رام الله/غزة 8 سبتمبر 2016 / أثار قرار محكمة العدل الفلسطينية العليا اليوم (الخميس) بوقف الانتخابات المحلية (البلديات) في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة مجددا الجدل القائم بين حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والتحرير الوطني الفلسطيني (فتح) منذ منتصف العام 2007.
وجاء قرار المحكمة الذي صدر عقب جلسة خاصة عقدتها في مدينة رام الله في الضفة الغربية بموجب دعوى اعتراض قدمها المحامي نائل الحوح في 17 أغسطس الماضي.
وقال الحوح في اتصال هاتفي مع وكالة أنباء (شينخوا)، إن المحكمة "أصدرت قرارا بوقف إجراء الانتخابات في موعدها المعلن لحين البت في الدعوى المقامة المطالبة بإلغاء إجراء الانتخابات ".
وذكر الحوح أن "الدعوى تضمنت الاعتراض على عدم الدعوة لإجراء الانتخابات في شرق مدينة القدس وعلى الوضع القانوني للمحاكم القائمة في قطاع غزة" الذي تسيطر عليه حركة (حماس).
وبحسب الحوح، فإن المحكمة العليا ستحدد لاحقا عقد عدة جلسات للبت في الدعوى المقامة ضد إلغاء الانتخابات كليا بما يتضمن النظر بموقف جوابي من لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية بخصوص حيثيات الدعوى.
واعلنت لجنة الانتخابات المركزية في بيان لها، أنه بناء على قرار المحكمة، فإنها أوقفت جميع إجراءاتها المتعلقة بالانتخابات المحلية بشكل فوري، بعد أن عملت على مدى أكثر من شهرين لإيجاد بيئة صالحة تمكن من إجراء انتخابات شفافة تحظى باحترام شعبنا وآماله وتساعد في إنهاء الانقسام المؤلم.
وأضافت اللجنة في بيانها، أنها "إذ تحترم اللجنة قرار محكمة العدل العليا، فإنها تأمل أن لا يطول الوقت حتى تتمكن من استئناف العملية وإجراء الانتخابات، وتعود الديمقراطية إلى فلسطين - عودة يفتخر بها الشعب الفلسطيني أينما كان".
وانتقدت حركة (حماس) على لسان عضو مكتبها السياسي محمود الزهار قرار محكمة العدل العليا الفلسطينية، معتبرا أنه "سياسي وغير قانوني".
وأضاف الزهار لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن "المشكلة ليست في قرار المحكمة بل بالفشل في تجهيز قوائم لخوض الانتخابات وإسقاطها قضائيا ".
واعتبر الزهار، أنه "تم إلغاء الانتخابات بقرار من المحكمة العليا من دون سبب "، مشيرا إلى أن حركته "ستبحث كيفية تعزيز عمل البلديات في المرحلة المقبلة واجتياز هذه المرحلة بما يخدم مصلحة المواطن".
وسبق قرار العليا الفلسطينية أن أقدمت محاكم في قطاع غزة على إسقاط 9 قوائم لحركة فتح، تنافس في بلديات محلية شمال، ووسط وجنوب القطاع .
ورفضت فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس قرارات محاكم غزة، ووصفت ما جرى بحق قوائمها بانه "مجزرة غير قانونية".
وقال المتحدث باسم حركة فتح والناطق باسم حملتها الانتخابية في غزة فايز أبو عيطة الذي رحب بقرار محكمة العدل العليا الفلسطينية بوقف الانتخابات المحلية، إن حركة (حماس) "أسقطت العملية الديمقراطية بإلغاء محاكمها في غزة لقوائم مرشحي الانتخابات التابعة لـ(فتح) في قطاع غزة عمدا لتعطيل إجراء الانتخابات".
وأضاف أبو عيطة، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، أن حماس "أفشلت وعطلت الانتخابات لأنها ذهبت إلى محاكم تابعة لها بطعون واهية".
وأردف أن حركة فتح "تعرضت لمجزرة في محاكم حماس، ولم يجرؤوا على منافسة قوائم حركة فتح لأنها أفضل، وفيها خيرة الناس".
وتابع أبو عيطة "أننا في فتح لم نتوجه إلى محاكم حماس في غزة، لأننا كنا نعرف النتيجة سلفا، والغرض الأساسي من هذه الطعون والأحكام هو إفشال الانتخابات، وإعفاء حماس من هذا الاستحقاق الديمقراطي".
وطالب أبو عيطة، "بضرورة أن تتحمل لجنة الانتخابات المركزية وحكومة التوافق مسؤولياتها بشأن الكيفية والطريقة، التي قررت إجراء الانتخابات بموجبها في قطاع غزة، واتجاه إفشال عملية الانتخابات"، مؤكدا أن "جميع هذه الطعون غير بريئة، والهدف منها إفشال الانتخابات، وليس مجرد الطعن بشخص أو بقائمة".
وبررت حركة حماس في بيان لها تلقت ((شينخوا)) نسخة منه إسقاط محاكم غزة لبعض قوائم فتح المرشحة للانتخابات المحلية، معتبرة أنها جاءت "على أرضية قانونية صرفة وواضحة لا لبس فيها".
وقالت الحركة، إن الجهات المسؤولة في غزة "قامت بتوفير كل مستلزمات إنجاح العملية الانتخابية، وسلكت السبل القانونية المقرة والمعتمدة في قانون الانتخابات ولجنة الانتخابات المركزية".
وشددت على "ضرورة إجراء الانتخابات المحلية في مواعيدها المقررة، والالتزام بما تعهدت به لجنة الانتخابات المركزية للجميع في بداية العملية الانتخابية، وعدم اتخاذ أي قرارات لعرقلة هذا الاستحقاق الوطني المهم لشعبنا، وعدم إخضاعها لأي اعتبارات سياسية أو ضغوط خارجية."
وأضافت حماس، أن "هذا الاستحقاق الانتخابي هو خطوة أولى في إطار ترتيب البيت الفلسطيني على أسس ديمقراطية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع في انتخاب مؤسساته السياسية المختلفة (الرئاسة، المجلس التشريعي، المجلس الوطني الفلسطيني)، وإنجاز المصالحة الفلسطينية بمختلف ملفاتها".
وكانت الحكومة الفلسطينية حددت في 3 يوليو الماضي يوم الثامن من أكتوبر المقبل موعدا لإجراء انتخابات مجالس الهيئات المحلية (البلديات) في الأراضي الفلسطينية وكلفت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية بالبدء في إجراء كافة التحضيرات اللازمة.
وأعلنت حركة حماس في 15 يوليو الجاري موافقتها على إجراء الانتخابات المحلية بشكل موحد في كل من قطاع غزة الذي تسيطر عليه منذ منتصف العام 2007 بالقوة بعد جولات من القتال الداخلي الموالية للسلطة الفلسطينية والضفة الغربية.
وأجرت السلطة الفلسطينية آخر انتخابات لمجلس الهيئات المحلية في أكتوبر عام 2012، وكانت في حينه أول انتخابات للمجالس المحلية يتم إجرائها منذ العام 2005.
واقتصرت الانتخابات الأخيرة على الضفة الغربية بعد رفض حماس في حينه إجرائها في قطاع غزة أو المشاركة في الضفة الغربية بدعوى أن إجراء أي انتخابات يجب أن يسبقه إنهاء الانقسام.
وعانى المجتمع الفلسطيني طويلا من جدل حاد بين حركتي فتح وحماس خاصة منذ بدء الانقسام الداخلي ووجهت لهما أوساط فلسطينية للوم بشدة إزاء عدم قدرتهما على توحيد الفلسطينيين مجددا وإنهاء الانقسام الداخلي رغم سلسلة طويلا من التفاهمات بينهما.
وأعرب حزب الشعب الفلسطيني، عن أسفه العميق "للأجواء السلبية التي سادت ورافقت مراحل التحضير للانتخابات المحلية، وما لازمها من تعقيدات وتشابكات مختلفة سببها المباشر استمرار الانقسام والذهاب لمعالجة القضايا الخلافية بروح انقسامية تقطع الطرق على امكانية مساهمة الانتخابات المحلية في انهاء الانقسام الفلسطيني".
وأضاف حزب الشعب، بحسب بيان صدر عنه تعقيبا على قرار وقف الانتخابات المحلية وتلقت ((شينخوا)) نسخة منه، أنه "كان يتطلع أن تسهم الانتخابات المحلية في الخروج من حالة الانقسام وتفتح الطريق نحو اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية".
واعتبر الحزب، أن "ما جرى خلال عملية التحضير للانتخابات المحلية كشف عن الآثار الوخيمة لهذا الانقسام والذي طال أيضا السلطة القضائية بين الضفة الغربية وقطاع وغزة، كما وأكد على عمق الأزمة في مجمل النظام السياسي الفلسطيني، الأمر الذي يستوجب التوجه بجدية ومسؤولية عالية، لتركيز كل الجهود الوطنية لإنهاء هذا الانقسام، والعمل الفوري على تطبيق اتفاقيات المصالحة".
كما طالب حزب الشعب الفلسطيني الرئيس عباس واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بالدعوة العاجلة لعقد المجلس المركزي الفلسطيني من أجل بحث الأزمة السياسية الراهنة، وإيجاد المعالجات الضرورية والمناسبة لها.
من جهتها، دعت الجبهة الشعبية اليسارية لتحرير فلسطين، إلى معالجة ما ترتب على وقف انتخابات البلديات "بمسؤولية وطنية لا تقطع الطريق على المسار الديمقراطي ودعمه وصولا للانتخابات الرئاسية وانتخابات المجلسين الوطني والتشريعي".
ورأت الجبهة بيان صحفي لها بوقف الانتخابات "ما يفتح المجال لتواصل الجهود السياسية بين مختلف القوى لإجراء الانتخابات بالاستناد إلى القانون والاتفاقات الوطنية الجماعية وعدم تكريس الانقسام بمصادرته لحق المواطن الفلسطيني بانتخاب هيئاته القيادية على مختلف المستويات".
وكان مقررا أن تجرى انتخابات البلديات في الثامن من أكتوبر المقبل على 391 مجلسا بلديا في الضفة الغربية (بما فيها بلدات ضواحي القدس) و25 في قطاع غزة وفق نسبة حسم 8 في المائة.