1958 ... الاعتراف بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية
بدأت سياسة الصين الخارجية تجاه الدول الآسيوية والافريقية تتغيرمنذ عام 1958من جبهة موحدة دولية من أجل تحقيق السلام الى جبهة موحدة ضد الامبريالية.وشهدت الاستراتيجية الدبلوماسية الصينية تحسنا كبيرا، من بينها العلاقات الثنائية بين الجزائر والصين، لتصبح الجزائر نقطة انطلاق لسياسة الجبهة الموحدة لمناهضة الامبرالية .وبدأ الاتصال المباشر بين الجانبين الجزائري والصيني من بداية عام 1958. وقال ماو تسي تونغ خلال اجتماعه مع وفد الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية:"الصين شاكرة وممتنة لكم، حيث تساعدنا قوتكم على التقدم ولو خطوة واحدة الى الامام ضد الامبرياليات الثلاث." وقال فرحات عباس رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية : " أطلبوا العلم ولو في الصين"، مضيفا :" نلتمس المساعدة ولو من الصين البعيدة أيضا".
30 مارس 1958، يوم التضامن مع الشعب الجزائري
وفي 30 مارس 1958، عقدت لجنة الشعب الصيني للدفاع عن السلام العالمي يوم التضامن مع الشعب الجزائري بحضور 1500 شخص لدعم الشعب الجزائري من أجل الاستقلال الوطني، وبحضور ممثلي عن جبهة التحرير الوطني الجزائري. ونشرت صحيفة الشعب اليومية اللسان الناطق باسم الحزب الشيوعي الصيني، افتتاحية للترحيب. وحسب ما ذكرته الوثائق التاريخية فإن الصين كانت حذرة في ما يتعلق بالمساعدات المالية التي تقدمها للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية ، وخاصة بعد تقديم أمريكامبدأ أيزنهاور ،وقدرة أي بلد أن يطلب المساعدة الاقتصادية الأمريكية و/أو العون من القوات المسلحة الأمريكية إذا ما تعرضت للتهديد من دولة أخرى، في خطوة لعزل النفوذ الشوعي في العالم. وقال رئيس مجلس الدولة الصيني تشو آن لاي خلال لقائه فرحات عباس يوم 1 ابريل ،أن الصين تتوخى الحذر بشأن المساعدات التي تقدمها للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية ،حتى لا تتخذه الإمبريالية ذريعة للتدخل في شمال أفريقيا وزيارة الضغط على الجزائر. مضيفا:" الجزائر ينبغي أن تنضال من أجل تحقيق الاستقلال الوطني ،وعدم ترك فراغ بعد خروج فرنسا من الجزائر حتى لا تترك فرصة للدخول الامبرياليين الأمريكيين والبريطانيين، كما لا يجب أن تعلقوا آمالا كبيرة على أمريكا ."
20 ديسمبر1958، توقيع بيان مشترك بين الجمهورية الصينية الشعبية و الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية
غيرت الصين نهج الحذر اتجاه تقديم المساعدات للجزائر في ظل تعزيز العلاقات العربية ـ الصينية واعتراف الصين بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في 22 سبتمبر 1958. وخلال زيارة محمود الشريف وزير التسليح والتموين،والسيد بن يوسف بن خدة وزير الشؤون الاجتماعية والدعاية يوسف بن خدة الصين في 3 سبتمبر1958، إلتقا بوزير الدفاع الصيني بانغ دو خواي ،وزارا تدريبات عسكرية ل196 جندي من جيش التحرير الصيني،ما يبين تغيرا واضحا لموقف الصين بشأن الالتزام بتقديم المساعدات للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية هذه الفترة، والتي تعود إلى التغيرات التي طرأت على السياسة الصينية تجاه الثورة الجزائر إلى التغيرات في العلاقات الصينية ـ الامريكية، وانشاء الصين جبهة موحدة ضد الامبريالية. وظهور ازمة مضيق تايوان الثانية في أغسطس عام 1958 ، مما كان قد يؤدي الى نشوب حربا مرة أخرى.
يرى ماو تسي تونغ أن هناك تقارب في النضال بين الصين والدول العربية ، قائلا :"الولايات المتحدة تهاجم الاشتراكية، وتهاجم القومية ايضا"، حيث تناضل الصين من أجل الشيوعية وتناضل الجزائر ومصر ولبنان ودول اخرى في الشرق الاوسط من أجل القومية، مما يجعل الدول الآسيوية والافريقية في طليعة النضال ضد الإمبريالية، وان امتلاك الجانبين موقعا استراتيجيا هاما ينبغي إغتنامه.وعلى هذا الاساس طرح ماو تسي تونغ "استراتيجية الخناق"،حيث من الممكن مكافحة دول آسيوية وافريقية ضد أمريكا، من ثم تشتيت القوة الامريكية. وفي هذا السياق، منحت الصين قيمة استراتيجية عالية للنضال الجزائري ضد الفرنسيين، وإيلاء الاهتمام الكامل للثورة الجزائرية.واصبحت العلاقات الجزائرية ـ الصينية جزءا مهما في سياسة الجبهة الموحدة لمناهضة الإمبريالية.