بكين 26 نوفمبر 2016 /في الذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تجمع لفيف من الأستاذة والأكاديميين والدبلوماسيين الصينيين والمصريين اليوم (السبت) في العاصمة بكين لإجراء حوارات معمقة حول ماضي وحاضر ومستقبل التعاون الشامل بين البلدين.
ففي الدورة الأولى من منتدى التعاون الإستراتيجي الصيني ــ المصري الذي أقيم اليوم في جامعة بكين تحت رعاية مقرات معاهد كونفوشيوس، اتفق الحضور على الأهمية البالغة لتوطيد العلاقات الودية التقليدية بين البلدين، مؤكدين ضرورة البحث عن سبل متنوعة لإثراء هذه العلاقة النموذجية في ظل مبادرة الحزام والطريق الجاري بناؤها على قدم وساق.
وخلال افتتاحية المنتدى، أشار فو جي مينغ نائب عميد كلية اللغات الأجنبية بجامعة بكين إلى أن مصر من أوائل الدول التي أقامت علاقة دبلوماسية مع الصين الجديدة، وأجرى البلدان تبادلات وفعاليات ثقافية وتعليمية وإنسانية متنوعة خلال العقود الستة الماضية، مستشهدا بتنشئة الجامعات المصرية لرواد تعليم اللغة العربية في الصين وإقامة معهد كونفوشيوس في جامعة القاهرة وعام الثقافة الصيني ــ المصري 2016...إلخ.
وقال إن الصين ومصر، اللتين تذخران بحضارة عريقة، تعملان حاليا بجهد جهيد على النهوض بأمتيهما، معربا عن أمله في أن يقدم كل الحاضرين مساهماتهم لجعل زهرة الصداقة الصينية ــ المصرية تثمر ثمارا وافرة.
ومن جانبه استرجع الدكتور حسين إبراهيم المستشار الثقافي لسفارة مصر لدى الصين، التطورات والإجازات الكبيرة التي تحققت في العلاقات الثنائية بين البلدين، موضحا أن تعزيز السياسات تعد ضمانا هاما لبناء "الحزام والطريق".
وأضاف أن مبادرة احياء طريق الحرير الاقتصادى والتجارى هى أيضا مبادرة لاحياء جسور التعاون والتواصل الانسانى والثقافى والحضارى على مختلف المستويات ليكون الطريق الجديد مماثلا للقديم الذى لعب دورا هاما فى الربط بين مناطق واسعة فى العالم مما مكن شعوبها من تقديم اسهامات قيمة فى سبيل تنمية ورخاء للبشرية.
وفي هذا السياق قالت أ. د. رحاب محمود مديرة معهد كونفوشيوس بجامعة القاهرة إنه مع بناء "الحزام والطريق" بشكل شامل، يواجه الجانبان المصري والصيني فرصة تاريخية جديدة لتعميق شراكتهما الإستراتيجية الشاملة، كون مصر همزة وصل هامة في هذه المبادرة الواسعة الطموحة.
و"أتمنى أن يغتنم الجانبان هذا المنتدى كفرصة للتخطيط للمزيد من البرامج التعاونية وإطلاقها حقا، وذلك من أجل دفع تحويل الثمار العلمية والأكاديمية إلى فوائد واقعية"، على حد قولها.
ولدى حديثه عن إستراتيجية الحزام والطريق وتاريخ العلاقات الصينية ــ المصرية، كد يانغ فو تشانغ نائب وزير الخارجية الصيني الأسبق على أهمية مبادرة الحزام والطريق القائمة على التكافؤ المشترك في انتعاش اقتصادات الدول المعنية، مشيرا إلى أن مصر من أوائل الدول التي أعربت عن نيتها المشاركة في مبادرة الحزام والطريق.
وأضاف أن التعاون الاقتصادي بين البلدين في إطار المبادرة حقق إنجازات ملموسة في المرحلة الأولية، مستشهدا بمصنع للأليافا لزجاجية باستثمارات صينية ضخمة سيغدو أكبر مصنع من نوعه في المنطقة.
وذكر وو سي كه الذي سبق أن عمل سفيرا للصين لدى مصر أنه أثناء التغيرات الاجتماعية المصرية الكبرى، أيدت الصين خيار الشعب المصري بثبات، وعارضت أي تدخلات خارجية، متمسكة بتوطيد وتعزيز التعاون والتبادلات الودية بين الدولتين وشعبيهما.
وأضاف أن العلاقات الصينية ــ المصرية أصبحت نموذجا ناجحا للتعاون الصيني ــ الأفريقي، والتعاون الصيني ــ العربي، والتعاون بين الجنوب ــ الجنوب، منذ ارتقاء البلدين بعلاقتهما إلى شراكة إستراتيجية شاملة عام 2014، معربا عن ثقته في أن يعمق البلدان تعاونهما في المستقبل لكتابة فصل جديد لكي تستفيد الحضارتان الصينية والمصرية من بعضهما البعض وتحققان منافع متبادلة.
وبدوره قال أحمد السيد النجار رئيس مجلس إدارة مؤسسة ((الأهرام)) في كلمة رئيسية إنه "إذا تعاملنا مع العلاقات الاقتصادية المصرية ــ الصينية على أنها علاقات استراتيجية حقا وتقوم على نموذج طريق الحرير في إطار مبادرة الحزام والطريق، فإن الصين وشركائها ينبغي أن تساهم بفعالية في تحقيق الدفعة الاستثمارية القوية على قاعدة تبادل المصالح مع الاقتصاد المصري".
وأضاف "إذا كان الاقتصاد المصري يحتاج لهذه الدفعة الاستثمارية القوية ليضع أقدامه على درب النمو السريع، فإنه يقدم للشركاء الصينيين موقعا استثنائيا في وسط أهم أسواق العالم بما يعنيه من ميزات في تخفيض نفقات النقل والتأمين، وعلاقات اقتصادية مفتوحة مع العالم عموما، ودخول حر للأسواق العربية والأوروبية والإفريقية فضلا عن السوق المصرية الضخمة..."
كما ناقش المنتدى، الذي يعد الأول من نوع بين جامعات صينية ومصرية حول التعاون الإستراتيجي في مبادرة إطار الحزام والطريق (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21)، موضوعات أخرى مثل التعاون الاقتصادي والتعاون التكنولوجي والتبادل الثقافي والحوار في مجالي السياسة الأديان بشكل معمق.
ومن المقرر أن تقام الدورة الثانية لمنتدى التعاون الاستراتيجي الصيني ــ المصري في جامعة القاهرة في العام المقبل.