لندن 23 يوليو 2016 / تعتقد جماعات حقوقية أن غارات أمريكية بطائرات بدون طيار تتحمل مسؤولية مقتل مئات المدنيين الأبرياء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، أكدت الحكومة الأمريكية للمرة الأولى سقوط ضحايا من المدنيين جراء غارات شنتها طائرات أمريكية بدون طيار، قائلة إن ما يتراوح بين 64 و116 شخصا من "غير المقاتلين" قد قتلوا إثر 473 غارة جوية شُنت لمكافحة الإرهاب في باكستان واليمن والصومال وليبيا وذلك في الفترة ما بين بداية عام 2009 وحتى نهاية عام 2015.
إلا أن أبحاث قام بها مكتب الصحافة الاستقصائية، والذي يتخذ من جامعة مدينة لندن مقرا له، تشير إلى أن عدد القتلى المدنيين الحقيقي هو أعلى بكثير من الأرقام الصادرة عن إدارة الرئيس باراك أوباما.
وقال جاك سيرلي، وهو صحفي استقصائي بريطاني وباحث لدى مكتب الصحافة الاستقصائية، إن هذا جزء من عدد الضحايا المدنيين، الذين يتراوح عددهم ما بين 380 و801 شخص ، والذي تم تسجيله من جانب المكتب استنادا لتقارير من قبل صحفيين محليين ودوليين، ومحققين في منظمات غير حكومية، ووثائق حكومية مسربة، وغيرها من المصادر.
ووفقا للمكتب، فقد تم استخدام طائرات بدون طيار مئات المرات في البلدان الأربعة لاستهداف إرهابيين وقادتهم.
وقال سيرلي، في مقابلة جرت مؤخرا مع وكالة أنباء ((شينخوا)) إن "طبيعة سقوط ضحايا مدنيين كنتيجة للردود العسكرية وشبه العسكرية على الإرهاب تعني أن المدنيين سيقتلون".
وتابع سيرلي "منذ توليه الرئاسة في عام 2009، فقد وسع باراك أوباما بشكل كبير من استخدام الطائرات بدون طيار في الحرب على الإرهاب، إذ تعمل أيضا خارج مناطق المعارك المعلنة، مثل أفغانستان والعراق، حيث شنت هجمات جوية بدرجة كبيرة في باكستان واليمن".
وأشار إلى أن المكتب أكد حتى الآن مقتل 213 مدنيا في باكستان إثر غارات جوية شنتها طائرات بدون طيار وذلك خلال فترة رئاسة أوباما، وعزا التفاوت في أعداد الضحايا المدنيين الصادرة عن كل من المكتب والحكومة الأمريكية إلى اختلافات استخدامهما للتعارف.
وقال "لقد قمنا بتجميع الأرقام لعدة سنوات، وذلك باستخدام تقارير صادرة من منظمات إعلامية دولية مرموقة".
وطرح سيرلي سؤالا حول ما إذا كان استخدام الطائرات بدون طيار قانوني أم لا، قائلا إن هناك محامين يسعون حاليا لرفع دعوى ضد هجمات شنتها الولايات المتحدة بطائرات بدون طيار في باكستان.
وقال "لقد كانت هناك قضية مرفوعة ضد إسرائيل حول استخدام طائرات بدون طيار ضد الفلسطينيين. وقد وصلت إلى المحكمة العليا، لكن النتيجة كانت هي أنه لا بد من النظر في كل حالة من حالات استخدام هجمات الطائرات بدون طيار على حدة".
وقالت جنيفر غيبسون، من مجموعة "ريبريف" لحقوق الإنسان، إن إدارة أوباما نشرت أرقاما هي "أقل بمئات حتى من أدنى التقديرات الصادرة عن منظمات مستقلة".
ولفتت غيبسون إلى أن "الأمر الوحيد الذي تخبرنا به هذه الأرقام هو أن هذه الإدارة ببساطة لا تعرف من تقتل".
وذكر بيان صادر عن البيت الأبيض في أول يوليو أنه منذ تولي أوباما منصبه فإنه كان واضحا بأن الولايات المتحدة سوف تستخدم القوة في الخارج لحماية الأمريكيين عند الضرورة.
وأوضح البيان خطوات "إضفاء الطابع المؤسسي وتعزيز أفضل الممارسات المتعلقة بعمليات الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب، وغيرها من العمليات الأمريكية، التي تنطوي على استخدام القوة، فضلا عن توفير قدر أكبر من الشفافية والمساءلة حول هذه العمليات".
وفي مايو من عام 2013، أصدر أوباما توجيها للسياسات ينص على أن أي عمل مباشر سيتم اتخاذه فقط في حال كان هناك "شبه تأكيد" من أن الهدف الإرهابي موجود و"شبه تأكيد" من أنه لن يتم قتل أو إصابة أي شخص من غير المقاتلين، مشيرا إلى أن معيار "شبه تأكيد" هو "أعلى معيار يمكننا تحديده".
ورحب جمال جعفر، نائب المدير القانوني للاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، بأي كشف يخص معلومات تتعلق بسياسات القتل المستهدف للحكومة الأمريكية، لكنه أضاف أنه يجب على الحكومة إصدار المزيد من التفاصيل حول كل ضربة.
وتابع جعفر أن "الشعب لديه الحق بمعرفة من تقوم الحكومة بقتله -- وفي حال عدم معرفة الحكومة هوية من تقتله، فإنه يجب أن يعرف الجمهور ذلك أيضا".