أصبحت رائحة البارود تنبعث من شبه الجزيرة الكورية أكثر وأكثر. وقد ارسلت الولايات المتحدة حاملة الطائرات "كارل فينسون" الى المياه القريبة من شبه الجزيرة الكورية، ونقلت وكالة الانباء الكورية يوم 11 ابريل تحذيرات المتحدث باسم وزارة خارجية كوريا الديمقراطية أن بلاده ستتخذ أشد الاجراءات وتستخدم اقوى الاسلحة للدفاع عن نفسها، للرد على استفزازات واشنطن. وذكرت مجلة " المصلحة الوطنية" الامريكية أن حكومة ترامب ترسل اشارات إلى أن الوقت قد حان لتغيير الوضع الراهن في كوريا الديمقراطية، بايجاد حلول أخرى. ويبدو أن نسخة ترامب لاستراتيجية " أعادة التوازن في آسيا والمحيط الهادئ" التي يتوقعها الناس منذ فترة طويلة جاهزة حاليا.
تصادم وجها لوجه
ذكرت وسائل الإعلام الأمريكية أن ترامب وعد خلال حملته الانتخابية بنزع فتيل تهديدات برنامج الاسلحة النووية لكوريا الديمقراطية، وأعرب عن استعداده للتفاوض مع كيم جون أون وجها لوجه. لكن، بعد توليه منصبه اختار موقفا اكثر عدوانية تجاه كوريا الديمقراطية. وأعلنت البحرية الامريكية يوم 8 ابريل عن مجموعة هجومية بحرية تضم حاملة الطائرات كارل فينسون تبحر من سنغافورة باتجاه مياه شبه الجزيرة الكورية. وحول هذه الاجراءات المفاجئة، قال ديف بنهام، المتحدث باسم القيادة الأمريكية في المحيط الهادئ: "لقد أمرت القيادة الأمريكية في المحيط الهادئ مجموعة كارل فنسون القتالية بأن تكون تحت وضع الإنذار والتواجد في غرب المحيط الهادئ ". ويعتقد لي تشون يينغ رئيس قسم السياسة الدولية بجامعة الصين للعلوم السياسية والقانونية أن هذا الردع هو الاكبر من نوعه تقوم به الولايات المتحدة منذ سنوات في شمال آسيا. ويستهدف الردع كوريا الديمقراطية مباشرة." وفي هذا الصدد، تختار كوريا الديمقراطية الاجراءات الصارمة للرد. وقالت الخارجية الكورية الديمقراطية يوم 11 ابريل أن تهديدات واشنطن العسكرية تبرر تطوير برنامج النووي لكوريا الديمقراطية. وبناءا على هذا الفهم، فإن كوريا الديمقراطية قد تتخذ اجراءات قاسية لرد على الولايات المتحدة.
خطة آسيا والمحيط الهادئ خلف استراتيجية الردع
توقعت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية في الآونة الأخيرة اطلاق كوريا الديمقراطية صواريخ الباليستية العابرة للقارات أو إجراء سادس تجربة نووية. وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي الجنرال هربرت ريموند ماكماستر، يوم 9 ابريل أن سلوك كوريا الشمالية الاستفزازي نمط غير مقبول، وقرار تحريك مجموعة قتالية بحرية صوب شبه الجزيرة الكورية رد فعل "حكيم".
في الواقع، تشير توجهات ترامب نحو الحرب بالقرب من شبه الجزيرة الكورية إلى أن آسيا لا تزال المنطقة الاكثر اهتماما من قبل الحكومة الامريكية الجديدة. وقال يوان تشنغ مدير معهد دراسات الشؤون الامريكية الخارجية التابع لاكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية أن ترامب لم يذكر استراتيجية " أعادة التوازن في آسيا والمحيط الهادئ" مباشرة لينئ بنفسه عن إدارة أوباما، ولكن منذ اطلاق الاستراتيجية في عام 2011، لم تتوقف الولايات المتحدة من تعزيز انتشارها العسكري والتحالفات والموارد في آسيا والمحيط الهادئ. وبالنسبة للولايات المتحدة، سواء من ناحية مستوى المصالح الاقتصادية أو الناحية الجيوسياسية، فإن آسيا والمحيط الهادئ هي المنطقة الأكثر أهمية، والتركيز الدبلوماسي للحكومة الجديدة لا يزال قائما. وتعتبر كوريا الديمقراطية الخصم الاكثر صعوبة بالنسبة للولايات المتحدة في آسيا في الوقت الحاضر. ويبدو أن اهتمام ترامب بشبه الجزيرة الكورية، يعكس عزمه لاصدار نسخة جديدة خاصة لاستراتيجية " أعادة التوازن في آسيا والمحيط الهادئ"، بغرض السيطرة على شمال شرق آسيا ، والدفاع عن مصالحها الاقتصادية والهيمنة العالمية.
هل تكون كوريا الديمقراطية الهدف التالي للرئيس دونالد ترامب بعد سوريا ؟
قال وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون في الرد عما إذا كانت ضربات ضد سوريا مؤخرا رسالة لكوريا الشمالية: "الرسالة التي يمكن أن تستقيها أي دولة هي: إذا انتهكت المعايير الدولية وإذا انتهكت الاتفاقات الدولية وإذا لم تف بالتزاماتك فستصبحين تهديدا للآخرين وسيكون الرد أمرا مرجحا في مرحلة من المراحل." وهنا يقصد بالدول الاخرى بما فيها كوريا الديمقراطية. ويعتقد دونغ شيانغ رونغ باحث في معهد الدراسات الاستراتيجية العالمية في آسيا والمحيط الهادئ التابع للاكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، أن أعضاء حكومة ترامب في الاونة الاخيرة أطلقوا في العديد من المناسبات اشارة واضحة وخطيرة ـــ تبقى وسيلة القوة قائمة اذا لم يوجد حل سلمي للقضية النووية.
ومع ذلك، اشار بعض المحللين الى أن الآثار المترتبة من استخدام القوة ضد كوريا لاشمالية ربما يجعل الولايات المتحدة تفكر بالحذر إذا ما استخدمت القوة مستقبلا. " كوريا الشمالية وسوريا مختلفتان، حيث يعتقد الجميع وعلى نطاق واسع ان كوريا الديمقراطية لديها بالفعل أسلحة نووية، ما يتوجب التفكير في الاثار المترتبة والناجمة عن الهجمات على كوريا الديمقراطية." وأشاردونغ شيانغ رونغ إلى أن الولايات المتحدة ستواجه معارضة شديدة من بلدان شبه الجزيرة الكورية بشأن استخدام القوة ضد كوريا الديمقراطية. ويعتقد دونغ شيانغ رونغ أن الولايات المتحدة ارسلت حاملات طائرات الى شبه الجزيرة الكورية حرب نفسية اكثر منها عسكرية.