تحليل اخباري: "حمى الاستفتاء" فى أوروبا قد تضر بالديمقراطية

بكين 16 يونيو 2016 / يبدو أن اوروبا تتعرض لـ"حمى الاستفتاء" بداية من الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي في 23 يونيو الجاري ومرورا بالاستفتاء على التعديل الدستوري في ايطاليا ثم الاستفتاء على حصة اللاجئين فى المجر.

وظاهريا, يعد الاستفتاء الاداة الاكثر استخداما للديمقراطية وتعطي الناخبين قولا مباشرا في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية. الا انه وراء "جنون الاستفتاء" الذي يجتاح اوروبا, هناك تطورات قد تضر بالديمقراطية.

اساءة استخدام الاستفتاء

بالنظر للوراء على الاستفتاءات التي جرت في الدول الاوروبية في السنوات القليلة الماضية, من السهل ان نجد سوء استخدام هذه الاداة الديمقراطية بشكل متكرر.

ففي البداية، تم استخدام الاستفتاءات التى خلقت لتعويض واصلاح الديمقراطية التمثيلية كأداة سياسية لفرض الضغوط او صدها.

ولنأخذ الاستفتاء الذي اجرته اليونان خلال ازمة الديون على سبيل المثال، حيث كان رئيس الوزراء الكسيس تسيبراس يهدف من ورائه الى كسب مساحة اكبر للمفاوضات من الاتحاد الاوروبي والمقرضين الدوليين بابتزاز مع إرادة عامة يونانية.

ثانيا، اصبح الاستفتاء قناة للمواطنين لبث شكواهم بدلا من ان يكون اداة حاسمة للفصل في القضايا الكبرى.

وتحول الاستفتاء الهولندي، الذي كان اساسا بشأن اتفاقية شراكة بين الاتحاد الاوروبي واوكرانيا، الى تصويت احتجاجي ضد الاتحاد الاوروبي من قبل المشككين في منطقة اليورو.

ثالثا، تغطي الاستفتاءات جوهر المشكلات وتؤجل انتشار الازمات ليجعل الوضع اكثر تعقيدا.

كسر الوعود وتقليص المسؤوليات

قال تسوي هونغ جيان، زميل باحث بارز في الدراسات الاوروبية بالمعهد الصيني للدراسات الدولية، إن الاستفتاءات المتكررة كشفت عن زيادة الاحباط بين المواطنين تجاه النخبة السياسية.

فالاستفتاءات التي من المفترض ان يُشرك المواطنين في السياسة ويجعل الحكومات اكثر استجابة, سيف ذو حدين، حيث تبدو انها تجذب الرغبة الشعبية الواسعة لتحقيق السلطة والشرعية الا انها في الحقيقة انعكاس لتراجع مسؤولية بعض السياسيين.

ويقول نقاد إن الناخبين يجبرون على اتخاذ قرارات بشأن قضايا معقدة ربما لا يكونون على دراية كاملة بها. ويتجه الاستفتاء لخلق وهم بأنه يمكن تقديم القضايا المعقدة بشكل مبسط وغالبا ما يتقلص الاختيار بين نعم ولا فقط.

تكامل الاتحاد الأوروبي المجمد والمعكوس

فى ضوء الوضع الحالي في اوروبا، ربما يستمر فيضان الاستفتاءات ويترك اثرا سياسيا واجتماعيا.

بداية، يتوقع ان تسير العديد من الدول الاوروبية على نهج بريطانيا وتجري استفتاء لكسب ارض سياسية محليا واجبار الاتحاد الاوروبي على التسوية.

ثانيا، يجعل الاستفتاء من "التوصل لتوافق" امرا عسيرا ويعمل على خلق ارض خصبة للشعبوية.

ويقول ستيفان ليهن، الباحث الزائر في كارنيجي اوروبا في بروكسل، "يستحيل حاليا تقريبا رؤية كيفية تصديق 28 دولة على معاهدة اصلاح الاتحاد الاوروبي."

وفيما يتعلق بقضية خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن الاستفتاء المقبل قادر على حل مشكلات عضوية بريطانيا في الاتحاد الاوروبي. ولكن الاستفتاء في الحقيقية يقوي المعارضة ويزيد من خطورة تفاقم الانقسام المجتمعي.