بروكسل 27 أبريل 2016 / تقطعت السبل بنضال الشيخ علي وعائلته في مركز انتقال للاجئين في جمهورية مقدونيا اليوغسلافية السابقة منذ عدة أيام.
ووفقا للشاب السوري البالغ من العمر 20 عاما، فقد تم إغلاق الحدود بين مقدونيا وصربيا أمام اللاجئين، ما يعني أن عائلته لا يمكن أن تستمر في السفر شمالا إلى دولة تابعة للاتحاد الأوروبي حيث يرغبون في طلب اللجوء.
وقال علي، الذي يساعد الآن في كثير من الأحيان منظمة غير حكومية في جلب مواد الإغاثة إلى مركز انتقال اللاجئين، لوكالة ((شينخوا)) إنه جاء من شمال غربي سوريا هربا من الصراع المستعر والقصف الجوي الذي يحدث بين الفينة والأخرى.
لذلك قررت أسرته المكونة من 11 فردا الفرار إلى أوروبا في وقت سابق من هذا العام، "ربما ألمانيا أو أي دولة أخرى غير ألمانيا".
في البداية، توجهت عائلة علي إلى تركيا. وبسبب إغلاق المناطق الحدودية التركية-السورية، اضطروا إلى المكوث يومين في الجبال المجاورة في البرد وتحت المطر.
وقال على "بعد ذلك جاء شخص قال لنا انه يستطيع أن يأخذنا إلى تركيا على أن تدفع الأسرة حوالي 600 دولار للذهاب إلى تركيا مع المهربين".
ثم مكثوا في تركيا نحو 6 أيام منتظرين أن يهدأ البحر لعبوره بالقارب.
وأضاف "أعطينا (المهربين) 750 دولار عن كل شخص لاستقلال القارب(إلي اليونان)". وبعد وصولهم إلى جزيرة يونانية استقلوا قاربا وحافلة إلى ادوميني على الحدود اليونانية مع مقدونيا.
وتابع على "سافرنا إلى مقدونيا عندما كانت الحدود بطول طريق البلقان مفتوحة. بيد أن شقيقته أوشكت على أن تضع طفلها، واضطرت الأم الجديدة إلى البقاء في المستشفي لنحو 10 أيام، ما اضطرنا إلى الانتظار وعدم مواصلة رحلتنا".
ولسوء الحظ، توفي المولود الجديد بعد نحو 20 يوما.
وقال علي بانجليزية ركيكة "الطفل كان بخير. على هذا الحال يوم إثنين، ثم تعرض لمشكلة بسيطة. لم نعرف لماذا تطور الأمر إلى مشكلة كبيرة للرضيع ولم يفعل المستشفى له شيئا".
لكن الأمر الذي أحزن علي كثيرا هو تشديد القيود على الحدود وما ذكرته الشرطة لهم بأنهم لا يستطيعون التحرك، لذلك تقطعت بهم السبل في مركز انتقال للاجئين إلا إذا طلب اللجوء إلى جمهورية مقدونيا التي لا تنتمي إلى الاتحاد الأوروبي.
لمس علي خلال وجوده في مركز الانتقال دور المنظمات غير الحكومية في مساعدة اللاجئين بما يحتاجونه ورغب في مساعدة العمال الإنسانيين الذين يقدمون الطعام والملابس للاجئين.
تحدث إلى واحدة من هذه المنظمات التي تتخذ من مقدونيا مقرا لها وقال أنه يريد المساعدة ليس من أجل المال وإنما من أجل اللاجئين.
"لم يكن باستطاعتي أن أجلس فقط"، قال علي الذي كان طالبا في سوريا واعتاد على القيام بالكثير من الأعمال بعد إغلاق مدرسته بسبب الحرب.
وقال "بعدما تقطعت بنا السبل هنا. أتعلم الانجليزية واحدة واحدة من الناس، اسألهم ما هذا وما ذاك"، مضيفا انه أراد أن يعرف كل شئ، لكن في هذه اللحظة لا يمكن لأسرته إلا أن تنتظر حتى تخفف القيود على الحدود بين الدول.
وأغلقت الطريق المؤدية من تركيا واليونان عبر غرب البلقان إلى أوروبا الغربية منذ فبراير بسبب زيادة قياسية في عدد اللاجئين، بيد أن الكثير من اللاجئين ما زالوا عالقين في مخيمات على الحدود يطالبون بالسماح لهم بمواصلة رحلتهم.
وفي عام 2015، سُجلت 764 ألف حالة عبور حدود بشكل غير شرعي من قبل المهاجرين بزيادة 16 ضعفا عن 2014 سجل السوريون العدد الأكبر ثم العراقيون والأفغان.
وفي مركز انتقال للمهاجرين في منطقة غيفيغليا المقدونية على الحدود مع اليونان، قال لاجئ سوري طلب عدم ذكر اسمه لوكالة ))شينخوا)) إنه يفكر في العودة إلى سوريا "لأنني اعتدت الحياة في سوريا. سوريا أفضل".
وقال الرجل انه سافر من سوريا إلى اليونان عبر تركيا. وخلال رحلته من سوريا إلى تركيا، تكلف حوالي ألف دولار لأسرته، وأعطوا للمهربين نحو 1500 دولار عن كل شخص من تركيا إلى إدوميني.
وخلال الرحلة من تركيا إلى اليونان عبر البحر، ضربت موجة كبيرة القارب الصغير الذي كان يستقله 49 شخصا، قبل أن يأخذهم خفر السواحل إلى جزيرة ليسفوس اليونانية.
وقال "سُجلنا من قبل الشرطة اليونانية، وبعد ذلك، واصلنا السفر إلى منطقة ادوميني الحدودية"، مشيرا إلى أنهم نجحوا في العبور إلى مقدونيا بعد يومين.
وأضاف أن السبل تقطعت بهم في مقدونيا وليس أمامهم الآن سوى الانتظار لرؤية ما سيحدث.
وقال محمد عارف، ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سكوبيه، في مقابلة حديثه أجرتها معه وكالة ((شينخوا))، إنه يرى انه من الصعب جدا وقف تدفق اللاجئين أو طالبي اللجوء أو المهاجرين لسبب أن الأسباب الجذرية لم تحل حتى الآن.
وأضاف "يمكنك أن تغلق هذه الحدود، يمكنك أن تغلق تلك الحدود، لكن التدفق سيستمر. ربما لا يأتون من هذه الطريق. ربما يذهبوا إلى ألبانيا، ربما يأخذوا طريقا آخر لم نسمع عنه حتى الآن. لذلك ديناميكيات التدفق ربما تتغير، لكن التدفق في حد ذاته سيستمر".
واعتقد عارف أن طريق البلقان ربما لا تصبح نشطة جدا في المستقبل مقارنة بالأشهر الماضية، لكن لا يستطيع المرء أن يقول ماذا سيحدث غدا، ماذا سيحدث للاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا وكيف سيعمل كل ذلك. وبرأيه سيستمر التدفق.
وفي معسكر ادوميني على الحدود يوجد أكثر من 11 ألف مهاجر لا يزال يحدوهم الأمل في السماح لهم بمواصلة رحلتهم إلى أوروبا الغربية.
وعلى الجانب الأخر من الحدود، في مقدونيا، لم يزد عدد المهاجرين في معسكر الانتقال في الشهر الماضي. ويبقى نحو 130 مهاجرا في المعسكر لا يملكون خيار مواصلة رحلتهم. ويوجد ألف مهاجر إضافي في تابانوفسي على الحدود بين مقدونيا وصربيا.