ذكرت وسائل إعلام روسية بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد هدد بفرض عقوبات ضد هولندا في 14 مارس الجاري، على خلفية منع الأخيرة مسؤولا تركيا من زيارة هولندا للقيام بحملة دعائية للإستفتاء على تعديل الدستور التركي. كما أبدت دول أروبية أخرى، معارضتها لقدوم المسؤولين الأتراك للقيام بحملات دعائية مماثلة. فهل يعكس تدهور العلاقات التركية الهولندية إنفتاح صندوق بانادورا في وجه أوروبا؟
خلافات عميقة
أثارت حملات الدعاية للإستفتاء على الدستور التركي في الدول الأوروبية خلافات بين عدة دول أوروبية، حيث نظر إلى هذه الحملات على أنها محاولة لكسب أصوات الناخبين. " الدول الأوروبية نظرت إلى الأنشطة الدعائية التي يقوم بها وزير خارجية تركيا على أراضيها على أنه سلوك يرى الدول الأخرى في تبعية لتركيا ". يقول الباحث بمركز أبحاث غرب آسيا وإفريقيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الإجتماعية، إين قانغ، ويضيف، "أي دولة أوروبية لن تسمح لتركيا بمثل هذا النشاط."
وكانت تركيا قد أعلنت في الشهر الماضي، عن تنظيم إستفتاء حول تعديل الدستورالتركي في 16 أبريل القادم، لتقرير ما إذا كان نظام الحكم في تركيا سيتحول من نظام برلماني إلى نظام رئاسي. في هذا السياق، قالت صحيفة "الفاينانشيل تايمز" البريطانية، أن إنتقال تركيا إلى نظام رئاسي سيعزز من سلطة أردوغان. وترى الدول الأوربية أن تغيير طبيعة النظام في تركيا سيقوي النظام الشمولي لأردوغان.
الجدير بالذكر أن تركيا تجمعها خلافات مع أوروبا في قضية اللاجئين والإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي. وكانت تركيا قد توصلت في مارس من العام الماضي إلى إتفاق مع أوروبا لتسريع مفاوضات الإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي مقابل معالجة ادفاق اللاجئين بإتجاه الدول الأوروبية. في حين تعارض كل من المجر واليونان وقبرض إنضمام تركيا إلى الأتحاد الأوروبي. لكن وزير الشوؤن الأوروبية التركي، عمر تشليك، صرّح مؤخرا بأن أنقرا لم تعد تتمسك بإتفاقية اللاجئين مع الإتحاد الأوروبي. وهذا التراجع أحادي الجانب عن الإتفاقية المذكورة قد يعقد أزمة في أوروبا.
كل الإحتمالات ممكنة في إنتخابات الدول الأوروبية
بدأت الحملات الإنتخابية في عدد من الدول الأوروبية، ولاشك بأن الخلاف التركي مع عدة دول أوروبية سيكون له تأثيرا على نتائج الإنتخابات.
ورغم هزيمة ممثل اليمين المتطرف في هولندا ورئيس الحزب الحر جيرت ويلدز، أمام رئيس الوزراء الهولندي الحالي ورئيس الحزب الحر الديمقراطي ،ريتر، في الإنتخابات الهولندية الأخيرة، لكن الحزب الحر تمكن من زيادة عدد مقاعده في البرلمان.
وتشير تحاليل وسائل الإعلام الأجنبية إلى أن الحملات الإنتخابية في هولندا وفرنسا وألمانيا قد إعتمدت على خطاب مناهضة المهاجرين. وقد بات هذا التوجه أكثر بروزا خاصة بعد خروج بريطانيا من الإتحاد الاوروبي. في هذا الصدد، يرى الخبراء، بأن إستمرار الخلاف بين تركيا وعدة دول أوروبية سيسهم في إنتشار الشعبوية داخل أوروبا وتعزيز حظوظ الأحزاب اليمينية في الصعود إلى السلطة. وقد تكشف الإنتخابات القادمة في فرنسا وألمانيا على توسع أكبر لنفوذ اليمين في أوروبا.
من جهة أخرى، يشير إين قانغ إلى أن تدهور العلاقات التركية الأوروبية، قد "يحفز الخلاف بين أوروبا والعالم الإسلامي والخلافات الداخلية في أوروبا، كما سيزيد من مستوى التحديات الأمنية التي تواجهها أوروبا." كما لاشك في أن الإنتخابات الأوروبية التي تجري في جو من الخلاف مع تركيا، ستؤثر على مجرى الأحداث في أوروبا.