إن الدورة الكاملة السادسة للجنة المركزية الـ18 للحزب الشيوعي الصيني، التي عقدت في أكتوبر، بعثت برسالة قوية تدل على تصميم الحزب على تحقيق حوكمة شاملة وأشد صرامة داخل الحزب.
وأشار العديد من المراقبين والباحثين حول العالم إلى أن الحوكمة الشاملة للحزب الشيوعي الصيني من المتوقع أن تضخ قوة دفع جديدة في الجهود المبذولة لتحقيق الحلم الصيني المتمثل في النهضة الوطنية.
وأكد شي جين بينغ السكرتير العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني خلال الاجتماع على ضرورة تنظيم الحياة السياسية وزيادة الرقابة داخل الحزب، واصفا هذه الخطوة بأنها "مدخلا مهما لتعزيز الحوكمة الشاملة والصارمة للحزب".
وقد نشر الحزب الشيوعي الصيني في 2 نوفمبر الجاري قواعد محدثة حول الحياة السياسية داخل الحزب، أدخلت للوصول بـ"الشموليات الأربع" للحزب الشيوعي الصيني إلى الدرجة المثلى وتعزيز الحوكمة الصارمة للحزب.
ويقول بعض المراقبين والباحثين الأجانب إنه في هذه اللحظة الحرجة من تنمية الصين، تشير دعوة الحزب الشيوعي الصيني إلى حوكمة صارمة داخل الحزب تشير إلى الرؤية الإستراتيجية بعيدة النظر للقادة الصينيين وحكمهم الرشيد.
إن هذه الخطة الجديدة لا تعد فقط خطوة ابتكارية هامة اتخذها الحزب الشيوعي الصيني نفسه، وإنما أيضا مثالا يمكن أن يحتذى به في الإدارة والحوكمة بالنسبة للأحزاب السياسية الأخرى حول العالم، كما ذكر البعض.
فمن جانبه، قال قو شيويه وو مدير مركز الدراسات العالمية في جامعة بون إنه "من خلال عقد الدورة الكاملة، يهدف الحزب الشيوعي الصيني بقيادة شي إلى أن يظهر للشعب الصيني والعالم حزبا حاكما متفانيا في التجديد الذاتي والنمو الذاتي والتحسين الذاتي".
ولفت مراقبون إلى أن الوثيقتين المتعلقتين بانضباط الحزب وتمت المصادقة عليهما في الدورة هامتان لتدعيم حوكمة الحزب من خلال تنقية وإصلاح وتطوير قواعد الحزب الشيوعي الصيني المتعلقة بالحياة السياسية والرقابة والمساءلة فضلا عن اختيار الموظفين داخل الحزب .
وقد أعرب قو عن اعتقاده بأن بالمبادئ التوجيهية الجديدة المتعلقة بالحياة داخل الحزب تهدف في الأساس إلى الحيلولة دون أن يصبح أعضاء الحزب فاسدين، وخاصة من يتقلدون مناصب رفيعة المستوى.
وقال شليو ريوس مدير المرصد الأسباني للسياسات الصينية في مدريد إن "الإصرار على نقاء الحزب أصبح عاملا رئيسيا في تحديد مسار للصين في سياق الأزمة الاقتصادية العالمية".
وأشار إلى "ضرورة تدعيم القواعد والإجراءات الجديدة لرفع المعايير الأخلاقية للحزب الشيوعي الصيني وأعضائه، ومواجهة مزيد من التحديات، وضمان الاعتراف العلني بقدرته على تحقيق الهدفين المئويين المتمثلين في بناء مجتمع شامل رغيد العيش على نحو معتدل والنهوض بالبلاد لتصبح دولة اشتراكية حديثة وكذا تحقق الحلم الصيني".
ويعتقد بعض المراقبين الأجانب أنه من خلال تدعيم الحوكمة داخل الحزب وتعزيز حملة مكافحة الفساد، لن تواصل الصين فقط دفع اقتصادها قدما، وإنما ستساعد أيضا على رفع المكانة الدولية للبلاد.
وذكر مونشي فايز أحمد رئيس المعهد البنغلاديشي للدراسات الدولية أن "حملة مكافحة الفساد في الصين ستعود بنتائج كبيرة على الجهود التي يبذلها ثاني أكبر اقتصاد في العالم للحفاظ على حوكمة جيدة ونمو اقتصادي بهدف ضمان تدفق مستدام للمنافع على شعبه والبلدان والمناطق في جميع أنحاءالعالم".
وقال ناصر عبد العال الباحث بمركز الدراسات الصينية في جامعة عين شمس بالقاهرة أنه "من خلال الحوكمة الصارمة للحزب، يعزز الحزب الشيوعي الصيني الحياة السياسية داخله ويجدد حيويته ونضارته".
وأشار أحمد والي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إلى أن "مثل هذه الاجتماعات تكتسب أهمية كبيرة حيث أنها تمثل مراجعة ذاتية داخل الحزب وتقود إلى تصحيح الأخطاء إن وجدت".
وتنبثق ثقة الصين في نظامها عن حوكمة الحزب الشيوعي الصيني الذي قوبلت أيضا كفاءته في تصحيح الأخطاء باهتمام كبير بين المراقبين الدوليين.
ويعتقد بعض المراقبين الأجانب أن حوكمة الحزب الشيوعي الصيني ذات الخصائص الصينية ستقدم للأحزاب السياسية الأخرى حول العالم نموذجا مثاليا "للحكمة الصينية".