رام الله 15 مارس 2017 /يرى مراقبون فلسطينيون في أول جولة لمبعوث أمريكي إلى المنطقة في عهد الرئيس دونالد ترامب تعد انطلاقا للمهمة "المعقدة" في جسر الهوة الواسعة بين الفلسطينيين وإسرائيل.
ويتوقع المراقبون لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن يكون متاحا لإدارة ترامب في المستقبل القريب إمكانية إعادة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي للمفاوضات المباشرة، لكنهم أجمعوا على استبعاد التوصل لاتفاق سلام نهائي بينهما.
وأكد الممثل الخاص الأمريكي المكلف بالمفاوضات الدولية جيسون غرينبلات، على التزام ترامب بالعمل مع الإسرائيليين والفلسطينيين لتحقيق سلام دائم من خلال المفاوضات المباشرة.
وجاء ذلك بعد أن اجتمع غرينبلات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس الفلسطيني محمود عباس كلا على حدة ضمن أول زيارة له في المنطقة منذ تسلم ترامب مهام منصبه رسميا في يناير الماضي.
وإلى جانب لقائه مع عباس، بدا لافتا زيارة المبعوث الأمريكي مخيم (الجلزون) للاجئين الفلسطينيين في شمال رام الله بالضفة الغربية، وكذلك اجتماعه مع رجال أعمال وقادة أمن فلسطينيين بشكل منفصل في القدس.
تأكيد الانخراط الأمريكي
يعتبر المحلل السياسي محمد دراغمة، أن جولة المبعوث الأمريكي الأولى وما عقده من لقاءات "رسالة تأكيد على استمرار انخراط السياسية الأمريكية في الملف الفلسطيني والتعامل مع كل المستويات فيه ".
ويقول دراغمة ل((شينخوا))، إن "الجولة الأولى كان واضحا أن هدفها هو الاستماع للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، ومحاولة تحديد أماكن اللقاء وأماكن الاختلاف وتقديم اقتراحات أولية لجسر الهوة بينهما تحديدا في ملف الاستيطان الإسرائيلي".
ويعتبر أن جولة المبعوث الأمريكي "مهمة جدا انتظارا للقاء ترامب وعباس في البيت الأبيض والذي من المرجح أن ينتج عنه تحرك فعلي لإعادة إطلاق العملية السياسية والمفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل".
ويرى أن "ترامب سيحاول التوصل لاتفاق سلام للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ضمن ما يسميه الصفقة الكبرى، لكن احتمالات الفشل قائمة جدا ما سيجبره على العودة للأسلوب القديم بإدارة الأزمة بدلا عن حلها".
ويخلص دراغمة، إلى أنه "لا يوجد في الأفق فرصة جدية للتوصل إلى حل لأن مثل هذا الحل مرهون بضغط أمريكي جدي على إسرائيل، وهذا أمر غير متوفر وبالتالي فإن مهمة ترامب صعبة جدا وفرصتها شبه معدومة".
وكان المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة وصف لقاء عباس مع غرينبلات بأنه "ايجابيا ومشجعا"، معلنا أنه "سيتم البناء على اللقاء من خلال استمرار الاتصالات وتبادل الآراء للحفاظ على الأمل بالسلام".
من جهته، قال نتنياهو عقب لقائه المبعوث الأمريكي، إنه "لا يمكن الحديث مرحليا عن اتفاقات (مع الفلسطينيين)، وإنما عن بدايات سيرورة من المصارحة والمكاشفة" بحسب ما نقلت عنه الإذاعة الإسرائيلية العامة.
عقدة الاستيطان
يرى المحلل السياسي خليل شاهين، أن إدارة ترامب تحاول على الأغلب طرح تصور للحد من البناء الاستيطاني الإسرائيلي، وليس وقفه كليا كما يطالب الجانب الفلسطيني.
ويشير شاهين ل((شينخوا))، إلى أن إدارة ترامب ستعمل بالتزامن مع تحركاتها السياسية على تقديم حوافز اقتصادية لتشجيع الجانب الفلسطيني على الانخراط في مساعيها لاستئناف عملية السلام.
لكنه يعتبر أن تحركات إدارة ترامب لاستئناف عملية السلام "لا يبدو أنها تستهدف إلى تحقيق حل الدولتين بقدر ما هو الصفقة الكبرى أي استئناف عملية السلام في إطار إقليمي وهو ما تراهن عليه إسرائيل بشدة ".
وينبه إلى أن "إسرائيل كانت سباقة في التأثير عند بدء إدارة ترامب بلورة سياسة خاصة بالشرق الأوسط وهي على الأرجح قطعت شوطا مهما في التوصل لتفاهمات مع واشنطن فيما يتعلق بالصراع مع الفلسطينيين ".
وعليه يرجح شاهين أن "تعمل أمريكا على إيجاد مخرج للموقف الفلسطيني خاصة ما يتعلق بالاستيطان ومع بعض الضغط والتهديد بوقف المساعدات المالية بما يسمح باستئناف مفاوضات مباشرة مع إسرائيل".
وآخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل توقفت نهاية مارس عام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية دون تحقيق تقدم لحل الصراع الممتد بين الجانبين منذ عدة عقود.
وأكد الفلسطينيون مرارا استعدادهم للعودة للمفاوضات مع إسرائيل مع مطالبتهم بوقف الاستيطان والالتزام بحل الدولتين وفق الحدود المحتلة عام 1967 وأن لا تكون المفاوضات مفتوحة الوقت والأجندة ودون مرجعية.
في المقابل فإن إسرائيل ترفض بشدة مطالب وقف الاستيطان وتشترط موافقة الفلسطينيين على يهودية الدولة، وعلى أن تحظى بالسيادة الأمنية الكاملة على الأراضي الفلسطينية.
انتظار لقاء البيت الأبيض
جاءت زيارة المبعوث الأمريكي إلى الأراضي الفلسطينية وإسرائيل بعد تلقي عباس مساء الجمعة الماضية اتصالا هاتفيا من ترامب هو الأول منذ توليه منصبه رسميا، حيث وجه له دعوة رسمية لزيارة البيت الأبيض.
وشكل الاتصال الهاتفي نقطة تحول بعد أن كان ترامب أثار مخاوف حادة لدى الفلسطينيين لتصريحاته خلال حملته الانتخابية التي وصفت بالمنحازة لإسرائيل والداعمة للاستيطان ولنقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل إلى القدس.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي سميح شبيب ل((شينخوا))، إن السياسة الرسمية الفلسطينية "امتازت بالتريث، وضرورة الاستماع مباشرة لترامب نفسه ومن ثم تحديد الموقف والتحرك الفلسطيني وهو ما يحدث".
ويشير شييب، إلى أن "الموقف الرسمي الفلسطيني إزاء استئناف المفاوضات واضح للغاية، وهو اعتبار المفاوضات طريقا إستراتيجيا للوصول إلى تسوية عادلة وشاملة".
ويضيف أن الموقف الفلسطيني يتضمن أن "إجراء مفاوضات جديدة في ظل تواصل الاستيطان هو عمل عبثي لا طائل منه، وأي استئناف للمفاوضات بات مرهونا بوقف الاستيطان وتحديد مرجعيات وجدول زمني".
ويعتقد شبيب، أن "ما سيستمع له عباس من ترامب عند لقائهما مهم للغاية ذلك أنه سيرسم آفاق التعاون الفلسطيني الأمريكي بشأن المفاوضات القادمة وشكل الحل المنتظر وإن كان هنالك فرصة فعلا لذلك".