بكين 15 إبريل 2016 / إن عملية إطلاق صاروخ باليستي متوسط المدى من قبل جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية اليوم (الجمعة)، رغم إخفاقها، تعد الأحدث في سلسلة من المناوشات ومحاولات استعراض القوى التي، إذ ما تركت دون رادع ، فلن تقود هذا البلد إلى شئ.
فالصاروخ "بي أم-25"، المعروف أيضا باسم "موسودان" ويصل مداه إلى 3 آلاف كلم، يستطيع الوصول إلى أراضي جزيرة غوام الأمريكية الواقعة في المحيط الهادئ، حسبما أفادت وكالة ((يونهاب)) للأنباء. ورغم أن بيونغيانغ لم تؤكد عملية الإطلاق ، إلا أنه يسود الاعتقاد بأن توقيت الإطلاق ،الذي اختير في يوم ميلاد الزعيم الأعلى الراحل لكوريا الديمقراطية كيم إيل سونغ، يبرهن على أن إقدامها على ذلك يأتي احتجاجا على التدريبات العسكرية الجارية حاليا بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وعلى الحزمة الأخيرة من العقوبات التي فرضت عليها بموجب قرار مجلس الأمن الدولي الذي صدر الشهر الماضي.
وخلال 100 يوم فحسب، أجرت كوريا الديمقراطية تجربة نووية وأطلقت قمرا صناعيا يسود الاعتقاد بأنه كان غطاء لتجربة إطلاق صاروخ باليستي.
وتفسير بيونغيانغ للقرار بأنه علامة على العداء يعد تفسيرا غير حكيم. واستعراضها للقوة النووية، المنبثق إلى حد كبير عن افتقار للثقة يدعوة للقلق بينها وبين الولايات المتحدة، يمثل انتهاكا صارخا لقرارا مجلس الأمن ويظلل تطلع العالم إلى تحقيق نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية عبر المحادثات.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد ثبت أن الاستعراض المتعنت للقوة سيعود على بيونغيانغ بنتائج عكسية.
أولا، إن هذه الاستفزازات تستغل من قبل النزعة التدخلية لدى الولايات المتحدة واليابان لزعزعة الوضع بشمال شرق آسيا من خلال تعزيز وجودهما العسكري. وإن مثل هذه المشاهد ستعرض أمن كوريا الديمقراطية بشدة للخطر وستحدث خللا بالميزان الإستراتيجي الإقليمي.
ثانيا، إن بيونغيانغ تقوض مصداقيتها عندما تتهم واشنطن وسول بإفساد مناخ الحوار، فيما تقدم في الوقت ذاته على الرد إتباعا لمبدأ العين بالعين والسن بالسن وهو ما من شأنه أن يخلق نفس التأثير، أي إذكاء الوضع المتأجج بالفعل في شبه الجزيرة الكورية نتيجة تجاربها النووية.
وأخيرا وليس آخرا، فإن استعراض العضلات بلا هوادة من قبل كوريا الديمقراطية سيوسع من نطاق الحلقة المفرغة المتمثلة في الاستفزازات والعقوبات. وإن الأسلحة النووية لن تجعل بيونغيانغ أكثر أمنا. بل على العكس، فإن مساعيها العسكرية باهظة التكاليف ستظل تخنق اقتصادها.
ويكمن الحل الوحيد القابل للحياة بالنسبة لجميع الأطراف المعنية في استئناف المحادثات السداسية التي اقترحتها الصين من أجل تحقيق نزع السلاح النووي وإحلال اتفاق سلام محل اتفاق الهدنة الكورية. وهذا سيتفق مع مصالح جميع الأطراف بما فيها الولايات المتحدة وكوريا الديمقراطية، ولن يؤدى بأي حال من الأحوال إلى حوارات غير متكافئة تخشاها بيونغيانغ.
وما تقوله بيونغيانغ عن أن الحوارات لا يمكن أن تتعايش مع العقوبات فهو أمر غير صحيح أيضا، لأن العقوبات ليست هدفا في حد ذاتها بل وسيلة لكبح انتهاك كوريا الديمقراطية المتكرر لقرارات الأمم المتحدة وإعادة الأطراف المعنية إلى طاولة المفاوضات.
لقد حان الوقت لأن تدرك جميع الأطراف المعنية مسؤولياتها الواجبة وتطلق العنان لضبط النفس والمرونة من أجل تحقيق نزع السلاح النووي بشبه الجزيرة الكورية في وقت مبكر.