قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لوسائل الاعلام يوم 12 فبراير الجاري، إن العمل العسكري التركي يهدف إلى تطهير 5 آلاف كيلومتر شمالي سوريا من الإرهاب، لتكون منطقة خالية من الارهاب، وإقامة " منطقة أمنية"، وبالتالي يعود اللاجؤون الى ديارهم في المنطقة. ويعتقد المحللون أن التحرك التركي يهدف الى، أولا، عناصر تابعة لـ "الدولة الإسلامية" ، ثانيا، العناصر الكردية المسلحة.
وقال معتز سلامة باحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية هو معهد بحثي للدراسات السياسية في مصر لمراسل صحيفة الشعب اليومية، أن طرح تركيا مخطط إقامة " منطقة آمنة" في سوريا ليس الاول من نوعه، وإنما إعادة طرح أردوغان المخطط هذه المرة عميق . أولا، في الوقت الحاضر، شهدت قوة تنظيم "الدولة الإسلامية" تراجعا بعد الضربات المستمرة من قوات الأطراف ، وتم تقليل فضاءها الاستراتيجي بشكل كبير، وتبلورت ظروف حقيقية لاقامة" منطقة آمنة". ثانيا، تغير موقف الولايات المتحدة، حيث عارضت أدارة أوباما إقامة "منطقة آمنة"، و"منطقة حظر الطيران"، بسبب رفض الجيش الامريكي أخذ المزيد من المسؤولية. لكن، الموقف الامريكي تغير مع مجيئ حكومة ترامب الى السلطة، التي تقوم بتقييم أقامة " منطقة آمنة". وأكد أردوغان في كلمته أن تركيا والولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي على تواصل، ومن المفترض أن لا تقف تركيا وحدها في إقامة " منطقة آمنة".
وقال معتز سلامة: "سواء عوامل ذاتية أو موضوعية، تركيا لن تترك سوريا بسهولة، ولا تزال أهم قوة مؤثرة على سوريا. وأن القوات الكردية لن تضعف أو تدمر بالقضاء على تنظيم" الدولة الاسلامية"،على العكس من ذلك، قد تزيد قوتها بشكل كبير بعد انهيار الخصم، وهذا من شأنه تهديد الامن القومي التركي. و يهتم الناس بدور " منطقة آمنة" في مواجهة تأثير الوضع السوري على الخارج، لكن لا يمكن تجاهل التاثير في العلاقات بين تركيا والقوات الكردية. وفي أعتقادي السبب، في المستقبل، الجيش التركي سيبقى موجودا في سوريا المضطرب، لأنه مسؤول لضمان أمن " المنطقة الآمنة"، وإلا ستكون مجرد سراب."
وقال تانغ تجي تشاو، مدير قسم الدراسات الشرق أوسطية بمركز دراسات غرب اسيا وافريقيا التابع لأكاديمية صينية للعلوم الاجتماعية، منذ بداية تطور الازمة السورية الى اليوم، تخلت تركيا أساسا عن اسقاط نظام بشار الاسد، وتركز حاليا على القضية الكردية والمصالح العرقية التركية، ومشكلة اللاجئين، والتهديدات الارهابية وغيرها من المشاكل الخطيرة التي تهدد الاراضي التركية ومصالح الامن القومي التركي. ومنذ العام الماضي، أعربت الحكومة التركية مرارا وتكرارا عن عدم نيتها للاطاحة بنظام بشار الاسد، وتبادر الى التعاون مع روسيا وايران لوقف اطلاق النار ومحاربة تنظيم " الدولة الاسلامية".
تعمل تركيا بنشاط لتعزيز إقامة "منطقة آمنة" و"منطقة حظر جوي" في شمال سوريا. وفي البداية، غرض تركيا من تعزيز هذا المخطط لانتهاج ممارسة حلف شمال الناتو في ليبيا سابقا، وإدخال التدخل العسكري الغربي لحماية المعارضة السورية المسلحة، وفي النهاية اسقاط نظام بشار بالقوة. ومع ذلك، لم تكن أدارة أوباما مهتمة بهذا المخطط. وبعد التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015، أصبح إقامة "منطقة أمنية" أو "منطقة حظر جوي" في سوريا أقل احتمالا. واليوم، هناك ثلاث عوامل رئيسية دفعت بتركيا نحو إعادة النظر في مخطط إقامة " منطقة آمنة": أولا، موقف الحكومة الامريكية الجديدة مغاير عن سابقتها. ثانيا، تحسن العلاقات بين تركيا وروسيا واجراء تعاون فعال بينهما بشأن القضية السورية. ثالثا، بعد دخول الجيش التركي شمال سوريا، أصبحت منطقة السيطرة العسكرية بأمر واقع. ومع ذلك، في الوقت الحاضر، الهدف الرئيسي من إقامة " منطقة آمنة" هو مختلف الى حد كبير عن السابق. حيث أن الهدف من إقامة " منطقة آمنة " سابقا هو دعم القوات التركية لاحتواء الاكراد. وسيكون تأثير تنفيذ مخطط إقامة " منطقة آمنة" كبيرا على الامن الإقليمي والوضع في سوريا.