المفكر الألماني يوشكا فيشر: ترامب ينبئ بإنهيار الغرب وصعود الصين

9 ديسمبر 2016/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ قدّم وزير الخارجية الألماني السابق والمفكر البارز، يوشكا فيشر، رؤية متشائمة لمستقبل الغرب بعد صعود ترامب إلى الحكم، في مقال نشره مؤخرا وترجم إلى عدة لغات، تحت عنوان "وداعا للغرب". الغرب الذي يتحدث عنه فيشر ليس الغرب كحضارة نشأت أساسا على الحوض المتوسطي، بل العالم الغربي العابر للإطلسي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية، وفقا لتفاهمات بين أوروبا وأمريكا، بدأت مع دخول أمريكا الحرب العالمية الثانية، ثم ميثاق الأطلسي الذي وقعه رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشيرشل والرئيس الأمريكي، فرانكلين روزفلت. ثم تطور هذا الميثاق إلى منظمة حلف الشمال الأطلسي للدفاع المشترك، ليكون إحدى أعمدة نظام العالم الغربي مابعد الحرب العالمية الثانية إلى جانب إقتصاد السوق.

يرى فيشر أن "العالَم الغربي قد تأسس على تعهد أميركي بالدفاع عن حلفاء الولايات المتحدة، ولا يستطيع النظام الغربي أن يضمن إستمراريته دون إضطلاع أمريكا بدورها الحاسم، هذا الدور الذي قد تتخلى عنه أمريكا في ظل حكم ترامب، مايضع مستقبل العالم الغربي على المحك".

ويتوقع فيشر بأن تكون فترة رئاسة ترامب، شديدة الإرتباك في السياسة الداخلية والخارجية، وأنه من غير المرجّح أن يتخلى ترامب عن إستراتيجيته التي أوصلته للحكم بعد تسمله مهامه الرسمية في يناير من العام القادم.

ويعتقد فيشر أن ترامب سيتجه أكثر فأكثر إلى مذهب الإنعزالية في تحقيق مايدعو إليه من "إعادة عظمة أمريكا"، ويغذي هذا الإتجاه إنتقاداته للحروب الأمريكية العقيمة في الشرق الأوسط، ورغبة أنصاره في تخلي بلادهم عن دور "الزعامة العالمية ". وهو مايراه فيشر مؤشرا ينبؤ بتقاعس أمريكا عن حماية الدول الغربية والدفاع عن النظام الدولي القائم على التجارة الحرة والعولمة.

من جهة أخرى يرى فيشر أن تعهد ترامب بالإنسحاب من إتفاق الشراكة عبر المحيط الهادي، "تي بي بي"، يمثل فرصة كبيرة للصين، وأن هذه الفرصة قد تتعزز بتراجع النفوذ الأمريكي في بحر الصين الجنوبي، "وقد تجد الصين نفسها قريبا، الراعي الجديد للتجارة الحرة العالمية، بل وربما الزعيمة العالمية الجديدة لجهود مكافحة تغير المناخ"، يقول فيشر.

يعتقد يوشكا فيشر أن أوروبا المرهقة من الأزمة المالية والمنقسمة سياسيا، لن تستطيع الإضطلاع بالمهام الإستراتيجية للولايات المتحدة في العالم، ويبني على ضوء ذلك نظرة متشائمة لمستقبل العالم الغربي: " وبالتالي، يكاد يكون من المؤكد أن العالَم الغربي كما يعرفه كل من هم على قيد الحياة اليوم تقريبا سوف يتلاشى أمام أعيننا."، كما يتوقع بأن تتعزز النزعة القومية في أوروبا، "وبمرور الوقت، سوف تُطلق أوروبا مرة أخرى شياطينها على القارة والعالَم". في المقابل، يرى فيشر أن الوضع بالنسبة للصين سيكون مغايرا، وأن التقهقر الأمريكي سيترك مجالا أوسع للصين لتبوْء مكانة أكثر أهمية في العالم.

يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يشكك فيها يوشكا فيشر في قدرة النظام الدولي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية على الإستمرار، وليست المرة الأولى التي يقدم فيها نظرة متشائمة حيال مستقبل أمريكا والعالم الغربي، فقد إعتبر ثورات "الربيع العربي" على أنها نهاية لنظام سايكس بيكو، ورأى الفوضى العارمة في منطقة الشرق الأوسط دليلا على تراجع قدرة أمريكا وأوروبا على فرض النظام الذي يريدانه في المنطقة.