وانغ جيه يعالج مريضا بالتدريك
لي ينغ
في قلب مدينة ينتشوان عاصمة منطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي، يقع مركز آيده للتدليك، الذي أسسه وانغ جيه رئيس جمعية المكفوفين التابعة لاتحاد نينغشيا للمعاقين. أمام هذا المركز العلاجي المشهور الذي يعمل فيه معالجون وأطباء مكفوفون، ينتظر مرضى كثيرون طلبا للعلاج.
وانغ جيه، مسلم من ناحية باييا بمحافظة شيجي في المنطقة الجبلية بجنوبي نينغشيا. فقد وانغ جيه بصره وهو صغير، ولكنه تغلب على إعاقته وكافح بجلد في سبيل دراسة الطب، وأسس مركز آيده للتدليك بمنطقة نينغشيا ومدرسة آيده المهنية للمعاقين في مدينة ينتشوان، وأتى بالمكفوفين من المناطق الجبلية إلى مدينة ينتشوان لتدريبهم كي يعملوا معه ويعتمدوا على أنفسهم بكرامة. يعالج المركز مرضى من نينغشيا ومن مناطق الصين الداخلية الأخرى وبعض المرضى من هونغ كونغ وماكاو وتايوان، ومن اليابان والولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وغيرها من بضع عشرة دولة. أضاء وانغ جيه درب الحياة للمعاقين والمرضى.
فقد البصر في الشباب
ولد وانغ جيه في قرية جبلية في محافظة شيجي، وكان ذكيا ونشيطا في الطفولة. ورغم كون أسرته فقيرة، كانت حياته بسيطة وسعيدة. ولكن، بينما كان يتمتع بمباهج الحياة متطلعا إلى مستقبل مشرق، أصيب بانفصال شبكية العين، فتحولت حياته إلى ظلام وهو لم يزل في الثالثة عشرة من عمره. لم يعد الفتى وانغ يقدر على الحركة ولو خطوة واحدة، فينام ليلا ونهارا وعندما يستقيظ ويفتح ناظريه لا يرى شيئا. هذا الواقع المرير لم يخمد همته، فاختار وانغ أن يتحدى هذا المصير. شرع يهتم بأموره الخاصة، وزاره معلموه وزملاؤه في المدرسة، وقرءوا عليه قصص هيلين كيلر وبافل كورتشاجين، وغيرهما من مشاهير المكفوفين لتشجيعه، فأقسم على التعلم من هيلين وبافل.
بفضل مساعدة الأقرباء والمعلمين، درس وانغ جيه كل المواد الدراسية للمرحلة الإعدادية مستخدما طريقة برايل في القراءة والكتابة والمسجل الصوتي، ثم التحق بمدرسة تسيتشيانغ الثانوية المهنية بمقاطعة شنشي وعمره ست عشرة سنة.
بعد أربع سنوات، تخرج وانغ جيه في المدرسة بنتيجة ممتازة، وأصبح أول طبيب مكفوف في مستشفى محافظة شيجي، وكان ذلك خبرا في المحافظة، فزاره كثير من المكفوفين طلبا لمساعدته لهم أن يعيشوا اعتمادا على أنفسهم. يدرك وانغ جيه ألم الأصدقاء المكفوفين، فقرر دراسة المزيد من المعلومات لمساعدتهم. تطوع بعض المعلمين لتدريس وانغ جيه كل المواد الدراسية للمرحلة الثانوية بدون مقابل. في عام 1995، سافر وانغ جيه بصحبة أبيه إلى مدينة تشانغتشون للمشاركة في اختبار القبول للجامعات. اجتاز الاختبار ليصبح أول طالب جامعي مكفوف في منطقة نينغشيا. في ذلك الوقت، عقد وانغ جيه العزم على مساعدة الأصدقاء المكفوفين للخروج من الظلام و"إعادة النور لهم".
خلال فترة التدريب في مدينة شنتشن قبل تخرجه في الجامعة، أُعجب مدير من هونغ كونغ بأسلوب وانغ جيه في التدليك وكرم أخلاقه، فدعاه إلى منطقة هونغ كونغ للتعاون معه في فتح عيادة للتدليك ووعده بمكافأة مجزية. قال وانغ جيه: "في ذلك الوقت، كنت مترددا، لأن أسرتي فقيرة منذ صغري وتحتاج إلى المال." بيد أن مشهد الأصدقاء المكفوفين في بلدته والوعد الذي قطعه لهم جعله يرفض هذه الدعوة المغرية، اعترافا بالجميل ووفاء بالوعد. وعاد إلى بلدته.
عمل وانغ جيه طبيبا في مستشفى محافظة شيجي، وبدأ رحلة مساعدة المزيد من المكفوفين على تحقيق حلمهم بالتوظيف. لم يكن لديه من المال ما يكفي لتعليم المكفوفين فنون التدليك، فنظم المعاقين لتقديم عروض خيرية لجمع الأموال، واستأجر مكانا وبدأ دورة تدريبية لتعليم المكفوفين التدليك. لاحظ الشاب المسلم أن عدد المكفوفين في الدورة التدريبية قليلا، فذهب بنفسه إلى بيوت المكفوفين في القرى لتشجيعهم على تعلم فنون التدليك. وبفضل مساعدة اتحاد المعاقين لمحافظة شيجي، جاء أكثر من ثلاثين مكفوفا إلى عاصمة المحافظة وتعلموا على يديه، وهم الذين لم يبرحوا بيوتهم من قبل.