قوبل الحادث الإرهابي الذي تعرضت له مؤخرا بعض نقاط التمركز جنوب مدينة رفح بشمال سيناء وأسفر عن مقتل وإصابة 26 فردا من القوات المسلحة المصرية وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنه، بإدانات شعبية وعربية وعالمية واسعة.
وقد أعربت الصين على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها قنغ شوانغ يوم الاثنين عن إدانتها الشديدة لهذا الهجوم الإرهابي البغيض،مؤكدة معارضتها للإرهاب بجميع أشكاله وتأييدها بحزم لجهود مصر في مكافحة الإرهاب والحفاظ على أمنها واستقرارها.
ــ جهود مصرية فعالة في مكافحة الإرهاب
وفي هذا السياق، ثمن خبراء صينيون الجهود الفعالة التي تبذلها مصر في مكافحة الإرهاب والدور الذي تلعبه في التصدي لهذه الآفة، مشيرين إلى أنها حققت نتائج ملموسة في هذا الصدد.
وحسب الإحصاءات الرسمية، فخلال عام ونصف العام منذ بدء تنفيذ عمليات حق الشهيد، تمكنت قوات الجيش المصري من تحقيق هدفين ساعدا علي خفض معدل العمليات الإرهابية (التي وصلت إلى 6 عمليات إرهابية خلال النصف الأول من العام الجاري في سيناء وما يقرب من 25عملية إرهابية على مستوي الجمهورية( مقارنة بنفس الفترة من عام 2015 والتي شهدت 532 عملية إرهابية علي مستوي الجمهورية منها ما يقرب من 120عملية إرهابية في سيناء.
وقال أحمد كامل البحيري الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية "هذا انخفاض كبير في عدد العمليات الإرهابية في مصر عموما وسيناء خصوصا وذلك نتيجة لضعف بنية التنظيم الإرهابي ونجاح العمليات العسكرية للجيش المصري منذ بدء عملية حق الشهيد".
وشاطره الرأي ما شياو لين الخبير الصيني المخضرم في شؤون الشرق الأوسط، قائلا إن هذه الإحصاءات تتوافق مع ما يقوم به من عمليات رصد وتحليل، واصفا إياها بأنها "موضوعية ومنطقية"، مضيفا "واستنادا إلى ذلك أقول للآخرين إن نسبة وقوع اعتداءات إرهابية محتملة في مصر أقل منه في أوروبا وإن السفر إلى مصر أكثر أمانا من السفر إلى بريطانيا وفرنسا".
ومن جانبه أوضح وو يي هونغ الباحث بمركز الدراسات العالمية التابع لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن مصر تولي اهتماما بالغا بمكافحة الإرهاب في السنوات الأخيرة وهذا يلقى تقديرا من المجتمع الدولي، لافتا في الوقت نفسه إلى أن وقوع هذا الهجوم وسط الإجراءات والجهود المكثفة التي يبذلها الجيش المصري للتصدي للإرهاب يبين أن سيناء مازالت تواجه تهديدات إرهابية كبيرة.
ــ إظهار الوجود... دافع هجوم رفح الإرهابي
وأشار الباحث المصري البحيري إلى أن هناك عددا من الأهداف سعيت المجموعات الإرهابية لتحقيقها من خلال العملية الإرهابية التي وقعت في مدينة رفح: أولها يكمن في طبيعة المستهدف، إذ تعد تلك النقطة الأمنية ارتكازا أمنيا يقع علي تبة تكشف كافة ممرات وطرق الربط بين قري المنطقة وتقوم بالحد من تنقل العناصر الإرهابية فيما بينها.
وثانيها أن المجموعات الإرهابية تسعى من هذه العملية إلي إدعاء أنها لا تزال تمتلك القدرة القتالية في ظل الخسائر الفادحة التي تكبدتها علي يد الجيش المصري منذ بدء عمليات حق الشهيد، حيث نجح الجيش المصري في تصفية وقتل العديد من قيادات تنظيم بيت المقدس وهو ما انعكس على إضعاف بنية التنظيم وزيادة هشاشة قدراته.
وثالثها أن تحرير الموصل في العراق من تنظيم داعش، وفقدان هذا التنظيم لمساحات كبيرة من الأرض في سوريا، والهزائم الكبيرة التي أصابته هو وحلفائه في ليبيا خلال الأيام السابقة، دفعت داعش إلى فتح بؤر جديدة في بعض المناطق خارج منطقة ارتكازه الرئيسية التي يخسرها للفت انتباه وسائل الإعلام العالمية بعيدا عن انهيار قدرات التنظيم في سوريا والعراق مما يساعد علي تقليل الضغط النفسي على جمهوره ومحاولة إظهار أنه مازال يمتلك القدرة التنظيمية في الإقليم.
واتفق معه في الرأي الخبير المخضرم ما شياو لين، وهو أستاذ في كلية اللغة العربية بجامعة الدراسات الأجنبية ببكين، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن يشن تنظيم داعش هجمات انتقامية في المنطقة وحتى العالم بأسره بعد تعرضه لهزائم متواصلة في العراق وسوريا في محاولة لإظهار وجوده.
"كما أن موقع سيناء المتميز بتضاريسها الجغرافية الوعرة يزيد إلى حد ما من صعوبة رصد ومطاردة الإرهابيين والمتطرفين هناك"، حسبما ذكر ما شياو لين.
وأكد الأستاذ الصيني أن مصر تعد بمثابة حلقة هامة في منظومة الجهود العالمية لمكافحة الإرهاب وتتحمل عبئا كبيرا في هذا المجال،داعيا المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود مع القاهرة لمكافحة الإرهاب لكي تواصل مصر المضي قدما في النهوض بالاقتصاد القومي ودفع عجلة التنمية.
وفي هذا السياق، أشار وو يي هونغ إلى أن التنمية الاقتصادية هي الشرط الأساسي لمكافحة الإرهاب واجتثاثه من جذوره، مضيفا أن تركيز مصر حاليا على معالجة المشكلات المتعلقة بالتنمية الاقتصادية مثل البطالة سيسهم في تعزيز مساعيها لإبادة أفعى الإرهاب.
"وهذا يستلزم بالطبع مساندة المجتمع الدولي لمصر معنويا وماديا"، هكذا أكد وو يي هونغ.