الدوحة 21 يوليو 2017 /أعلن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مساء اليوم (الجمعة) أن بلاده جاهزة للحوار مع الدول التي تقاطعها دبلوماسيا والتوصل إلى تسويات في القضايا الخلافية، شريطة احترام سيادة الدول وعدم فرض إملاءات من طرف على آخر.
وقال أمير قطر في خطاب متلفز ألقاه مساء اليوم وبثته وسائل الإعلام المرئية القطرية، هو أول خطاب له منذ بدء الأزمة الخليجية، " إننا منفتحون على الحوار لإيجاد حلول للمشاكل العالقة".
وأضاف أن " ذلك ليس فقط في صالح دولنا وشعوبنا، وإنما أيضا لتوفير الجهود العبثية التي تبددها دول في الكيد للأشقاء على الساحة الدولية، عسى أن تستثمر هذه الجهود في خدمة قضايا الأمة"، في إشارة إلى ما تقوم به الدول الأربع التي تقاطع بلاده.
وتابع "إن أي حل للأزمة يجب أن يقوم على مبدأين، أولا أن يكون الحل في إطار احترام سيادة كل دولة وإرادتها. وثانيا، أن لا يوضع في صيغة إملاءات من طرف على طرف، بل كتعهدات متبادلة والتزامات مشتركة ملزمة للجميع".
وأكد الشيخ تميم " نحن جاهزون للحوار والتوصل إلى تسويات في القضايا الخلافية كافة في هذا الإطار".
وذكر أن المؤسسات الغربية السياسية والمدنية والإعلامية ترفض الإملاءات مثلما ترفضها بلاده وهو ما تبين من رد الفعل الدولي على الشروط التي حاولت الدول الأربع فرضها على قطر " ولاسيما التحكم بعلاقاتنا الخارجية وتحديد استقلالية سياستنا وإغلاق وسائل الإعلام والتحكم بحرية التعبير في بلادنا".
وقال "لقد حاولوا المس بمبدأين ضحت من أجلهما الإنسانية جمعاء، أولا مبدأ سيادة الدول وإرادتها المستقلة، وثانيا حرية التعبير والحق في الوصول إلى المعلومة"، معتبرا أن احتكار المعلومة هو الذي كسرته قطر بالثورة الإعلامية التي أحدثتها ولم يعد ممكنا العودة إلى الخلف، حسب تعبيره.
وفيما يخص تهمة الإرهاب الموجهة من الدول الأربع لبلاده، أكد الشيخ تميم أن بلاده "تكافح الإرهاب بلا هوادة ودون حلول وسط"، لافتا إلى أن هناك اعترافا دوليا بدور قطر في هذا المضمار.
وشدد على أن قطر "تفعل هذا ليس لأنها تريد أن ترضي به أحدا في الشرق أو الغرب، بل لأنها تعتبر الإرهاب، بمعنى الاعتداء على المدنيين الأبرياء لغايات سياسية، جريمة بشعة ضد الإنسانية ولأنها ترى أن القضايا العربية العادلة تتضرر من الإرهاب، فهو يمس بالعرب والإسلام والمسلمين".
وأفاد بوجود اختلاف مع البعض بشأن مصادر الإرهاب، إذ ترى بلاده أن الدين ليس مصدر الإرهاب وإنما أيديولوجيات متطرفة دينية وعلمانية، مشيرا إلى أن هذه الأيديولوجيات المتطرفة تصبح مصدرا للإرهاب فقط في بيئة سياسية اجتماعية تنتج اليأس والإحباط.
كما أقر بوجود خلافات مع بعض دول مجلس التعاون بشأن السياسة الخارجية لبلاده، مضيفا " ونحن أيضا بدورنا لا نتفق مع السياسة الخارجية لبعض الدول الأعضاء في مجلس التعاون، ولاسيما في الموقف من تطلعات الشعوب العربية، والوقوف مع القضايا العادلة، والتمييز بين المقاومة المشروعة للاحتلال وبين الإرهاب، وغيرها من القضايا".
لكنه استطرد مؤكدا " لكننا لا نحاول أن نفرض رأينا على أحد، ولم نعتقد يوما أن هذه الخلافات تفسد للود قضية، فثمة أمور مشتركة كثيرة هي الأسباب التي من أجلها أقيمت هذه المنظمة الإقليمية".
ودعا الأمير إلى وقف تحميل الشعوب ثمن الخلافات السياسية بين الحكومات، مستشهدا بما حدث للقطريين من طرد وضرر من قبل الدول المقاطعة، وشدد على أن أي حل لهذه الأزمة في المستقبل يجب أن يشمل ترتيبات تضمن عدم العودة إلى هذا الأسلوب الانتقامي في التعامل مع المواطنين عند حدوث خلاف سياسي بين الحكومات.
على الصعيد المحلي، أكد الشيخ تميم أن الحياة في قطر تسير بشكل طبيعي منذ بداية "الحصار"، بفضل نجاعة معالجة الحكومة ومؤسسات الدولة للأزمة بتوفير كافة احتياجات السكان، مشيدا بموقف الشعب القطري وتضامنه مع قيادته والمستوى الأخلاقي الرفيع الذي تمتع به "مقابل حملة التحريض والحصار" التي تعرض لها.
وقال "لقد ساعدتنا هذه الأزمة في تشخيص النواقص والعثرات أمام تحديد شخصية قطر الوطنية، السياسية والاقتصادية، المستقلة، وفي اتخاذ القرار بالتغلب على هذه العقبات وتجاوزها".
وذكر أنه وجه الحكومة للقيام بكل ما يلزم لتحقيق هذه الرؤية، بما في ذلك الانفتاح الاقتصادي وإزالة العوائق أمام الاستثمار ومنع الاحتكار والاستثمار في التنمية وتخصيص عائدات الغاز من الاكتشافات الجديدة للاستثمار من أجل الأجيال القادمة والعمل على الساحة الدولية لتعميق التعاون الثنائي والتوصل إلى اتفاقيات ثنائية بين قطر والدول الأخرى.
وثمن جهود الوساطة التي يقوم بها أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح التي قال إن قطر دعمتها منذ البداية، معربا عن أمله أن تكلل جهوده بالنجاح.
كما عبر عن تقديره للمساندة الأمريكية لهذه الوساطة، وكذلك المواقف البناءة لكل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وأوروبا عموما وروسيا، مثنيا على الدور التركي في إقرار اتفاقية التعاون الاستراتيجي الموقعة بين البلدين والمباشرة في تنفيذها، والاستجابة الفورية لتلبية احتياجات السوق القطرية، وعلى كل من فتح أجوائه ومياهه الإقليمية لقطر "حين أغلقها الأشقاء".
واختتم حديثه بالتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني لاسيما سكان القدس، واستنكار إغلاق المسجد الأقصى، معربا عن أمله بأن يكون ما تتعرض له القدس حافزا للوحدة والتضامن بدلا من الانقسام.