قالت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية في مقال نشرته مؤخرا، " إذا أردنا دراسة مستقبل شركات التجارة الإلكترونية الخلوية، فعلينا ألا نركز على السيليكون فالي فقط، بل أن نهتم بالصين أيضا." وتحدثت عن جملة من الشركات الصينية الرائدة في هذا المجال، مثل شركة علي بابا التي بشكل كبير على الإبتكار، وقامت بتوسيع أعمالها لتشمل أكثر من 200 دولة ومنطقة في العالم؛ وشركة تنست "التي قام فيسبوك بتقليد تقنيتها في الدفع"؛ أما شركة هواوي فقد دخلت في هذا المجال "أرضا لم تطؤها أي قدم"....حيث نجحت الشركات الصينية بسرعة في هضم الأفكار والتقنيات العالمية، وإستطاعت تطوير الإبتكار وتسويقه.
غير أن البعض يرى بأن الإبتكار هو الإنتقال من "0 إلى 1"، أما الإنتقال من "1 إلى N"، فهو الاستنساخ فقط. وهذا الفهم للإبتكار ميكانيكي بعض الشيء. مثلا الإبتكار التقني في صناعة السيارات اليابانية لم ينتقل من "0 إلى 1"، وبالنسبة للأمريكيين كانت السياراة اليابانية مرادفة للبضائع الرخيصة، لكن لاحقا إعتمدت الصناعة اليابانية على "الإبتكار الجزئي"، وغيرت بنية المنافسة في سوق السيارات العالمية. أما زوكربرغ فلم يخترع شيئا جديدا، لقد إعتمد طريقة جديدة في توظيف التكنولوجيا الموجودة، وأسس بذلك "شبكة فايسبوك". لذا فإن الإنتقال من "1 إلى N" يمكن أن يكون تجديدا وتحسينا للموجود، وهذه إحدى الخصائص التي تميز الشركات الصينية.
عندما نتمعن في طبيعة الإبتكار لدى الشركات الصينية، نجد أن المميزات تستند إلى تضافر 3 عوامل رئيسية: قدرات التصنيع الناضجة، سوق محلية كبيرة والنهضة السريعة للبحث العلمي. ويساعد تقدم القطاع الصناعي في الصين على تحويل الإبتكارات إلى منتجات خلال وقت سريع، وهذا يمثل حافزا كبيرا للمبتكرين؛ من جهة أخرى، تسهم شساعة نطاق السوق الصينية وتنوعها في مواجهة الصين لعدة مشاكل، ويطرح على الشركات ضرورة التفكير في الحلول، وتعد هذه الحلول في حد ذاتها إبتكارا، لذلك يرى بعض الخبراء الغربيين أن السوق الصينية تعد أفضل حاضنة لتفريخ أقوى المنافسين العالميين؛ في ذات السياق، يشهد الدعم المالي للبحث العملي إرتفاعا سريعا، حيث بلغت مساهمة الخواص في دعم البحث العلمي في الصين 77%، وبات الإنفاق الصيني على البحث العلمي الثاني عالميا. ويمكن القول أن الصناعة الصينية بدأت تمزق علامة "التقليد" وتدخل عالم "الريادة" الصناعية.
يعكس تطور الإبتكار في الشركات الصينية التحول الذي تشهده الصين من الإعتماد على النمط التجاري الغربي إلى ريادة النموذج التجاري العالمي، كما يعكس ثمار تطور الإقتصاد الصيني، ويعد صورة حية للإبتكار في الصين. وقد أظهر تقرير "المؤشر العالمي للإبتكار" الصادر عن المنظمة العالمية لحقوق الملكية الفكرية 2016" دخول الصين أقوى 25 إقتصاد إبتكاري في العالم.
"على العالم أن يغير إنطباعه على الإبتكار في الصين"، باتت هذه الجملة تتردد في عدة وسائل إعلام عالمية، بل إن صحيفة بريطانية ذكرت أن "النظر شرقا والتعلم من الصين أصبح مفهوما ناشئا في الدول الغربية. " لكن لاتزال الصين تسجل قصورا على مستوى التكنولوجيات الرئيسية، ومازالت تنتظرها عدة تحديات لتحقيق إختراقات في هذا الجانب. وتعد مدينة شنجن في الوقت الحالي إحدى أهم قوى الدفع لتطوير الإبتكار وتحول الإقتصاد الصيني، كما أن العديد من المدن الصينية الأخرى تنافس شنجن على هذه المكانة.