بكين 5 يوليو 2016 / جرت العادة على أن يكون بحر الصين الجنوبي منطقة سلمية قبل أن تدس الولايات المتحدة أنفها في المنطقة. وبدلا من استراتيجية "إعادة التوازن إلى منطقة آسيا - الباسيفيك"، فإن ما تحتاجه الولايات المتحدة بالفعل هو "إعادة توازن" سلوكها حيال هذه القضية.
وترجع الاحتكاكات الصغيرة في بحر الصين الجنوبي إلى أواخر الستينات، عندما أعلن علماء من الولايات المتحدة اكتشاف مصادر غنية بالغاز والنفط في المنطقة. وبدأت بعض الدول الساحلية في احتلال الجزر لهذا السبب منذ ذلك الوقت.
ولحسن الحظ، فإن الصين حافظت في الأعوام التالية على سلام في المياه عن طريق مفاوضات دائمة وودية مع الدول المعنية وتوصلت إلى إعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) في عام 2002.
وكان موقف الولايات المتحدة في الماضي هو عدم الانحياز لأى جانب في قضية بحر الصين الجنوبي.
ولكن إدارة أوباما أطلقت استراتيجية إعادة التوازن إلى آسيا- الباسيفيك في عام 2009 وبدأت تتدخل بوقاحة في المنطقة، البعيدة عن شواطئ الولايات المتحدة.
وفى 2010 قالت هيلاري كلينتون التي كانت تشغل منصب وزيرة خارجية الولايات المتحدة وقتذاك إن بلادها "لديها مصالح وطنية" في بحر الصين الجنوبي. وحذر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في شهر مايو من العام الحالى بأن أفعال الصين قد تخلق "صندوق مواد قابلة للاشتعال " في المنطقة، متجاهلا الأعمال الاستفزازية التي تقوم بها دول أخرى منذ وقت طويل.
وتستخدم الولايات المتحدة مصطلحات، بينها حرية الملاحة واحترام القانون الدولي والأمن الاستراتيجي بشكل متكرر لإخفاء مصالحها الخاصة في المنطقة.
ولم تكن حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي مشكلة ابدا، حيث إن آلاف المئات من السفن تبحر بحرية في المياه كل عام، وتمثل أغلب التجارة البحرية العالمية.
ولكن منذ عام 2015، اقتربت سفن حربية وطائرات عسكرية أمريكية من جزر نانشا مرارا دون إذن الصين. وهذا ما يظهر حقيقة الاستفزاز والهيمنة وراء ادعاء الولايات المتحدة بحرية الملاحة.
وتحث الولايات المتحدة على احترام القوانين الدولية بينما هي لم تصدق على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (يونكلوس)، وهى المعاهدة الدولية المهيبة لاستخدام محيطات العالم.
وخارج نطاق الاتفاقية الملزمة، تضمن الولايات المتحدة حرية الحركة لقواتها البحرية بأفعال من طرف واحد، ما ينتهك بشكل أساسي سيادة الدول الأصغر ومصالحها.
وادعت القوة العظمى أن وجودها العسكري في بحر الصين الجنوبي يهدف لحماية حلفائها مثل اليابان والفلبين نظرا للتوترات المتصاعدة في المنطقة.
وإن التوتر الإقليمي الذي لامت واشنطن بكين عليه هو في الحقيقة نتائج عمل الولايات المتحدة نفسها.
وبجمع سياستها لاحتواء الصين مع استراتيجية إعادة التوازن إلى آسيا- الباسيفيك، فإن الولايات المتحدة نشرت عددا كبيرا من السفن الحربية في المنطقة ونفذت تدريبات عسكرية مشتركة بالقرب من بحر الصين الجنوبي.
وإن سلوك الولايات المتحدة الذى يعتبر الصين المتحدي الرئيسى وعملها على إعاقة صعود الصين، يحددان كيفية ردود أفعالها في قضية بحر الصين الجنوبي.
وإن المراقبين الواعين يدركون حقيقة هذا الأمر.
وقال المحامي الدستورى الأمريكي الشهير بروس فين إن ما تفعله الولايات المتحدة في بحر الصين الجنوبي يعكس "سيكولوجية امبراطورية "خطيرة".
وأضاف فين إن اللسلوك التي تقوم بها الولايات المتحدة هناك لن تؤدي إلى شىء إلا إثارة التوترات وإرسال إشارات خاطئة لبعض الدول الآسيوية.
ويناقض دعم الولايات المتحدة التحكيم الذي اقترحته الفلبين من طرف واحد، موقف واشنطن من عدم الانحياز لأى جانب في قضية بحر الصين الجنوبي، وفقا لما قال وليم جونز، رئيس مكتب واشنطن بمجلة اكسيكيوتف انتليجنس ريفيو الأمريكية.
ويجب ان تفهم الولايات المتحدة انها تغذى النزاعات الإقليمية لإخفاء مصالحها السياسية تحت مسمى القانون الدولي. وتحتاج واشنطن لإعادة ضبط سلوكها للقيام بدور بناء في منطقة آسيا -الباسيفيك.