بقلم/ تشنغ هاو، باحث في مركز بحوث الاقتصاد الصيني والعالمي التابع لجامعة تسينغهوا
حضر الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم 17 يناير الجاري المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يعقد في منتجع دافوس السويسري، وألقى خطابا هاما، قدم خلاله وصفة طبية صينية لتعزيز التعافي السريع للاقتصاد العالمي. كما أصدر صوت الصين الرنان لتعزيز التنمية الأفضل للعولمة الاقتصادية في ظل تصاعد الاتجاه المناهض لفكر العولمة، والمنعطف الحرج الذي وصل اليه الاقتصاد العالمي .
كانت العولمة الاقتصادية في فترة النمو السريع للاقتصاد العالمي كهف علي بابا الذي يحتوي على ثروة لا نهاية لها. و أصبحت العولمة الاقتصادية خلال فترة تراجع الاقتصاد العالمي صندوق باندورا ومصدر كل شر. وينبغي الاعتراف بأن العولمة الاقتصادية هي سيف ذو حدين ، يمكن تعزيز الاستثمار والتجارة العالمية بشكل كامل، والاسراع في تشكيل سلسلة التوريد العالمية، وتعزيز التقدم التكنولوجي العالمي الفائق السرعة، وفي نفس الوقت، تشكل صدمة لفئات محددة في بعض البلدان أيضا، وتتسبب في اتساع فجوة التفاوت في الدخل الى حد ما. كما أصبحت المشاكل التي تجلبها العولمة الاقتصادية أكثر بروزا بعد الازمة العالمية، وأصبح تكثف الشعوبية ، والحمائية ، والاتجاه المناهض للعولمة أكثر وأكثر. وقد شهد عام 2016 الذي ودعناه قريبا سلسلة من الأحداث مثل " خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي " وغيرها.
فهل أن جذور المشاكل العالمية هي العولمة الاقتصادية؟ قدم شي جين بينغ في خطابه حكما ثابتة ــــ حيث أن إرجاع المشاكل التي أدت الى نشوب إضطرابات في العالم إلى العولمة الاقتصادية، لا تتطابق مع الحقائق ، ولا تساعد على حل القضية ايضا.على سبيل المثال، فإن قضية لاجئين الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، والازمة المالية الاقتصادية، وغيرها من القضايا الاخرى ليست ناجمة عن العولمة الاقتصادية، لكن من جراء الحرب والصراع وعدم الاستقرار في المنطقة والسعي للربح المفرط في ظل نقص خطير في رقابة الرأس المال." البطيخ الحلو جذعه مر، العناب الحلو أغصانه شوك"، في الواقع، لا ينبغي الافراط في الثناء على العولمة الاقتصادية، ولكن لا ينبغي التشهير المفرط بالعولمة الاقتصادية أيضا، وضربها حتى الموت.
العولمة الاقتصادية هي تجاه تنمية قوى الانتاج وأساليب الانتاج المتقدمة، وإنها عملية عميقة من التحول الاقتصادي. منذ مئات السنين، استبدلت الثورة الصناعية ورشة العمل التقليدي بآلة التصنيع، ما أدى الى التناقض بين الحرفيين التقليديين وعمال المصانع، واليوم، جلبت العولمة الاقتصادية تناقضات ومشاكل جديدة ايضا. لكن هناك عدد قليل من الناس في العالم اليوم يرغب في خفض مستواهم المعيشي الى نفس المستوى الذي كانوا يعيشونه قبل الثورة الصناعية. وأن العولمة الاقتصادية في ظل النقائص التي يعاني منها النظام الحالي من المحتمل أن تلحق الضرر بمصالح بعض المجموعات. ولكن المشكلة هنا ليست العولمة الاقتصادية نفسها. ولا يمكن أن نغمض أعيننا عن المشاكل ، كما لا ينبغي التخلي عن تناول الطعام خوفا من الاختناق. ويجب على القادة مواجهة المشاكل وتوجيه اتجاه العولمة الاقتصادية بشجاعة، لاستفادة كل بلد وكل أمة بثمار العولمة الاقتصادية بشكل أفضل.
يمكن بتحديد السبب الجذري ايجاد العلاج الصحيح. وأشار شي جين بينغ، الى أن جذور الانكماش طويل الاجل في الاقتصاد العالمي في زخم النمو العالمي غير طافي، والحوكمة الاقتصادية العالمية متخلفة، واختلال التوازن في التنمية العالمية. ولحل هذه المشاكل، أشار شي جين بينغ الى أهمية الالتزام بتطوير نموذج ديناميكي للنمو مدفوع بالابتكار، ونموذج تعاون يتسم بالانفتاح والربح المتبادل ومنهج منسق جيدا ومترابط، ونموذج للحوكمة النزيهة والعادلة التي تتوافق مع توجه العصر، ونموذج تنمية متوازن وعادل وشامل. وهذه وصفة طبية صينية لاستراتيجية شاملة المرافق، وهذه مطالب صينية واضحة المعالم.
الصين مستفيدة من العولمة الاقتصادية، ومساهمة أيضا. وقد وفر العالم فرص للصين، لكن الانجازات التي حققتها الصين خلال 38 عاما من الاصلاح والانفتاح نتيجة ما بذله الشعب الصيني من عمل شاق ، والدم، والعرق الذي لم يجف. كما قدمت الصين بدورها مساهمات للعالم أيضا، المساهمات الخارجية وتبادل التدريب، التي تعكس دور الصين دولة عظمى. وعرضت الصين فرص للعالم من الواردات من السلع والخدمات، جذب الاستثمارات الاجنبية، السياحة الصادرة. وعبر شي جين بينغ أن الصين تفتح ذراعها لاستقبال شعوب دول العالم لركوب قطار تنمية الصين السريع.
ستواصل الصين لعب دور الدولة العظمى في قيادة العولمة الاقتصادية، وتتمسك بالإصلاح والانفتاح، وتعزيز التعاون الدولي في إطار مبادرة " الحزام والطريق".