نانجينغ مدينة إبداعية

تشو لين

لا شك أن الإبداع يضيف حيوية للاقتصاد العالمي، المدن الصينية الآن تتقدم على طريق التنمية الإبداعية.

يقول البروفيسور هو بي ليانغ، أستاذ الاقتصاد ورئيس معهد بحوث الأسواق الناشئة في جامعة بكين للمعلمين: "إذا كانت جيانغسو مقاطعة بارزة في مسيرة التنمية الاقتصادية الصينية، فإن حاضرتها، مدينة نانجينغ، تعتبر نموذجا للتنمية الاقتصادية في المقاطعة."

تطوير صناعات مميزة

نانجينغ، التي تقع في شرقي الصين، كانت عاصمة ست أسرات ملكية في الصين القديمة، ومركزا اقتصاديا هاما في دلتا نهر اليانغتسي وميناء هاما. وقد عرفت شعوب العالم جسر نانجينغ على نهر اليانغتسي بعد إدراجه في ((موسوعة غينيس للأرقام القياسية)) باعتباره "أطول جسر في العالم من طابقين يضم طريقا بريا وخطا حديديا" عام 1960.

"تأسيس المشروعات والإبداع" حاليا ليس شيئا غريبا على نانجينغ، التي تأسست بها منطقة للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية في عام 1992. وقد لخص شن ين لونغ، نائب مدير منطقة نانجينغ للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية مسيرة تطورها خلال الأكثر من عشرين عاما الماضية قائلا: "أهم شيء في التنمية الإبداعية هو معرفة الخصائص الذاتية للموارد أولا، ثم تحديد هدف وخطة التنمية المناسبين للمستقبل."

بعد التحليل الشامل لمزاياها، ركزت منطقة نانجينغ للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية على أربع صناعات مميزة، هي البصريات والإلكترونيات والهندسة الطبية الحيوية والمعدات المتقدمة والخدمات الحديثة. وأقيم في المنطقة المقر العام لها ومركز تكنولوجي ومركز للبحوث والتطوير ومركز تسويق ومركز لوجستيات. حاليا، يتجاوز عدد المؤسسات في المنطقة ثلاثة آلاف وخمسمائة مؤسسة من أكثر من ستين دولة ومنطقة.

قال شن ين لونغ: "العولمة والرؤية الدولية يشكلان طريق التنمية الإبداعية في نانجينغ". وقد أعرب أكثر من أربعين مؤسسة معدات حديثة من ألمانيا والسويد واليابان وغيرها عن ثقتها بمستقبل خطة "صنع في الصين 2025". وفي ظل التطور السريع لسيارات الطاقة الجديدة في الصين، جذبت المنطقة مشروعا لبطاريات سيارات الطاقة الجديدة باستثمار يصل إلى ثلاثة مليارات وخمسمائة مليون دولار أمريكي، وبعد ذلك توجه العديد من مؤسسات إنتاج سيارات الطاقة الجديدة وقطع غيارها إلى المنطقة.

وبفضل الخدمات العالية المستوى في المنطقة، دخلتها مائة مؤسسة أعمال لوجستية من سنغافور وبريطانيا وإيطاليا. منطقة التجارة الحرة في نانجينغ التي تبلغ مساحتها المخططة 83ر3 كيلومترات مربعة تسعى لتصبح منطقة تجارة حرة دولية، وتعمل على تنمية التجارة العابرة للقارات والأعمال التجارية الإلكترونية للإسهام في تنمية نانجينغ والحزام الاقتصادي لنهر اليانغتسي وتطوير الصناعات الناشئة في الصين.

تشجيع تأسيس المشروعات والابتكار

أصدرت نانجينغ خطة "تأسيس المشروعات في نانجينغ" عام 2016. تعمل نانجينغ على جمع مائة خبير تكنولوجي رفيع المستوى وتدريب مائتي رجل أعمال مبدع، وجذب ثلاثة آلاف موهوب في ريادة الأعمال، وإرشاد عشرين ألف طالب جامعي في برامج بدء تشغيلهم، ومن ثم بناء قاعدة ذات سمات مميزة وتأثير عالمي للمواهب في التكنولوجيا الصناعية.

هذه الخطة ليست الخطوة الوحيدة التي اتخذتها نانجينغ لتشجيع تأسيس المشروعات فيها. يوم الخامس والعشرين من إبريل عام 2016، أقيم الدور النهائي من "مسابقة تأسيس المشروعات للطلاب الذين يدرسون في الخارج"، والتي أقيمت في نانجينغ أربع مرات، والهدف الرئيسي لها هو تنشيط حماسة الإبداع وتأسيس المشروعات وجذب الأكفاء في الخارج للعودة إلى نانجينغ. لهذه المسابقة أربع محطات فرعية، هي ميونيخ بألمانيا ووادي السيليكون الأمريكي وملبورن في أستراليا وهانغتشو بالصين. بلغ عدد المشاركين في المسابقة 258 فردا، وبعد التنافسات في كل المحطات، دخل ستة وعشرون منافسا الدور النهائي.

تناولت مشروعات المنافسين في الدور النهائي الأجهزة الذكية التي يمكن ارتداؤها والتخزين السحابي واستخدام البيانات الكبيرة في مجال البناء واستخدام الإنسان الآلي في العلاج الصحي والطباعة ثلاثية الأبعاد والمواد المتناهية الصغر لتنقية الهواء وحماية الأطعمة من التلف وغير ذلك.

كثير من المستهلكين على الإنترنت لا يمكنهم التأكد ما إذا كان ما يشترونه مناسبا. ليو يونغ جيان الذي جاء من الولايات المتحدة الأمريكية حل هذه المشكلة ببرمجيات خاصة تقدم بيئة افتراضية وتعرض ملامح المستخدمين بعد ارتداء القبعات والإكسسوارات والنظارات قبل شرائها على الإنترنت. قال ليو يونغ جيان إن اختراعه يمكنه التقاط 65 ملمحا بدقة وإبراز تأثير ارتداء 14 منتجا أعلى الكتفين.

قال شن ين لونغ: "المشروعات تجذب الأكفاء، والأكفاء يدفعون تنمية المشروعات"، الآن تعمل منطقة نانجينغ للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية على بناء معهد نانجينغ للابتكار والبحوث التابع لجامعة بكين. في نانجينغ أكثر من عشرين جامعة ومعهدا للبحوث العلمية وكذلك منطقة شيانلين بها عشرات المدارس والمعاهد والجامعات، كلها تعد أنواعا من الأكفاء للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في نانجينغ.

مشروعات حماية البيئة

تتمسك نانجينغ بمفهوم التنمية الخضراء في مسيرة الإبداع وتأسيس المشروعات. الشوارع الواسعة والميادين والحدائق في نانجينغ تشكل مناظر طبيعية ساحرة.

ما إن دخلنا بناية شركة تيانجيا لمعدات مكيفات الهواء بنانجينغ، حتى أدركنا اللون الأخضر في كل أركانها. شركة تيانجيا مؤسسة على مستوى دولي تملك التكنولوجيا الحديثة والجديدة، وتجمع بين تصميم وإنتاج وتسويق وخدمات أجهزة تكييف الهواء المركزي ومعدات التبريد. "تيانجيا" صارت رابع أكبر ماركة لأجهزة تكييف الهواء المركزي في الصين، ولها أكثر من سبعين مكتب تمثيل في العالم لبيع المنتجات وتقديم الخدمات، وتنتج أكثر من ثلاثين نوعا من المكيفات. تستخدم منتجات هذه الشركة في حوالي أربعين خط مترو في المدن الصينية، وتعد أكبر شركة موردة لأجهزة تكييف الهواء المركزي للمترو في الصين.

وفي السنوات الأخيرة، تعمل شركة تيانجيا على تقديم خطة شاملة للمستهلكين الصينيين والأجانب لتوفير الطاقة وحماية البيئة لأجهزة تكييف الهواء المركزي. في عام 2015، أنتجت تيانجيا 387 ألف وحدة تكييف هواء مركزي. قال ليانغ لو جيون، المدير التجاري العام للشركة: "تستخدم منتجاتنا في كل من تشونغنانهاي، مقر مجلس الدولة الصيني، وقاعة الشعب الكبرى والاستاد الوطني (عش الطيور) ومركز السباحة الوطني (المكعب المائي)، والكثير من المؤسسات التابعة للدولة ومطار هانغتشو وفندق شانغريلا وحديقة مانيلا البحرية الوطنية وغيرها."

الآن، تم تأسيس محطة عمل للأكاديميين وإنشاء معهد بحوث التكنولوجيا اليابانية في الشركة، واتفقت الشركة مع شركة يونايتد تكنولوجيز كورب على التعاون الاستراتيجي العالمي.

حاليا، تستقبل نانجينغ آفاقا واسعة لتنميتها الخضراء والمستدامة، بروح الانفتاح والتسامح والأعمال الإبداعية.