بقلم وديان ليو
بكين 25 يونيو 2017 / شرع المسلمون في جميع أنحاء الصين والبالغ عددهم 22 مليونا في الاستعداد لاستقبال عيد الفطر المبارك حيث بدأوا إجازة العيد رسميا أمس السبت وسيحتفلون بأول أيام العيد غدا (الاثنين) الموافق الـ26 من يونيو الجاري. وفي الأعياد تحديدا تظهر مدى الألفة والمودة بين أبناء الجاليات العربية والأهالي في الصين حيث بات بينهم تقاربا وعلاقات وثيقة سواء في مجال العمل أو الدراسة، لذا فرغم الاغتراب عن الأوطان، إلا أن المسلمين العرب يشعرون إلى حد كبير وهم يقضون العيد في الصين بنفس ملامح وخصائص وأجواء العيد في بلدانهم ويعربون عن تقديرهم لاحترام الصينيين المسلمين منهم وغير المسلمين لحرية العقيدة الدينية ويعبرون عن تمنياتهم بمواصلة حياتهم وعملهم في الصين.
-- جمال أجواء عيد الفطر
بالنسبة للسيدة المصرية أسماء حامد علي الأستاذة في جامعة اللغات والثقافة ببكين، والتي يعد هذا عيد الفطر الـ11 لها في الصين، فتقول "أنا وصديقاتي من أبناء الجالية المصرية نتوجه في أول أيام عيد الفطر لأداء صلاة العيد ونتبادل التهاني مع الأهل والأصدقاء قبل الذهاب إلى أحد المطاعم الإسلامية في بكين للاحتفال بالعيد والاستمتاع ببهجته معا".
وأشارت إلى أنها تعودت على قضاء العيد في الصين رغم أن أجواءه هنا ليست كثيفة مثل وطنها مصر، معربة عن أملها في أن يعم السلام والوئام كل بلاد العالم وخاصة البلاد الإسلامية التي يعاني بعضها من حالة عدم الاستقرار وأن يتواصل تعزيز التعاون على المستويين الثقافي والتجاري وغيرهما من المجالات بين مصر والصين.
ومعبرا عن اندماجه في المجتمع الصيني، قال الطالب السوداني الوافد حسام عمر (27 عاما) المتخصص في دراسة علم المواد بجامعة دونغهوا في مدينة شانغهاي، إنه قد اعتاد أيضا على قضاء شهر رمضان وعيد الفطر مع أصدقائه الصينيين والعرب المقيمين بهذه المدينة وتكيف مع أجواء العيد في الصين بعد دراسته لمدة ثلاثة أعوام في هذه المدينة الصينية الجميلة التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة. "لا أجد أي صعوبة في أداء الصلاة وشراء المستلزمات الإسلامية اليومية في شانغهاي، إذ لا يستغرق الذهاب إلى أقرب مصلى من جامعتنا سوى عشر دقائق سيرا على الأقدام"، هكذا قال عمر، موضحا أن مدينة شانغهاي بها شارع خاص تباع فيه المستلزمات الإسلامية يطلق عليه اسم "تشهجيانغلو" شأنه شأن شارع الـ"نيوجيه" الذي يعتبر أكبر وأشهر المجمعات السكنية التي يقطنها المسلمون الصينيون في وسط العاصمة الصينية بكين، وهذا يسهل عليه أداء العبادات وشراء حاجاته اليومية.
ومن جانبه، قال مروان عقلان سعيد (38 عاما) المنحدر من مدينة تعز اليمنية والمقيم في الصين منذ 17 عاما ويدير أحد المطاعم فيها، قال إنه تعود على قضاء عيد الفطر في الصين، حيث يرى أنه لا يوجد فرق كبير بين قضاء العيد في بلاده والصين الذي يعتبرها بلده الثاني. "وفي منطقة شيشي التابعة لمدينة تشيوانتشو بجنوب شرقي الصين، التي أعيش فيها الآن ستة مطاعم تقدم أطعمة ذات مذاق عربي أصيل، وما إن كان يحين وقت الإفطار حتى يتجمع أصدقاؤنا الصينيون والعرب لتناول الطعام سويا، وهكذا سنفعل بعد أداء صلاة العيد غدا، فلا فرق كبير بالنسبة لأجواء رمضان وعيد الفطر بين البلدين"، هكذا قال مروان. -- حرية العقيدة مكفولة تماما
أما رجل الأعمال السوري الشاب عبد الناصر أحمد (24 عاما) الذي قدم إلى الصين قبل أربعة أعوام ، فيقول إن قضاء عيد الفطر المبارك مع أصدقائه الصينيين يذكره بالأيام الجميلة دائما. "أشعر دائما بأجواء الصداقة معهم رغم أنني أقيم وحدى هنا، فقد رافقوني طوال شهر رمضان حيث كنا دائما ما نتناول سويا وجبات الإفطار والسحور التي كنت أقوم بإعدادها بنفسي، والآن سنقضي أياما من عيد الفطر في التنزه وزيارة الحدائق معا".
وأشار عبد الناصر أيضا إلى أن حرية العقيدة مسألة تلقى احتراما وقبولا بين الصينيين، حيث قال إن "الصينيين غير المسلمين لا يعاملوننا بطريقة مختلفة، وعندما كان يعلم أحد منهم أني صائم يشعر بالخجل من أن يأكل أو يشرب أمامي، فيتوقف عن الأكل والشرب احتراما لي"، هكذا قال عبد الناصر عند حديثه عن تجربته خلال قضاء رمضان في الصين التي عمل في العديد من مدنها مثل إيوو وشيامن ونانجينغ قبل إقامته في تيانجين. واتفق الطالب حسام عمر معه في الرأي، لافتا إلى أن أصدقاءه الصينيين دائما ما يرسلون له رسائل التهاني بمناسبة الأعياد العربية والإسلامية ، ويسألونه عن تقاليد وعادات هذه الأعياد في بلاده لتعميق فهمهم للثقافات العربية والإسلامية .
وتابع بقوله "في يوم العيد، يسمح لي أساتذتي بأخذ إجازة حتى إذا كانت هناك محاضرات في ذلك اليوم، لكي أستمتع بأوقات جميلة مع أصدقائي المسلمين"، مشيرا إلى أنه يوجد في شانغهاي باعتبارها مدينة دولية سبعة مساجد رئيسية منتشرة في مختلف مناطقها، ودائما ما يرتادها في العيد زوار وسائحون مسلمون من مناطق أخرى مثل شمال غرب الصين وجنوب شرق آسيا وكذا البلدان العربية، ما يشعره بجمال الأجواء الاحتفالية في العيد."لا أحد يتدخل في صيامنا وصلواتنا، هذا ما أؤكده بعدما عشت هنا حوالي 20 عاما"، هكذا قال محمد عبد الإله اليمني المتخصص في تجارة المنسوجات بمدينة تشيوانتشو، مشيرا إلى مدينة تشيوانتشو يعيش فيها أيضا الكثير من البوذيين الذين يتعايش معهم في مودة، و"يمكن القول إن تشيوانتشو التي أقيم فيها الآن تعد شاهدا على التعايش الديني المتناغم حتى في كل أرجاء الصين".
-- الحياة المستقرة أكبر الأمنيات
"أكبر وأهم أمنياتي هي أن أواصل حياتي وعملي في الصين، إذ إن بلدي الثاني مستقر وآمن"، هكذا قال مروان عند حديثه عن أعظم أمنياته في عيد الفطر، معربا عن شعوره بالقلق إزاء الوضع في بلدته تعز. واستطرد مروان بنبرة تنم عن طموح، قائلا إنه لا يبالغ عندما يقول إنه يعتزم تحقيق إنجازات كبيرة في المستقبل لكنها تأتي في المرتبة ثانية بعد أن تنعم حياته بالأمن والاستقرار والتي تعد المسألة الأهم من وجهة نظره.
ومن جانبه، قال حسام عمر إنه يتمني الخير لكل أصدقائه وأقاربه، وخاصة أفراد عائلته البعيدين عنه في السودان ويشتاق إليهم دائما أثناء تواجده في الصين، مضيفا أنه يأمل في البقاء في الصين بعد التخرج من الجامعة والعثور على عمل مرض فيها حيث توجد في قطاعات عدة بالصين فرص عمل كثيرة يمكن أن تضمن له حياة مستقرة.
"ونتيجة استمرار الأزمة ، يعد قضاء العيد في بلادي سوريا مسألة في غاية الصعوبة وسط الغلاء الفاحش وقلة الموارد الغذائية"، هكذا قال الشاب السوري عبد الناصر الذي يباشر الآن أعمال تجارة الصابون الحلبي مع زملائه الصينيين في تيانجين، مشيرا إلى أن أكبر أمنياته هو أن تستقر حياته ويوفق في عمله بالصين."آمل أن تنعم بلدتي حلب يوما ما بالاستقرار"، هكذا قال عبد الناصر وهو يعبر عن شوقه الشديد إلى أهله في سوريا.