شيامن، مقاطعة فوجيان الأول من مايو 2017 / في معمل في شرقي الصين، أصبحت الزراعة هدفا علميا، حيث يمكن مشاهدة الخضروات الورقية مصطفة بترتيب على أرفف بينما يرتدي العمال معاطف المعمل ويراقبون النباتات في غرف الأبحاث النظيفة.
وبُنى المعمل، الذي تقدر مساحته بـ10 ألاف متر مربع، في تشيوانتشو بمقاطعة فوجيان، في يونيو 2016 وقد تم تصميمه ليكون "معمل نباتات" حيث يمكن السيطرة على جميع العوامل البيئية، بما في ذلك الضوء والرطوبة ودرجات الحرارة والغازات لإنتاج الخضراوات ذات الجودة.
ويتبع هذه الطريقة سانانبيو، وهو مشروع مشترك بين معهد علم النبات التابع لأكاديمية العلوم الصينية (إباكس)، ومجموعة سانان، وهي شركة الإلكترونيات الضوئية الصينية العملاقة. وتحاول الشركة إنتاج المزيد من المحاصيل في مساحة أقل مع تقليل الضرر البيئي.
وقالت سانانبيو إنها ستستثمر 7 مليارات يوان (حوالي 1.02 مليار دولار أمريكي) لجلب سلالة جديدة من الزراعة إلى الواقع.
الزراعة الجديدة
وتعد معامل النباتات، والمعروفة أيضا باسم المزارع العمودية، جزءا من الصناعة العالمية الجديدة.
وتجدر الإشارة إلى أن الصين لديها حوالي 80 معمل نباتات، ووصفت سانانبيو منشأة تشيوانتشو بأنها أكبر معمل نباتات في العالم.
وتنمو الخضروات الورقية بالمعمل في 6 طبقات مكدسة في صفين من أضواء الليد الزرقاء والحمراء فوق كل طبقة. وقد زرعت النباتات باستخدام الزراعة المائية وهي طريقة تستخدم محلول معدني مغذي مذاب في الماء بدلا من التربة.
يقول بي كه تشوان الباحث في إيبكاس ومدير البحث والتطوير في سانانبيو،: "على عكس الزراعة التقليدية ، يمكننا التحكم في مدة الإضاءة ومكون المحلول المعدني المغذي لتحقيق عائد أعلى". مضيفا " أن الطريقة الجديدة تنتج محاصيل تزيد عشرة مرات عن المحاصيل لكل متر مربع من الزراعة التقليدية".
وبداية من الشتلات حتى الحصاد، تستغرق الخضراوات في المزرعة عادة 35 يوم، أي حوالي نحو 10 أيام أقل من الخضراوات التي تزرع في البيوت المحمية.
ولتحقيق عائد أعلى ، طور العلماء الخوارزمية المسؤولة عن آلية العمل اللون ومدة الضوء الأفضل لنمو النبات، فضلا عن المحلول المعدني المغذي لمراحل النمو المختلفة.
وينتج معمل النبات 1.5 طن من الخضراوات يوميا، ومعظمها تباع لمحلات السوبر ماركت والمطاعم في تشيوانتشو والمدن القريبة.
وسيزداد عدد سكان العالم إلى 9 مليارات نسمة بحلول عام 2025، بينما سيعيش 70 في المائة من السكان في المناطق الحضرية، وفقا لما ذكرته منظمة الصحة العالمية.
وقال بي إنه يعتقد أن معامل النباتات يمكن أن تكون جزء من الحل للأزمات الغذائية المستقبلية المحتملة.
ومكن المصنع من استخدام حاويات الشحن المهجورة في الزراعة العمودية.
وأضاف بي "حتى لو اضطررنا للتحرك تحت الأرض يوما ما فإن معمل النبات يمكن أن يساعد في ضمان إمدادات ثابتة من الخضار.
مستقبل أكثر صحة
وقبل دخول المعمل، يجب على موظفي سانانبيو الخضوع لإجراءات صارمة قبل الذهاب إلى غرف الأبحاث : مثل وضع أقنعة الوجه، والقفازات والأحذية الطويلة وبدلات العمل وأخذ حمامات هواء ووضع المتعلقات الشخصية في أجهزة التعقيم بالأشعة فوق البنفسجية.
وتهدف الشركة إلى منع أي مخاطر خارجية يمكن أن تهدد النباتات التي لا تتلقى أي أسمدة أو مبيدات.
ومن خلال تعديل المحلول المعدني المغذي، يستطيع العلماء إنتاج خضراوات غنية أو منخفضة في بعض العناصر الغذائية. وأنتج المعمل فعليا نوع من الخس منخفض البوتاسيوم للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الكلى.
وبالإضافة إلى 20 صنف نبات ورقي آخر تزرع فعليا في المعمل، فيما يجرب العلماء زراعة عشب يستخدم في الطب التقليدي الصيني ومنتجات العناية الصحية الأخرى .
يدرس تشنغ يان هاي، الباحث في سانانبيو، في معمل النبات انوكتوشيلوس فورموسانوس، وهو عشب نادر في شرقي الصين يتمتع بالعديد من الفوائد الصحية.
وقال تشنغ: " في معمل النبات يمكننا إنتاج النباتات بنفس العناصر الغذائية تقريبا مثل انوكتوشيلوس البري"، مضيفا " اختبرنا مختلف الظروف من الضوء والرطوبة ودرجة الحرارة والغازات والمحاليل المعدنية المغذية لتشكيل وصفة مثالية للنبات".
ووفقا لما ذكره تشنغ، سيبدأ المعمل بأعشاب نادرة أولا ثم سيركز على منتجات الرعاية الصحية الأخرى .
زيادة المشقة
أغلب منتجات معمل النبات حاليا من النباتات الورقية قصيرة الجذع . من جهته قال لي دونغ فانغ الباحث في شركة ايباكس ومشروع سانانبيو "إن العمل جاري لاستحداث المزيد من الأصناف في المعمل".
وحول قلق البعض فيما يخص استهلاك الطاقة بسبب أضواء الليد ومكيفات الهواء، قال بي "حاليا يتم استهلاك 10 كيلووات من الكهرباء في الساعة لإنتاج كيلوجرام واحد من الخضار"، مضيفا أنه من المتوقع أن ينخفض عدد الكيلووات المستهلكة في خلال 3 إلى 5 سنوات مع ارتفاع كفاءة لمبات الليد المضيئة.
وتعرض الخضراوات من المعمل في مكان مخصص بمتجر يونغهوي في مدينة شيامن المجاورة، وتباع بفرق في القيمة يصل إلى 30%، أعلى قليلا من المنتجات العضوية المنتجة محليا.
من جهته قال وانغ يوي فنغ، وهو مستهلك يتفقد منتجات المعمل ،: "إن الخس من معمل النبات مكلفة بعض الشيء، على الأقل في الوقت الحالي، وهناك العديد من الخيارات الصحية الأخرى".
وتابع لي الباحث بالشركة قائلا: "إن سانانبيو مستعدة لتوسيع المعمل لخفض التكلفة في الأشهر الستة القادمة، مضيفا أن السعر لن يكون مشكلة في المستقبل مع تحسن معيشة الشعب".