سول 15 ديسمبر 2016 / صعد نجم لي جاي- ميونغ، عمدة مدينة سيونغنام الواقعة جنوب شرقي العاصمة الكورية الجنوبية سول، في استطلاعات الرأي الأخيرة بشأن الرئاسة بسبب تصريحاته الصريحة حول فضيحة تتورط فيها الرئيسة بارك جيون- هي الجاري مساءلتها بهدف إقالتها.
ومنذ إقرار مشروع القانون المعني بمساءلة الرئيسة بارك في البرلمان الأسبوع الماضي، دخل هذا البلد الواقع في شمال شرق آسيا مرحلة أولية من سباق الرئاسة حيث بدأ وضع المتنافسين المحتملين على الرئاسة في دائرة ضوء الإعلام المحلي.
وبدأ أبناء كوريا الجنوبية في البحث عن زعيمهم المقبل مبكرا رغم أن أوجه عدم اليقين مازالت قائمة بشأن الحكم النهائي الذي سيصدر عن المحكمة الدستورية حول عملية المساءلة الرامية إلى إقالتها.
وجاء في الطليعة العمدة لي الذي صعد إلى مرتبة ثالثة في استطلاعات الرأى الأخيرة بشأن الرئاسة، فيما أفل نجم المرشح الأوفر حظا مون جاي - إين الرئيس السابق لحزب مينجو المعارض الرئيسي وكذا بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة المنتهية فترة ولايته والذي كان جاء في المركز الثاني.
وقال لي في مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) مساء الاثنين أنه لابد لبلاده من إتخاذ "الدبلوماسية المستقلة والمتوازنة" قاعدة أساسية وإطلاق حوار مع جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية لتمهيد الطريق تحقيق مصالح متبادلة بين الكوريتين ومع الشركاء الإقليميين.
وذكر العمدة الليبرالي أنه يريد خلق مجتمع عادل من خلال توسيع خدمات الرعاية الاجتماعية التي أثبت نجاحها أثناء توليه منصب العمدة على مدى ولايتين، ومنع جزء من النخب السياسية ورجال الأعمال من الحصول على فوائد غير مشروعة.
-- تفضيل التوازن والحوار عن عدم التوازن والضغط
"في العلاقات عبر الحدود، الانحياز لطرف واحد يؤدى إلى خسائر من الطرف الآخر. والدبلوماسية لابد أن تكون متوازنة مع الالتزام تماما بالمصالح الوطنية"، هكذا قال لي واصفا ذلك بأنه دبلوماسية مستقلة ومتوازنة.
وأشار لي إلى أن كوريا الجنوبية يمكنها فتح مسار أوسع لدبلوماسيتها عن طريق العمل بسلاسة على تحقيق تكيف بين مختلف المصالح. وقال إن سيكون من المناسب السعي لتحقيق المصلحة المشتركة والاحترام المتبادلة لأن العلاقات غير المتوازنة التي يحتكر فيها بلد واحد الأرباح كلها مرة يمكن أن تتمخض عنه نتيجة مدمرة.
وأكد عمدة سيونغنام على أهمية العلاقات بين كوريا الجنوبية والصين، التي قال إنها يمكن أن تزداد تطورا بطريقة تحقق الاحترام والمنفعة المتبادلين.
ولأن الجارتين أثبتتا ترسخ علاقاتهما التعاونية تاريخيا وثقافيا واقتصاديا، بإمكان كوريا الجنوبية تعميق وتوسيع شراكتها مع الصين التي وصفها بأنها مجتمع يتمتع بآفاق مشرقة ومحبوب ومألوف بالنسبة له ، على حد قول لي.
أما بالنسبة للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، فأكد لي أنه لا يشعر بالكثير من القلق إزاء تصريحاته وتصرفاته "المتهورة والمرتجلة"، معتبرا إياه رجل أعمال ناجح في مجال العقارات و"حساس للغاية" إزاء العواقب.
ويتوقع لي أن يتوصل ترامب إلى رؤية معقولة في مجال دبلوماسيته رغم أنه قد تحدث بعض الجلبة والضوضاء في هذه العملية، قائلا إن الرئيس المنتخب سيتحتم عليه احترام نظيره لضمان مكاسب معقولة لبلاده.
ولدى تناوله العلاقات بين الكوريتين، أعرب لي أيضا عن تفضيله للتوازن والحوار عن العقوبات والضغوط أحادية الجانب، قائلا إنه أمر لا يهم الكوريتين فحسب، وإنما بلدان شمال شرق آسيا.
وذكر لي، الذي يؤمن بأن العلاقات بين الكوريتين هي مفتاح الاستقرار في المنطقة، أنه "عندما تتعزز العلاقات بين الجنوب والشمال ارتكازا على الثقة المتبادلة، تصبح العلاقات الدبلوماسية في شمال شرق آسيا مستقرة جدا والعكس بالعكس".
وأشار إلى أن تطبيق سياسة مناهضة تماما لكوريا الديمقراطية من خلال العقوبات والضغوط والتي تدفعها كوريا الجنوبية منذ قرابة عقد من الزمان، ثبت أنها غير ناجحة وأتاحت لبيونغيانغ مزيدا من الوقت لتطوير قدراتها النووية والصاروخية.
وأضاف أن الخطوة الأولى لنزع فتيل التوترات العسكرية ووقف التقدم في البرنامج النووي لبيونغيانغ يمكن اتخاذها عبر استئناف الحوار بين الكوريتين أو المحادثات السداسية المتوقفة منذ فترة طويلة لنزع السلاح النووي بشبه الجزيرة الكورية والتي تضم الكوريتين والصين والولايات المتحدة وروسيا واليابان.
-- توسيع شبكة الضمان الاجتماعي وتقييد المنتفعين التقليديين
وقال العمدة لي في مكتبه بقاعة المدينة إن برامج الضمان الاجتماعي التي طبقها في مدينة سيونغنام التي يصل عدد سكانها إلى مليون نسمة يمكن توسيعها لتشمل البلاد بأسرها والتي يصل عدد سكانها إلى 50 مليون نسمة من خلال خفض الميزانيات غير الجوهرية وزيادة الضرائب التصاعدية.
"إذا ما تم توسيع برامجنا للضمان الاجتماعي لتشمل البلاد بأسرها، فسوف يتكلف الأمر مبلغا إضافيا قدره 4.5 تريليون وون. وهذا أقل من 1.2% من الميزانية المجمعة للحكومة المركزية"، حسبما قال لي الذي ضمن توفير ميزانيات البلدية من خلال خفض الإنفاق غير الجوهري والمسرف بواقع 7%
وعقب انتخابه عمدة في عام 2010، أعلن لي توقفا عن سداد ديون تتجاوز قيمتها 570 مليار وون داخل الميزانية العمومية وخارجها، كان قد ورثها عن سلفه المحافظ. ثم، دفع جميع الالتزامات لمدة ثلاث سنوات ونصف في الفترة الأولى لولايته والتي استمرت أربع سنوات.
ويعرف عن العمدة تصريحاته المتعلقة بتفكيك "تكتلات الشركات"، ولكن لي أوضح أن تصريحاته لا تعني "التفكيك" حرفيا.
ولفت إلى أن "تفكيك هيكل المنافسة غير العادلة الذي مازالت تبقى فيه تكتلات الشركات على حوكمة غير عادلة للشركات وتستغل الشركات الصغيرة وتكنولوجياتها من خلال إبرام عقود مجحفة وقمع العمال لجنى أرباح غير عادلة هو ذلك التفكيك الذي أقصده".
"وتكمن خلاصة القول في أن علينا المضي في طريق المؤدى إلى مجتمع عادل تكون المنافسة العادلة مكفولة فيه"، هكذا قال لي، مطالبا بضرورة فرض ضرائب على الشركات الثرية والكبيرة التي ترى أن ثقافة الضرائب تكمن في جنى المزيد من المكاسب وفي دفع ضريبة شركات ودخل أقل.
وذكر أن ضريبة الشركات لابد من رفعها من النسبة الحالية وقدرها 22% إلى 30% لتفرض على حوالي 440 شركة تسجل أرباحا تشغيلية تتجاوز قيمتها 50 مليار وون، أو 0.07% من إجمالي الشركات في البلاد. وهذا سيرفع الإيرادات الضريبية بمقدار 15 تريليون وون.
وأكد لي على ضرورة رفع معدلات ضريبة الدخل من النسبة الحالية وقدرها 38% إلى 50% لمن تصل دخولهم إلى مليار وون أو يزيد سنويا، وهي متوسط النسبة بين الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وهذا سيوسع إيرادات الميزانية بواقع 2.5 تريليون وون، وفقا لتقديراته.
وأضاف لي أن "طبيعة السياسة تكمن في كبح جماح فئة صغيرة من المنتفعين التقليديين الذين يحققون أرباحا غير عادلة. وهذا ما تفعله سلطة الدولة. وإذا ما أغفلت واجبها، فهذا يعني تبديد وظيفة الحكومة".