طرابلس، شمال لبنان 10 مارس 2017 /داخل متجره الصغير في منطقة الجسر الأثرية في طرابلس كبرى مدن شمال لبنان، يجلس اللبناني عمران مكاري، على كرسي خشبي من القش صنعه بيده يمارس حرفة تقاوم الاندثار في لبنان.
ومكاري هو أحد شخصين في لبنان، ما زالا يعملان بمهنة "تقشيش الكراسي والمصنوعات الخشبية المتعددة" التراثية المهددة بالاندثار في لبنان.ويعمل مكاري، وهو صاحب مصنع صغير في طرابلس بشمال لبنان، فيما يعمل شخص آخر في جنوب لبنان في حرفة عمرها أكثر من 200 عام.
ويقول الخمسيني مكاري، الذي ورث الحرفة عن أبيه لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه"أعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 40 عاما".
وأردف وهو يمسك بآلات حادة صغيرة وبعض القش لصناعة كرسي جديد أنه "رغم تراجع الطلب على مصنوعاتنا بسبب التطور الحاصل في صناعة الكراسي (..) إلا أنني مازلت أعمل بها وأحافظ عليها وسوف أورثها لأولادي".
وتابع "تقشيش الكراسي بالنسبة لي تراث يجب الحافظ عليه".
ولا تقتصر هذه الحرفة على تقشيش الكراسي (صناعة الكراسي من الخشب والقش) فقط، لكنها تطال أدوات منزلية أخرى، منها سلال الفواكه والخضار وأطباق وملاعق، حسب مكاري.
ويشرح الرجل، الذي غزى الشيب رأسه أنه"نحن نصنع أشياء تراثية كثيرة، منها كراسي الحمام، القبقاب (حذاء خشبي)، جرن الثوم، جرن الكبة، الملاعق الخشبية، المنخل، السلال التي كانت تستخدم قديما لوضع الفواكه والخضار والزيتون، وصواني القش والأطباق والشوبك".
ويشتري مكاري القش المستخدم في صناعته من محافظة عكار بشمال لبنان، ثم يضعه في الشمس حتى يجف، قبل أن يصنع منه مع الخشب قطعه التراثية.
وتحول هذه المنتجات التراثية متجر مكاري الصغير إلى ما يشبه المتحف، حيث يعرضها وهو يعمل في الهواء الطلق أمام المارة، الذين يشاهدونه ويلتقطون له الصور، فيما قلة منهم تشتري.
ويعزو مكاري تراجع الطلب على منتجاته إلى تطور الصناعات البديلة وتبدل احتياجات الناس.
ويقول إنه "في السابق كان الإقبال والطلب عليها أكثر لأن المطابخ كانت لا تخلو من الأدوات الخشبية، إضافة إلى أن الناس في الماضي كانوا يستحمون وهم يجلسون على كرسي الحمام الخشبي، ويستخدمون القبقاب للحمامات، أما اليوم فإنهم يطلبون كرسي الحمام للمرضى وكبار السن".لكن في ظل تراجع الطلب على منتجات مكاري، يبقى ملاذه في المعارض والسياح وأهل القرى وبعض المطاعم .
ويوضح الرجل الذي تدلت فوق رأسه سلال وملاعق خشبية "رغم أنه قلّ الطلب على هذه المصنوعات، ما زلنا نعمل ونصنع، وهناك من يطلب منا تصنيع الأشياء التراثية للمطاعم في بيروت وطرابلس".
وتابع "والسياح هم من يهتم باقتناء الأشياء التراثية، وأهل القرى ما زالوا يطلبون السلال لقطف الزيتون والفواكه والخضار"، مضيفا أن هناك أيضا "من يرغب في وضع هذه المنتجات كنوع من أنواع الزينة في منازلهم".
كما يشارك مكاري "في كل عام بمعارض تراثية في لبنان وخارجه"، حسب ما قال.
وفي مسعاه للحفاظ على مهنته من الاندثار، يعرض مكاري منتجاته للبيع بأسعار تناسب الطبقات الاجتماعية متوسطة الدخل.