تحدثت بعض وسائل الإعلام مؤخرا عن ما أسمته بـ "السحب العالمي لحاملات الطائرات الأمريكية"، ما جذب إهتمام العديد من الأوساط. فماذا تنوي أمريكا بالضبط؟
غادرت حاملة الطائرات الأمريكية "إيزنهاور" الخليج العربي في 26 ديسمبر الجاري، عائدة أدراجها إلى أمريكا للصيانة. لكن حاملة الطائرات "جورج آش بوش" التي كانت من المتوقع أن توضها، تم تمديد مدّة صيانتها، وهذا مايعني أن منطقة الشرق الأوسط ستكون خالية من أي حاملة طائرات أمريكية خلال الأسابيع القادمة.
لكن سحب حاملات الطائرات لم يقتصر على منطقة الشرق الأوسط، حيث تشير بعض التقارير إلى أن مختلف المناطق البحرية في العالم قد خلت من حاملات الطائرات الأمريكية خلال الأسبوع الحالي. وهذا ما وصفته بعض وسائل الإعلام بأنه "سحب عالمي" لحاملات الطائرات الأمريكية.
وتشير تقارير إلى أن منطقة الشرق الأوسط سبق أن خلت عدة مرات من حاملات الطائرات الأمريكية، لكن إنسحاب الحاملات الأمريكية من كافة مناطق العالم يعد المرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية. لذلك من الطبيعي أن يثير هذا الحدث الإهتمام العام.
عادة تتناوب حاملات الطائرات الأمريكية على العمل دون ترك "فترة شغور"، وقبل أن تنسحب الحاملة المرابضة، تكون الحاملة الجديدة على أهبة الإستعداد لتحمل مهامها. أضف إلى ذلك، أن "فترة الفراغ" هذه المرة كانت في الشرق الأوسط، ومن المعلوم أن غالبية العمليات الجوية التي تنفذها أمريكا ضد تنظيم داعش، تنطلق من حاملات الطائرات.
رغم أن هذا الحدث قد أثار الإهتمام، لكن ليس من السليم تفسيره على أنه "إنسحاب" أو "إنكماش" أمريكي.
أولا، هو "وضع" جزئي يشهده التناوب الطبيعي لأسطول حاملات الطائرات الأمريكية، ويعود السبب الرئيسي إلى تجاوز فترة صيانة "حاملة جورش آش بوش" المدة المتوقعة. وكان أول هجوم جوي نفذته أمريكا ضد تنظيم داعش في أغسطس 2014، قد إنطلق من حاملة جورج بوش، ثم عادت هذه الأخيرة إلى أمريكا للخضوع للصيانة في يونيو 2015، وكان من المتوقع أن تتسلم مهامها في النصف الأول من ديسمبر 2016 لتعوض "حاملة إيزنهاور"، لكن بالنظر من الوضع العالي، فقد يتأخر موعد إستلامها لمهامها إلى مابعد تولي ترامب السلطة، في 20 يناير، أو ربما بعد هذا التاريخ.
مازالت أسباب تأخر "حاملة جورش آش بوش" غير واضحة إلى حد الآن، ويتوقع المحللون أن يعود السبب إلى حاجة عملية الصيانة إلى المزيد من الوقت وعدم إتمام عمليات التدريب، لكن من المؤكد أنها ستعود إلى الشرق الأوسط.
وحتى إن لم تعد حاملات الطائرات الأمريكية إلى الشرق الأوسط، فإن أمريكا مازالت تمتلك أسطولا كبيرا من البوراج الحربية والطائرات والجيوش البرية البحرية في منطقة الشرق الأوسط. وقد أشارت الجهات العسكرية الأمريكية، إلى قدرة هذه القواة الأمريكية على التصدي إلى أي خطر محتمل.
ثانيا، يرى بعض الخبراء أن ظهور هذا "الفراغ" في مهام حاملات الطائرات الأمريكية يعود إلى السياسات التي إتبعها باراك أوباما خلال السنوات الأخيرة والتي تهدف إلى تخفيف النفقات العسكرية. حيث دفع النقص في الإنفاق إلى تمديد فترة خدمة حاملات الطائرات، وعدم إتمام بعض التدريبات في الأوقات المحددة. وهذا "الفراغ" الذي حدث في التناوب بين "حاملة إيزنهاور" و"حاملة بوش" قد يدفع الرئيس الأمريكي القادم ومجلس الشيوخ للتأكيد على أهمية الإنفاق العسكري، وعدم سحب الحاملات.
من جهة أخرى، في الوقت الذي تحدثت وسائل الإعلام عمّا أسمته "فراغ"، لم يشهد الوضع العام لإنتشار الحاملات الأمريكية تأثيرا كبيرا. وأفضل مثال على ذلك، إستلام حاملة "كارل ونسون" مهامها هذا الشهر في مياه المحيط الهادي.
وعلى ضوء ذلك، فإنه من المبكر الحديث عن "الإنسحاب العالمي" لحاملات الطائرات الأمريكية.