غزة 9 أغسطس 2016 / يسيطر الشلل التام على معمل لإنتاج حجارة البناء (البلوك) يملكه المقاول الفلسطيني علام عوض كحال 190 معمل آخر في قطاع غزة تحظر إسرائيل إدخال أسمنت لها منذ أكثر من أربعة أشهر.
ويبدي عوض غضبه الشديد إزاء استمرار تعطل معمله وانتظاره من دون أفق محدد لاستئناف العمل فيه بما يكبده ذلك من خسائر مالية مع وعود متكررة بحل أزمتهم بالحصول على الأسمنت لكن دون تحقق ذلك فعليا.
ويقول عوض وهو يشير إلى آلات معمله المتوقفة وقد غاب ضجيج محركاتها لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن لديه عشرات الطلبات المعلقة أغلبها لصالح مشاريع إعمار، لكن استمرار حظر إدخال الأسمنت يمنع تلبيتها.
ويشتكى الرجل من أن نحو 20 عاملا لديه في المعمل أصبحوا من دون فرصة عمل منذ قرار حظر إدخال الأسمنت لصالح المعمل، وهو ما ينطبق على عشرات المعامل الأخرى.
ويؤكد عوض، أن معمله مستوفي لكافة إجراءات الرقابة التي تضعها بعثة الأمم المتحدة في غزة، وتنطبق عليه شروط استقبال كميات الاسمنت بشكل مباشر إلا أن الحظر الإسرائيلي "غير المبرر" يجمد كافة أنشطته.
وحظرت إسرائيل إدخال مواد البناء لصالح مشاريع إعادة إعمار قطاع غزة عبر التجار المحليين لمدة 50 يوما متواصلة في شهري أبريل ومايو الماضيين "للاشتباه بأنها تستخدم لأغراض عسكرية ومنها الأنفاق".
وعندما تم السماح باستئناف إدخال مواد البناء لهذه المشاريع بموجب آلية مراقبة تتولاها بعثة من الأمم المتحدة في غزة تم استثناء مصانع إنتاج البلوك من ذلك، إلا تلك العاملة مع مشاريع دولية وأخرى تنفذها دولة قطر والأمم المتحدة.
ويقول مسؤولون فلسطينيون، إن الإجراء الإسرائيلي يزيد من التدهور الاقتصادي الحاصل في قطاع غزة ويؤثر سلبا على سير مشاريع إعمار قطاع غزة للتعافي من تداعيات الهجوم الإسرائيلي قبل عامين.
وشنت إسرائيل هجوما عسكريا واسع النطاق على قطاع غزة في الفترة من 8 يوليو حتى 26 أغسطس عام 2014 وأدى إلى مقتل 2200 فلسطيني وما يزيد عن 10 ألاف جريح بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
وهدم في الهجوم الإسرائيلي عشرات الآلاف المنازل السكنية ما بين كلي وجزئي عوضا عن دمار هائل في البني التحتية للقطاع المكتظ بنحو مليون و900 ألف نسمة.
وعلى أثر ذلك أعلن مبعوث الأمم المتحدة السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري بعد شهرين من انتهاء الهجوم الإسرائيلي توسط المنظمة الدولية لاتفاق ثلاثي فلسطيني إسرائيلي أممي لبدء إعادة الإعمار في غزة.
وذكر سيري في حينه أن الاتفاق يقوم على ضمانات أمنية مشددة من خلال آلية رقابة من قبل الأمم المتحدة وفق نظام يشرف على إدخال واستخدام جميع المواد اللازمة لإعادة إعمار قطاع غزة لضمان عدم تحويلها عن أهدافها المدنية الخالص.
ويقول مسؤولون فلسطينيون، إن إسرائيل واصلت فرض قيود مشددة على معابر قطاع غزة خاصة ما يتعلق بتورد مواد البناء اللازمة للإعمار رغم إعلانها المتكرر عن إدخال تسهيلات للوضع في القطاع.
ويشير وكيل وزارة الاقتصاد في غزة حاتم عويضة، إلى أن السلطات الإسرائيلية "تراجعت أكثر من مرة عن استئناف إدخال الإسمنت لمصانع البلوك في غزة وأبقتها معطلة تحت حجج أمنية واهية".
ويعتبر عويضة في تصريحات ل((شينخوا))، أن هذا الإجراء الإسرائيلي "يعكس الإصرار على إبقاء حصار قطاع غزة قائما وزيادة تدهور اقتصاده المنهك إلى جانب تعطيل سير مشاريع إعادة إعماره".
ويطالب عويضة، بضرورة إعادة النظر في آلية إعادة الإعمار المعروفة بآلية سيري في غزة "بعد أن أثبتت فشلها منذ أن تم العمل بها، والعمل على زيادة الكميات الواردة من الاسمنت بما يكفل تلبية احتياجات القطاع".
وبحسب وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة، فإن مجمل ما سمحت إسرائيل بإدخاله من اسمنت للقطاع الخاص لإعادة إعمار غزة لا يتجاوز 700 ألف طن منذ انتهاء الهجوم الإسرائيلي الأخير بما يمثل حوالي 22 في المائة من احتياجات الإعمار.
كما تظهر التقارير الرسمية الصادرة عن الوزارة، أن 56 في المائة فقط من المنازل المدمرة كليا في الهجوم الإسرائيلي الأخير تم إعادة إعمارها حتى الآن.
بموازاة ذلك يشتكى مسؤولون فلسطينيون، من قيود مشددة تفرضها إسرائيل على مجمل الأنشطة الاقتصادية في قطاع غزة خاصة ما يتعلق بمنع إدخال عشرات أصناف المواد الخام وتقييد تنقل التجار ورجال الأعمال.
وهم يردون بذلك على إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل أيام عزم حكومته توسيع نطاق التسهيلات الاقتصادية المقدمة إلى قطاع غزة لتحسين أوضاع سكانه.
وذكر نتنياهو، أن إسرائيل ستعمل على تخصيص حاجز (بيت حانون/إيرز) - الذي يعمل فقط لعبور الأفراد- لإدخال بضائع ويضاف بذلك إلى معبر (كرم أبو سالم/كيرم شالوم) المنفذ التجاري الوحيد المعتمد إسرائيليا مع قطاع غزة منذ 2012.
ويعتبر مسؤول الإعلام في غرفة تجارة وصناعة غزة ماهر الطباع، أن التسهيلات المعلن عنها إسرائيليا "مجرد فرقعات إعلامية تتناقض كليا مع ما يجرى على أرض الواقع".
ويقول الطباع ل((شينخوا))، إن إسرائيل سحبت خلال الأشهر الأخيرة تصاريح ما يزيد عن ألف و500 تاجر و رجل أعمال من قطاع غزة ومنعت سفرهم إلى الخارج بما في ذلك الضفة الغربية.
ويضيف أنها "تمنع كذلك دخول العديد من المواد الخام الأولية اللازمة للقطاع الصناعي، كما أوقفت أكثر من 150 شركة تجارية تنشط باستيراد بضائع بغرض تشديد الحصار وتضيق الخناق على قطاع غزة".
وبحسب الطباع، فإن تجار غزة يتكبدون خسائر مالية فادحة لاضطرارهم لشراء البضائع من دون السفر بحيث في كثير من الأحيان تصل تلك البضائع غير مطابقة لما تم الاتفاق علية عبر وسائل الاتصال ودون معاينة مباشرة.
وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة منذ منتصف عام 2007 أثر سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الأوضاع فيه بالقوة بعد جولات من الاقتتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.
وسبق أن حذر البنك الدولي من أن "الوضع القائم في قطاع غزة غير قابل للاحتمال" في ظل أن معدل البطالة في القطاع أضحى الآن الأعلى عالمياً بوصوله إلى 43 في المائة، في حين لا يزال 40 في المائة من السكان يقبعون تحت خط الفقر.