدعم وزارة العلوم والتكنولوجيا في يونيو الماضي من أجل تقديم المعلومات العلمية لمعالجة التصحر وحماية الموارد البيولوجية واستغلالها المستدام.
وسيقام المؤتمر الـ 13 لأطراف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في منطقة منغوليا الداخلية ذاتية الحكم بشمالي الصين في سبتمبر القادم حيث سيناقش ممثلون من 195 جهة خطة عالمية لمكافحة التصحر.