بقلم/ تشانغ جينغ وي، باحث زائر بمعهد الدراسات المالية بجامعة الشعب الصينية
تعتبر زيارة مستشارة الدولة في ميانمار أونغ سان سو تشي إلى الصين ذات أهمية كبيرة في فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين. ولم تعد أونغ سان سو تشي اليوم زعيمة معارضة ولا مناضلة من أجل الديمقراطية وأنما وزيرة الشؤون الخارجية ووزيرة مكتب الرئيس اي الثانية بعد رئيس ميانمار. وبالتالي، فإن الهوية السياسية لأونغ سان سو تشي والنضال من أجل الديمقراطية ليس نفسه. حيث يسعى السياسي الى لتحقيق المصلحة الوطنية العليا بالدبلوماسية الواقعية. ومن الواضح أن تعزيز العلاقات السياسية الثنائية من أولويات سياسة أونغ سان سو تشي.
و فى يونيو 2015،زارت أونغ سان سو تشي الصين كرئيسة للرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، وقالت أن علاقات الجوار بين ميانمار والصين لن تتغير. وبعد فوز الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية ، وباعتبارها مسؤولة في الدولة، تعمل أونغ سان سو تشي على تنفيذ الدبلوماسية الواقعية بين البلدين. وأكدت أونغ سان سو تشي خلال لقائها الأول مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي بعد توليها المنصة الجديدة ، أن ميانمار تحافظ على موقف حيادي نسبي في قضية بحر الصين الجنوبي. ويبن اختيار أونغ سان سو تشي زيارة الصين كاول محطة لها خارج رابطة آسيان، ولمدة 5أيام ثقل الصين في ميزان دبلوماسية أونغ سان سو تشي بالمقارنة مع زيارتها المقبلة لامريكا في سبتمبر. ولهذا السبب، تعتقد وسائل الاعلام الامريكية انه انتصار للدبلوماسية الصينية.
وقد يكون هذا الاعتقاد مبالغ فيه، لكن الحقيقة أن العلاقات الثنائية بين الصين وميانمار تفتح صفحة جديدة. وبدأت ميانمار في فترة رئاسة ثين سين فترة دبلوماسية متعددة الاطراف، لتعويض نواقص ميانمار للعزل عن العالم الغربي. ووفي ظل مواصلة أونغ سان سو تشي دبلوماسية متعددة الاطراف، تدخل الدبلوماسية مع الصين الى وضع جديد من الجودة والفعالية. ولا يمكن للعالم الغربي أن يهز الاساس الاستراتيجية الدبلوماسية المتراكمة طويلا بين الصين وميانمار.
تواجه الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية التي تنقصها الخبرات السياسية مشكلة السلم الداخلي والمصالحة الوطنية. حيث تضم ميانمار حاليًا أكثر من 130 قومية، ولدى كل قومية شروط مختلفة من أجل تحقيق المصالحة ، كما هناك أيضا الحرب الاهلية في شمال ميانمار. ولا يمكن تحقيق السلام الداخلي والمصالحة الوطنية بالاعتماد على التحويلات الديمقراطية للحكومة الحالية، بل يجب حلها من خلال التنمية الاقتصادية ووقف الحرب الاهلية.
التنمية الاقتصادية لا يمكن فصلها عن الرأس المال الصيني. والصين ليست أكبر شريك تجاري لميانمار فقط، وإنها أكبر مستثمر فيها أيضا. وبحسب الاحصاءات الرسمية في ميانمار، بلغت الاستثمارات الصينية في ميانمار حاليا 24.5 مليار دولار، وهي 3.5 مرات من اجمالي الاستثمارات الامريكية واليابانية والاوروبية. وبالتالي، فإن الحفاظ على الاستثمارات الصينية وتنشيطها لتلعب دورا مهما في اقتصاد ميانمار، هو موضوع اقتصادي يجب على أونغ سان سو تشي التفكير فيه. وبطبيعة الحال، واجهت الاستثمارات الصينية في ميانمار تقلبات ايضا، في عام 2009، بدأ انشاء محطات الطاقة الكهرومائية بالاستثمارات الصينية 3.6 مليارات دولار، وفي عام 2011، وقّفتها حكومة ثين سين، كما وقف مشروع منجم النحاس المشترك بين الصين وميانمار تحت مقاطعة جماعة حكاية البيئة. والصين تتطلع الى أن تحرك زيارة أونغ سان سو تشي الى الصين المشاريع الثنائية.
أعلنت الحكومة الجديدة في ميانمار عن حزمة من السياسات الاقتصادية الجديدة تشمل تحسين بيئة الاستثمارية وتطوير البنية التحتية. ويمكنها التواصل مع مبادرة " الحزام والطريق" الصنيية، مما يوفر قوة لتنمية اقتصاد ميانمار.
كما يحتاج السلام الداخلي والمصالحة الوطنية في ميانمار الدعم الصيني ايضا. وتشهد ميانمار الحرب في النطقة الشمالية القريبة من الصين، والواقعة في المركز الرئيسي للممر الاقتصادي بين الصين والهند وميانمار وبنغلاديش، والمصالحة الوطنية وعملية السلام في ميانمار، تتفق مع المصالح الاستراتيجية للصين. وتتطلع أونغ سان سو تشي خلال زيارته الى الصين أن تلعب الاخيرة دورا مهما في عملية السلام في ميانمار.
بغض النظر عن كيفية التحول في ميانمار، ومن يتولى السلطة، فإن من اولوياته الدفع بالعلاقات بين الصين وميانمار. حيث سيكون من أساسيات السياسة الخارجية التي تتبعها حكومة ميانمار الجديدة، آسيان في المقام الاول والصين في الاولوية، والتوازن بين الأطراف (الغرب). والاهم من ذلك، فإن السياسة نقطة تركيز دبلوماسية العالم الغربي في ميانمار ، والاقتصاد في المقام الثاني، ولا تزال تطالب المناضلة من أجل الديمقراطية أونغ سان سو تشي المزيد من المطالب السياسية الرفيعة. ولكن الدبلوماسية الصينية مع ميانمار دون شروط سياسية. وقد اكتشفت أونغ سان سو تشي بعد تحولها من مناضلة من اجل الديمقراطية الى سياسية أن الصين الجار اكثر موثوقية. وفي هذا الصدد، زيارة أونغ سان سو تشي الى الصين ليست بمثابة العودة الى الدبلوماسية الخاصة في عهد الحكومة العسكرية، وأنما فتحت صفحة جديدة في الدبلوماسية الواقعية.