القاهرة 14 يناير 2017 / عزا محللون اقتصاديون، ارتفاع معدل التضخم في مصر إلى أعلى مستوى له منذ 2008، إلى تعويم الجنيه، ورفع أسعار الوقود، وقلة المعروض من السلع والخدمات مقابل زيادة الطلب عليها.
ورأوا أن وضع "هامش ربح" للسلع، وإلغاء الوسطاء في دورة السوق يمكن أن يخفض الأسعار، بجانب زيادة الإنتاج عبر تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وإعادة تشغيل المصانع المغلقة.
وارتفع معدل التضخم خلال ديسمبر الماضي نحو 24.3 % مقارنة بنفس الشهر من 2015.
ويعد هذا أعلى مستوى للتضخم منذ أغسطس 2008، حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وفي هذا الصدد، عزا الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للعلوم الإدارية، ارتفاع نسبة التضخم إلى قرار البنك المركزي في نوفمبر الماضي تعويم الجنيه، الذى أدى إلى ارتفاع الدولار الأمريكي (العملة الرئيسية للاستيراد) بنسبة 105 % مقارنة بالعملة المحلية، في وقت تستورد مصر 70 % من احتياجاتها.
وقال عبده، في تصريح لوكالة أنباء (شينخوا)، إن الخفض الجزئي في دعم الطاقة تسبب أيضا في ارتفاع أسعار النقل، وبالتبعية ارتفاع أسعار السلع والمنتجات.
ودعا الحكومة إلى تنفيذ وعدها بالإعلان عن "هامش ربح" لكل سلعة، مؤكدا أن هذه الخطوة سوف تؤدى إلى خفض الأسعار.
وطالب وزارة التموين والتجارة الداخلية بالتعاقد مع الفلاحين على شراء الخضراوات والفاكهة، وبيعها في المجمعات الاستهلاكية، مشيرا إلى أن هذه الخطوة سوف تلغي دور الوسطاء وبالتالي توفر الأموال التي يحصلون عليها، وبالتالي تعرض السلع بأسعار مخفضة في الأسواق.
ورأى أن وضع تسعيرة جبرية للسلع والمنتجات " أمر صعب" لاسيما أن مصر تتبع نظام الاقتصاد الحر، الذي لا يسمح بوضع مثل هذه التسعيرة.
وأشار إلى أن الحكومة توسعت في البرامج الاجتماعية، مثل برنامج "تكافل وكرامة" الذي يقدم حاليا دعما لـ 2.5 مليون مواطن بدلا من مليون فقط، ما يعنى أن الحكومة تساعد الطبقات الفقيرة على تحمل الضغوط الاقتصادية.
وشاطره الرأي الدكتور مختار الشريف أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، بقوله إن وضع تسعيرة جبرية للسلع أكبر خطأ يمكن أن تقع فيه الحكومة، لأن سوف يؤدى إلى ظهور السوق السوداء.
وأوضح أنه لا يوجد دولة في العالم نجحت في وضع التسعيرة الجبرية، التي تؤدى إلى نتائج عكسية.
واعتبر ارتفاع معدل التضخم "أمر طبيعي" في ظل الأحداث الاقتصادية الأخيرة التي شهدتها البلاد، إلى جانب قلة المعروض من السلع والخدمات مقابل زيادة الطلب عليها، خاصة أننا مجتمع الاستهلاك هو الثقافة السائدة فيه.
ورأى أن هناك إجراء واحدا فقط للحد من ارتفاع معدل التضخم هو زيادة الإنتاج، الذي لو تم فسوف تنخفض الأسعار بشكل تلقائي.
أما الخبير الاقتصاد الدكتور عماد مهنا فطالب الحكومة بوضع التسعيرة الجبرية في ظل الوضع الاقتصادي الراهن، رغم قناعته أن وضع هذه التسعيرة ضد مبادئ الاقتصاد الحر.
وأوضح أن ارتفاع معدل التضخم سببه "وجود أموال كثيرة في السوق، ونقص في المنتجات، ما أدى إلى التكالب على السلع القليلة الموجودة".
وأرجع هذا النقص في السلع والمنتجات إلى ضعف الإنتاج المحلي بشكل لا يلبي احتياجات السوق، وتراجع الاستيراد من الخارج بسبب قلة المعروض من الدولار.
ورأى أن البنك المركزي لم يوفر خلال الشهور الماضية للمستوردين بديلا لاستيراد السلع من الخارج ما أدى إلى زيادة حجم أزمة نقص السلع في السوق المصرية.
وقال إن الحكومة لم تتجه خلال السنوات الثلاثة الماضية إلى إعادة تشغيل المصانع المغلقة، وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وتابع "حتى الـ 200 مليار جنيه التي أعلن الرئيس (عبدالفتاح السيسي) عن تخصيصها كقروض لتنفيذ مشروعات صغيرة ومتوسطة، لم يتم الدفع بها بشكل واقعي، لأن الضمانات المطلوبة من البنوك كبيرة بالنسبة للشباب وليست في متناول أيديهم".