تعليق: التعاون الاستخباراتي بين اليابان وكوريا الجنوبية يهدد الامن الاقليمي

وقع وزير الدفاع هان مين كو وسفير اليابان لديها ياسوماسا ناجاميني نيابة عن البلدين "اتفاقية تبادل معلومات الاستخبارات العسكرية " يوم 23 نوفمبر الجاري في سيول. وأثارت هذه الخطوة غضبا شعبيا عارما في كوريا الجنوبية واهتماما واسعا من قبل وسائل الاعلام الكورية الجنوبية ايضا.

وذكرت وسائل الاعلام الكورية الجنوبية ، أن "اتفاقية تبادل معلومات الاستخبارات العسكرية " بين كوريا الجنوبية واليابان هي اول اتفاقية عسكرية بين البلدين منذ تخلص كوريا الجنوبية من الحكم الاستعماري الياباني في عام 1945. ووفقا للاتفاق ،تحصل كوريا الجنوبية على المعلومات التى جمعتها اليابان من خلال خمسة اقمار صناعية حول قاعدة الغواصات وقاعدة الصواريخ البالستية والصواريخ البالستية التي تطلق من الغواصات في كوريا الشمالية، ويلزم الاتفاق اليابان بتقديم المعلومات حول غواصات كوريا الشمالية إلى كوريا الجنوبية، والتي تحصل عليها الطائرات الاستخبارية اليابانية، بالإضافة إلى المعطيات من أقمار التجسس حول التحضير لإطلاق صاروخي جديد من جانب كوريا الشمالية. وبالاضافة الى الاقمار الصناعية،يمكن لرادارات اليابان رصد الصواريخ البالستية لكوريا الشمالية عن بعد يتجاوز 1000 كلم، ست مدمرات ايجيس و17 طائرة الانذار المبكر. ويمكن لليابان الحصول على المعلومات التى جمعتها كوريا الجنوبية من خلال المنشقين من كوريا الشمالية ومراقبة طائرات الاستطلاع لجمع معلومات الفيديو.

في عام 2012،حاولت كوريا الجنوبية فى عهد لي ميونغ باك توقيع "اتفاقية تبادل معلومات الاستخبارات العسكرية " مع اليابان ، ولكن لم يتم التوقيع في اللحظة الاخيرة بسبب الجدل الذي اثارته العلميات السرية. ومنذ ذلك الحين ، أعربت الحكومة الكورية الجنوبية مرارا على أن الظروف المحلية الراهنة غير مواتية لهذا الاتفاق.ولكن هذا العام، اعلنت الحكومة الكورية الجنوبية فجأة يوم 27 أكتوبر إستئناف المفاوضات مع اليابان، والانتهاء من الاجراءات اللازمة للتوقيع على الاتفاق رسميا في غضون 27 يوما.

وفي هذا الصدد، هاجم الحزب الديمقراطي والحزب الوطني وحزب العدالة وهى أكبر ثلاثة أحزاب خارج الحكم فى كوريا الجنوبية،وغيرهم "اتفاقية تبادل معلومات الاستخبارات العسكرية " واصفين اياها ب "اتفاقية بيع البلاد"، متهمين رئيسة كوريا الجنوبية بعدم تاهلها سياسيا لاخذ مثل هذا القرار ،ومفكرين فى رفع اقتراح إلى برلمان كوريا الجنوبية لعزل وزير الدفاع من منصبه.

ووفقا للاستطلاع الذي أجراه مركز غالوب كوريا نشر يوم 18 نوفمبر، أن بين 1007 شخص من كوريا الجنوبية شملهم استطلاع الرأي، هناك 59% يرفضون تعزيز التعاون العسكري مع اليابان العدو التاريخي،وضد "اتفاقية تبادل معلومات الاستخبارات العسكرية "، و31% متقبلون للاتفاقية، واعرب 10% عن تحفظهم. ونظمت " الجمعية الوطنية ضد الحرب ومن أجل السلام" وغيرها من 11 مجموعة مدنية احتجاجات ضد توقيع "اتفاقية تبادل معلومات الاستخبارات العسكرية " مع اليابان أمام وزارة الدفاع لكوريا الجنوبية، مطالبين الرئيسة بارك جيون هاي بالتنحي.

وأشار المحللون في " اخبار الوطنية الكورية الجنوبية " إلى ان حكومة كوريا الجنوبية قالت انها يمكن الحصول على معلومات عن كوريا الشمالية من اليابان، ولكن الخسارة التي تنجم من الاتفاق اكثر من الفائدة. وستصبح الاتفاقية نقطة انطلاق لدخول قوات الدفاع الذاتي اليابانية الى شبه الجزيرة الكورية وتعزيز القوات العسكرية اليابانية، وهذا ما تتطلع اليه اليابان من توقيعها مع كوريا الجنوبية " اتفاقية توفير العمل المادي بين بعضهما البعض". كما أن التوقيع على الاتفاقية سيزيد من تدهور الوضع الامني في شمال شرق آسيا، وسيصعب عملية حل القضية النووية لكوريا الشمالية.

وأشارت وسائل الاعلام الكورية ايضا الى أن التعاون العسكري بين كوريا الجنوبية واليابان حساس جدا. وعلى وجه الخصوص، في ظل المشاكل الخطيرة التي تعاني منها حكومة ابي في مفهوم التاريخ، وخلفية العودة الى النزعة العسكرية اليابانية، وتعزيز التعاون العسكري بين كوريا الجنوبية و" اليابان التي قد تشن حربا"، له عواقب وخيمة جدا على الامن الاقليمي.

وأشارت وكالة أنباء كيودو اليابانية الى أن الراي العام المحلي في كوريا الجنوبية ضد التعاون العسكري مع اليابان، بالاضافة الى أن حادثة تدخل المقربين من الرئيسة بارك جيون هاي في السياسة ، يمكن تحويل التركيز والانتباه الى تبادل المعلومات الاستخباراتية مع اليابان. وفي الوقت الحاضر،وقعت اليابان "اتفاقية تبادل معلومات الاستخبارات العسكرية " مع الولايات المتحدة ، فرنسا، استراليا، كما وقعت كوريا الجنوبية الاتفاقية مع الولايات المتحدة وبريطانيا.