بعد تقدم كبير في الاقتصاد والتجارة تجسده الثقة المتبادلة والتعاون المثمر متكافئ الكسب، يكون التعاون الصيني-التشيلي قد دخل " دربه السريع".
ويوشك الرئيس الصيني شي جين بينغ على القيام بزيارة دولة إلى تشيلي، في أخر محطة من جولته التي تستمر أسبوعا لثلاث دول بأمريكا اللاتينية.
وتمثل زيارة شي تفاعلا آخر رفيع المستوى بين البلدين ما يشير إلى تعاون وعلاقات أوثق بين الصين وتشيلي.
وفي يوليو عام 2014، التقي شي نظيرته التشيلية ميشال باتشيليه خلال اجتماع مع قادة أمريكا اللاتينية في البرازيل، واتفقا على مواصلة تعميق التعاون الاقتصادي الثنائي والتنسيق السياسي.
وفي نوفمبر عام 2014، حضرت باتشيليه الاجتماع الـ22 لقادة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا-الباسيفيك (آبيك) في بكين، حيث التقت مجددا نظيرها الصيني لبحث سبل تطوير العلاقات الثنائية.
وفي مايو عام 2015، قام رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ بزيارة رسمية إلى تشيلي، وأعرب عن الاستعداد لتوسيع التجارة الثنائية وإطلاق عائدات التجارة الحرة ومواصلة الارتقاء بمناطق التجارة الحرة الصينية-التشيلية.
وأعرب عن أمله في أن يتخذ الجانبان بناء البنية الأساسية كموطئ قدم في تعزيز التعاون في الطاقة الانتاجية ولاسيما التعاون الصناعي والاستثماري.
كما دعا البلدين الى تعميق التبادلات الثقافية والشعبية.
وقالت باتشيليه في مقابلة حصرية أجرتها معها وكالة ((شينخوا)) قبيل زيارة شي، "إننا لدينا علاقات سياسية وتجارية مهمة جدا مع الصين".
--تعميق العلاقات التجارية
وأقامت الصين وتشيلي العلاقات الدبلوماسية في 15 ديسمبر عام 1970. وتعد تشيلي أول دولة في أمريكا الجنوبية أقامت تلك العلاقات مع الصين. كما كانت من أوائل الدول التي اعترفت بالصين كاقتصاد السوق ودعمت انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية.
ووقعت الصين وتشيلي اتفاقية للتجارة الحرة في نوفمبر عام 2005، دخلت حيز التنفيذ في أكتوبر عام 2006. لتصبح تشيلي أول دولة في أمريكا اللاتينية توقع اتفاقية ثنائية للتجارة الحرة مع الصين.
وفي عام 2014، بلغ حجم التجارة الثنائية 34.15 مليار دولار أمريكي، بزيادة 5 أضعاف تقريبا عما كان قبل توقيع الاتفاق. وأصبحت الصين، التي كانت يوما ما الشريك التجاري الـ25 لتشيلي قبل التوصل الى اتفاق التجارة الحرة، أصبحت أكبر شريك تجاري ومشتر ومستورد من تشيلي.
وفي عام 2015، على الرغم من تراجع إجمالي حجم التجارة الثنائية إلى 31.9 مليار دولار بسبب الأزمة المالية العالمية، إلا أن صادرات تشيلي إلى الصين مثلت أكثر من ربع إجمالي صادراتها.
وأدت اتفاقية التجارة الحرة أيضا إلى تنويع التجارة، حيث صاحبها زيادة في عدد المنتجات صينية الصنع في الأسواق التشيلية. وتمثل السيارات ذات العلامة الصينية الآن 15 بالمئة من إجمالي السيارات المتداولة.
وتعد تشيلي ثالث أكبر مورد زجاجات نبيذ للصين. وتستورد الصين 98 بالمئة من التوت، و80 بالمئة من الكرز، و50 بالمئة من التفاح والعنب من تشيلي.
وسلط ليو روتاو، المستشار الاقتصادي والتجاري بالسفارة الصينية في تشيلي، الضوء على التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.
وقال ليو إن مستوى جديدا من التجارة الحرة سيضيف التجارة الالكترونية والتجارة في الخدمات والجمارك الرقمية والتفتيش والحجر الصحي المتطور إلى سلة تجارة السلع التقليدية.
ويسعى البلدان أيضا بنشاط إلى التعاون المالي. وخلال اجتماعه مع باتشيليه في يوليو عام 2014، أكد شي أهمية التعاون المالي، داعيا البلدين إلى تشكيل نمط تعاوني جديد مدفوع بالتعاون المالي ومدعوم بالتعاون التجاري والاستثماري.
وفي يونيو عام 2016، افتتح بنك الإنشاء الصيني، وهو أحد أكبر المؤسسات المصرفية الصينية، فرعا له في سانتياغو ، ليصبح بنك المقاصة الأول لتسوية المعاملات بالعملة الصينية الرنمينبي في أمريكا الجنوبية.
والبنك، برأس ماله الذي يفوق كافة البنوك الأجنبية الأخرى في تشيلي، لم يساعد في تعزيز التبادلات الاقتصادية والتجارية والتعاون المالي بين الصين وتشيلي فحسب، لكنه أصبح أيضا منصة اقتصادية لأمريكا اللاتينية بأكملها.
وقالت باتشيليه إنه " سمح لنا بتنويع احتياطات البنك المركزي التشيلي وتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي".
-- تعميق التبادلات بين الشعبين
ويمكن أن تلحظ تبادلات ثنائية أكبر في مجال الثقافة، مع إعلان 2015 "عام الثقافة الصينية في تشيلي" و2016 " عام التبادل الثقافي بين الصين وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي".
وقد أجريت تبادلات واسعة في مجالات مختلفة مثل الفن والأدب والسينما، وتسهيل أنشطة مختلفة الأشكال والألوان من معارض وعروض وبانوراما الأفلام. وقد دعي العديد من المشاهير الصينيين مثل عازف البيانو الصيني الشهير لانغ لانغ للعزف في تشيلي.
ومن بين أحداث ثقافية أخرى كثيرة، يقام حاليا معرض كنوز المدينة المحرمة الصينية بقصر الثقافة المركزي بتشيلي، بعد معرض عام 2000 لمحاربي التيراكوتا من مقبرة الإمبراطور الصيني الأول تشين شي هوانغ الذي عاش قبل آلاف السنين.
وجذب معرض 2016 حتى الآن أكثر من 200 ألف زائر من تشيلي خلال شهرين.
وبالإضافة إلى ذلك، زار العديد من الكتاب والشعراء والمخرجين والموسيقيين الصينيين الجامعات التشيلية لتقديم الأدب والفن الصيني.
كما شهدت شيلي شغفا بتعلم اللغة والثقافة الصينية. وافتتح حتى الآن في تشيلي اثنين من معاهد كونفوشيوس وأكثر من 20 مدرسة لتدريس اللغة الصينية.
ويقع مقر المركز الإقليمي لمعهد كونفوشيوس بأمريكا اللاتينية في سانتياغو حيث يوجد أكثر من 50 معلما صينيا متطوعا لتعليم الصينية لأكثر من 5 آلاف طالب تشيلي.
وقالت باتشيليه " في تشيلي، لقد بدأنا بالفعل دراسات اللغة الصينية لتسهيل التبادلات والتعلم من بعضنا البعض واكتساب خبرات أكبر".