مرشح دولة قطر لمنصب المدير العام لليونسكو: ضرورة توسيع دائرة الحوار الثقافي لأجل إحلال السلام في العالم (2)

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/  16:26, October 13, 2016

13 أكتوبر 2016/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ ألقى الدكتور حمد بن عبد العزيز الكوّاري مرشح دولة قطر مديرا عاما لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"محاضرة بعنوان"الصين والعرب ودرس حوار الثقافات" في جامعة بكين صباح اليوم 13 أكتوبر، بحضور السيد سلطان بن سالمين المنصوري ، سفير دولة قطر لدى بكين ، وبعض رؤساء البعثات الدبلوماسية العربية لدى بكين ونخبة من الدبلوماسيين والمثقفين العرب، ومن الجانب الصيني ، فو تسىمينغ، وكيل كلية اللغات الأجنبية ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط فى جامعة بكين، أ.د. لين فنغمين ، رئيس قسم اللغة العربية بجامعة بكين ونائب رئيس جمعية الصين لدراسات الأدب العربى، وحشد من الطلبة الصينيين، وعدد من وسائل الاعلام الصينية والاجنبية.

واستعرض الدكتور حمد بن عبد العزيز الكوّاري في بداية المحاضرة تاريخ العلاقات الصينية والعالم العربي عامة والعلاقات الصينية ـ القطرية خاصة، ومدى عمق هذه العلاقات رغم ما عرفته الحضارة الانسانية من مد وجزر في مستوى الصلات بين الشعوب.

ويرى الكوّاري أن أساس منظمة اليونسكو العتيدة الفكري والقيمي مبثوثا في العلاقات العربية ـ الصينية التي أدركت منذ قرون معنى احترام الثقافات أيّا كانت الاختلافات، حيثُ أسهم التنوّع في إثراء الحضارتين العربيّة والصينيّة على السّواء. ويعتقد الكوّاري أن مبادرة "بناء الحزام والطريق" التي أطلقتها الصين عام 2013 جاءت لإحياء طريق الحرير القديم الذي ربط الصين بالعرب منذ أكثر من ألفي عام ، حيث تشغل المنطقة العربية حيزا مهما في تنفيذها، وقد ضمت اليونسكو "طريق الحرير العظيم" إلى قائمة التراث العالمي لما لعبه من دور تاريخي في تطوير العلاقات الاقتصاديّة والثقافيّة لشعوب المنطقة. وقال أنه يجد في الصين التعبير الأمثل للتنوع الثقافي سواء في داخل تركيبتها الاجتماعيّة أو في علاقتها بالعرب أيضا، وهوما يجعل الصينيين أكثر تفهما لمدى أهمية دور اليونسكو في هذه المرحلة بالذات حين يتعلق الأمر بضرورة توسيع دائرة الحوار الثقافي لأجل إحلال السّلام في العالم.

كما يرى الكوّاري أن اليونسكو بحاجة لانطلاقة جديدة تتسم بالإبداع في الطرح وبمعالجة التطورات التي تعيق أداء عملها على الوجه المطلوب. وأن تعريف الجميع بأهداف اليونسكو النبيلة وتقديمها على الوجه الأفضل سوف يدرك العالم أنه اليوم بحاجة إلى هذه المنظمة الدولية أكثر من أي وقت مضى لزرع السلام في العقول.

وإذا كانت العلاقة العربية الصينية قائمة على الحوار فإن أبهى صورة تجسد هذا الحوار الخلاق هي رحلة ابن بطوطة، وهو واحد من أشهر الرحالة في العالم إلى الصين، الذي يعود له الفضل في تقديم الصين للعالم العربي والعالم الغربي على السواء، ومن بدائع الحوار العربي الصيني ما تجلى في تجربة موازية للرحالة الصيني "وانغ دا يوان" الذي ساهم في تعريف الصّينيين بالحضارة العربية من خلال رحلاته إلى أكثر من بلد عربي في القرن الرابع عشر، حيث عرف الصينيين بمعلومات عن البلدان العربية وكان له دور في تطوير العلاقة بين الصين والعرب. وتعتبر هذه الرحلات صنفا من أصناف الحوار الثقافي وهي لم تقتصر على العصر الوسيط بل تمتدّ إلى الآن، وليس أدل على ذلك من تخصيص دولة قطر هذه السنة 2016 لتكون السنة الثقافية للصين تعبيرا عن تقديرها لدور العلاقات الصينيّة القطرية وتأكيدها على أهمية الثقافة في تمتين التقارب بين الشعوب، وقد تشرفت بتدشين هذه الفعالية حين كنت وزيرا للثقافة والفنون والتراث، وأكدت على أن السنة الثقافية الصينية القطرية تشكل فرصة ثمينة للتفاعل بين قطر والثقافات الأخرى، وأن العلاقات الثقافية قوة دافعة للتعاون في جميع المجالات ومنها المجال الاقتصادي.

وقال الكوّاري:"تنتظر اليونسكو خطوات قادمة لسن القوانين التي تحمي التراث المادّي وغير المادي للإنسانية وتُجرم كل من يعتدي عليه باعتبارها الحاضنة الشرعية لحماية التراث العالمي."

وقال في الختام، إنّنا نحيا جميعا اليوم مرحلة حساسة من تاريخ الحضارة الإنسانيّة، مرحلة تتطلب إحلال التفاهم الدولي القائم على الحوار بين الثقافات، وهو تفاهم مشروط بتبني نزعة إنسانية جديدة يتحقق فيها مفهوم العالمية من خلال الاعتراف بالقيم المشتركة في سياق تنوع الثقافات. وإني أعتبر أن الصين تلعب دورا مميزا في تكريس هذا المسار لإرثها التاريخي القائم على الإيمان بقيمة التبادل الثقافي ومكتسباتها الحاضرة التي تربط الثقافة والتربية والتعليم بالتنمية المستدامة.