تحليل إخباري: ترامب يعول على الاقتصاد الأمريكي الراكد لتدعيم حملته الانتخابية

واشنطن 8 أغسطس 2016 / وسط تراجع في أرقام الاستطلاعات ، ركز مرشح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب يوم الاثنين على الاقتصاد في محاولة لإقناع الناخبين بأن بمقدوره إعادة الاقتصاد الضعيف إلى الحياة.

وفي خطاب متلفز أدلى به في مدينة ديترويت بولاية ميشتغان يوم الاثنين، قال ترامب إنه سيركز على خفض الضرائب وزيادة فرص العمل وإزالة القيود التنظيمية في محاولة لإجبار الحكومة على التنحي جانبا وإطلاق العنان لقوة الاقتصاد الأمريكي.

وفي الوقت الذي شهد فيه الاقتصاد الأمريكي تحسنا منذ هبوطه الاقتصادي عامي 2007-2008، والذي أدى إلى ترنح الاقتصادي العالمي، فإن الملايين من الأمريكيين ما زالوا يواصلون الكفاح.

وفي حين ما يزال المعدل الرسمي للبطالة منخفضا، فإن هذا الرقم لا يعكس صورة كاملة ودقيقة لصحة سوق العمل كونه لا يقوم بإحصاء الملايين من الأمريكيين الذين تخلوا عن البحث عن عمل جراء الإحباط الكبير، وغالبا ما يتم إحصاء هؤلاء، الذين قد عملوا لبضع ساعات فقط في الأسبوع وجنوا القليل من الدولارات، على أنهم يمتلكون وظيفة.

وقال ترامب إن منافسته هيلاري كلينتون، المرشحة عن الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة، تعتزم تنفيذ "عملية إلغاء ضخمة للوظائف" من خلال زيادة الضرائب، مضيفا أن كلينتون تسعى لرفع الضرائب بصورة كبيرة على الشركات الصغيرة.

ولفت ترامب إلى أنه يعتزم خفض الضرائب التجارية، متعهدا بألا تدفع أي شركة أعمال أمريكية أكثر من 15 في المائة كضرائب، وذلك بانخفاض حاد من حوالي 35 في المائة تقوم الشركات بدفعها حاليا.

وأوضح أن خطته تسمح للآباء بخفض تكاليف رعاية الأطفال عبر خصمها من ضرائبهم، مضيفا أنه سيتخلص من ما يسمى "ضريبة الموت" -- وهي ضريبة تفرض على ممتلكات الأمريكيين بعد وفاتهم.

ولكن، بحسب خبراء، فإن هذه السياسة لن تعود سوى بالقليل من النفع على الطبقة العاملة، في حين أنها ستمنح دعما ماليا للأثرياء كترامب نفسه.

وأشار ترامب إلى أنه يعتزم إزالة القيود التنظيمية على صناعات مثل صناعة السيارات الأمريكية، مضيفا أن إدارة الرئيس باراك أوباما قد فرضت الآلاف من اللوائح التنظيمية مما شكل "ثقلا هائلا" على كاهل الاقتصاد الأمريكي.

وقال إن "ذلك سيمنح شركاتنا الأمريكية حالة اليقين التي يحتاجونها".

كما أفاد ترامب بأنه يريد "إعطاء دفعة" للاقتصاد الأمريكي، مستذكرا كيف قال إنه ساعد في إنعاش اقتصاد مدينة نيويورك عن طريق ترميم الأحياء المتهالكة والخطرة، والتي كانت السمة المميزة للمدينة خلال سنوات الثمانينات من القرن الماضي، وذلك قبل عقود من تحول نيويورك إلى المدينة السياحية والحيوية والغنية جدا التي هي عليها اليوم.

وقال خبراء إن الملياردير النيويوركي المتهور بحاجة إلى التوصل لخطة ملموسة لإقناع الناخبين للإدلاء بأصواتهم لصالحه في انتخابات الرئاسة المزمع إجراؤها في شهر نوفمبر القادم، وسط الجدل الذي تصاعد مؤخرا حول تصريحاته بما يخص زوجين مسلمين كان ابنهما قد لقي حتفه خلال الخدمة بالجيش في العراق، إذ يتخلف ترامب في استطلاعات الرأي الأخيرة عن كلينتون بفارق 10 نقاط.

وقال داريل ويست، نائب الرئيس ومدير الدراسات الحكومية في معهد بروكينغز، لوكالة أنباء ((شينخوا)) في مقابلة جرت قبل الخطاب، "إنه يحتاج إلى تقديم خطة ذات مصداقية لمساعدة أولئك الذين تم تجاهلهم في الاقتصاد، إذ أن قاعدته الانتخابية تتكون من أناس قد فقدوا وظائفهم".

وتابع ويست "إنه يتعين عليه أن يشرح لهم بطريقة أخرى، غير قول التفاهات، بأنه يتفهم وضعهم وأن بمقدوره فعل شيء حيال ذلك".

في العديد من استطلاعات الرأي، يرى الناخبون الأمريكيون بأن ترامب في وضع أفضل لتحسين الاقتصاد، "وهذا هو المجال الذي تساعده فيه خلفيته في قطاع الأعمال ، إذ يعتقد الناخبون أن شخصا يعتبر فاحش الثراء بمقدوره أن يفعل ما يفوق بكثير مما قد يقوم به أي سياسي تقليدي لتحسين الاقتصاد"، وفقا لما قاله ويست.

بدوره، قال جوليان زيليزر، أستاذ التاريخ والشؤون العامة في جامعة برينستون، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن ترامب بحاجة إلى إقناع المزيد من الأمريكيين، بما يتجاوز نطاق مؤيديه، بأنه سيعتمد على بعض المواهب الجادة، وأنه يدرك أنه يحتاج مشاورات وإستراتيجية وبأنه بحاجة إلى أن يكون ثابتا كقائد، وإلا فإن مثل هذه الخطب لن تجدي نفعا.

ومن أجل تشويه سمعة كلينتون فيما يتعلق بالاقتصاد، فإن القطب النيويوركي بحاجة إلى العودة إلى نقاط الضعف الكامنة للاقتصاد، والتي كانت مسألة هامة للغاية خلال الانتخابات التمهيدية للحزبين، كما كانت عاملا حاسما في نجاحه.

في الواقع، قال الخبراء إن ترامب لا يمكنه الاستمرار في الاعتماد فقط على قاعدته من الناخبين، حيث أن العديد منهم قد تم تجاهله من قبل هذا الاقتصاد.

وقال كريستوفر غالديري، الأستاذ المساعد في كلية سانت أنسيلم، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن ترامب فقد هذه الميزة هنا لأن الأداء الحالي للاقتصاد من نواح كثيرة -- معدلات البطالة وأسعار البترول -- يعد أفضل بكثير عما كان عليه قبل سنوات.

ومع تبقي ثلاثة أشهر فقط حتى موعد إجراء الانتخابات، فإن ترامب بحاجة إلى بدء التواصل مع المستقلين والذين هم في وضع مالي أفضل من أولئك الذين قد تم تجاهلهم.