بقلم/تشونغ خو تاو، خبير في شؤون تايوان من الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية
إعلان رئيس بنما خوان كارلوس فاريلا يوم 13 يونيو الجاري إن بلاده قطعت العلاقات الدبلوماسية مع تايوان بعد أن أقامت علاقات رسمية مع الصين أثار دهشة وغرابة حكومة الجزيرة. وأثبت الواقع مرة أخرى، أن العلاقات عبر المضيق حجر الزاوية في العلاقات الخارجية لتايوان، وفقدان دعم العلاقات الجيدة عبر المضيق، سوف يجعل تايوان مهمشة على نحو متزايد على الساحة الدولية. ويبقى السبيل الوحيد أمام تساي لاختراق هذا المأزق هو تعديل السياسات عبر المضيق في وقت مبكر، وقبول " توافق 1992" ، دون أي طريقة أخرى.
تعتبر بنما وفاتيكان أهم حليفين لتايوان، وللفاتيكان رمزية دينية كبيرة، لكن المغزى الحقيقي لبنما أكبر، ما يجعل قطع بناما علاقاتها مع تايوان له تاثير نفسي أكبر على تساي.
أولا، قطع العلاقات الدبلوماسية دامت أكثر من مائة سنة
نشأت العلاقات الدبلوماسية بين بنما والصين في عهد أسرة تشينغ في وقت مبكر من عام 1910. وحافظت الدولتان على تعميق العلاقات بينهما بعد تأسيس جمهورية الصين. وبعد انسحاب تشيانغ كاي شيك الى جزيرة تايوان، سحب معه العلاقات مع تايوان إستمرت حتى يومنا هذا. وبالرغم من أن العلاقات بين بنما وتايوان شهدت حالة طوارئ خلال فترة لي تنغ هوي وتشن شوي بيان، ولكن في ظل المال الوفير تم الحفاظ على العلاقات على مضض في نهاية المطاف. وتعتبر بنما أهم حليف تضيعه تايوان بعد سنة من تولي تساي إينج-وين السلطة، ما جعل وسائل الاعلام المحلية تنتقد حكم تساي وتعلق على الحدث بأن قدرة تساي للإدارة "ضعيفة للغاية".
ثانيا، قطع العلاقات مباشرة بمثابة ضربة قوية
تعلق تساي أهمية كبرى في العلاقات مع بنما، فبعد شهر من توليها السلطة في يونيو 2016 ترأست فريقا رفيعا في الزيارة الى بنما، بهدف الحفاظ على العلاقات الهشة معا. وبعد أكثر من عام وفي الوقت المناسب، عملت تساي على توطيد العلاقات بين تايوان وبنما من خلال الاستثمار في بنما والمساعدة والدعم التقني وغيرها من الوسائل الاخرى. ومما لا شك فيه، فإن قطع بنما علاقاتها مباشرة مع تايوان بمثابة افلاس كامل لادارة تساي.
ما يجعل تساي تترك السلطة بحرج هو أن غامبيا وساو تومي وبرينسيبي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان سابقا انتهجت منهج صعب تتقبله تايوان لكن اعطت للاخيرة فترة عازلة لبعض الوقت على الاقل، حيث قطعت العلاقات الدبلوماسية مع تايوان أولا ، ثم انشأت علاقات دبلوماسية مع البر الرئيسي. لكن ، انشاء بنما علاقات دبلوماسية مباشرة مع البر الرئيسي الصيني خطوة مباشرة، دون اي وسيط مرتبط بقطع العلاقات الدبلوماسية مع تايوان نهج اكثر تاثيرا وقوة ضاربة لإدارة تساي.
ثالثا، فكرة الاعتماد على أمريكا لتثبيت مكانة تايوان تفشل
بنما مرتبطة ارتباطا وثيقا بامريكا، وكانت تسيطر الاخيرة على منطقة قناة بنما، كما تعتبر بنما " الفناء الخلفي" لأمريكا. وأن الاعتماد على قوة امريكا لمواصلة التقدم احدى طرق سلكتها تساي للمحافظة على العلاقات مع بنما. حيث تعتقد تساي أن أمريكا لديها تاثير قوي على بنما، وطالما أن تايوان تتمسك بامريكا، فإن الاخيرة ستضغط على بنما وتطالبها بعدم قطع العلاقات الدبلوماسية مع تايوان.
لكن الحقيقة اليوم تؤكد أن كل شيء تفكر فيه تساي كذب ووهم. حيث دائما ما كان تعامل أمريكا مع قضية تايوان مجرد ورقة مساومة في العلاقات بين الصين وأمريكا. وحاليا، اعلن ترامب التزامه بـ " سياسة صين واحدة"، والصين وأمريكا بحاجة الى العمل بشكل وثيق بشأن العديد من القضايا العالمية مثل النووية الكورية الشمالية. وفي ظل الوضع العام المعمول به في العلاقات الصينية الامريكية، حتى ولو للامريكا بعض التاثير على بنما، إلا أنها من الصعب أن تضحي بعلاقاتها مع الصين بسبب قضية تايوان. لذلك، فإن استخدام تساي النفوذ الامريكية للحفاظ على علاقاتها مع بنما وغيرها من الحلفاء ممارسة غير مجدية.
حاليا، تبقى لتايوان 20 ما يسمى ب "الحلفاء" فقط، من بينهم عدد من الدول تشهد علاقات فاترة مع تايوان منذ زمن، ما جعل وضع علاقات تايوانية خارجية في خطر. وعدم تكيف تساي مع السياسة عبر المضيق في الوقت المناسب، والادارة السلمية والسيطرة على ازمة العلاقات الخارجية، من المرجح أن يؤدي قطع بنما علاقاتها مع تايوان الى تأثير الدومينو، وخطر "موجة قطع العلاقات الدبلوماسية " غير مبالغ فيه.