بدأت بعض وسائل الاعلام الدولية الايلاء المزيد من الاهتمام بقضية بحر الصين الجنوبي والقضية النووية فى شبه الجزيرة الكورية كقضيتين اساسيتين تؤثران في العلاقات الصينية ـ الامريكية. في الواقع، أن كلا من قضية بحر الصين الجنوبي والقضية النووية فى شبه الجزيرة الكورية ليستا مشكلتين بين الصين وامريكا. ولكن بالنظر الى الوضع الحالي، فإن بعض أقوال وافعال واشنطن بشأن القضيتين لها تاثير سلبي على التنمية الصحية للعلاقات الصينية ـ الامريكية.
إن ارسال امريكا وهي دولة خارج المنطقة طائرات وسفن حربية الى المياه البحرية الإقليمية للصين مؤخرا في ظل قضية بحر الصين الجنوبي ما هو الا اظهار للقوة، ومحاولة لجذب بعض البلدان للمشاركة في ما يسمى جولة للدوريات المشتركة، وهو تهديد خطير لسيادة وأمن الدول في المنطقة، من ناحية اخرى، الحديث في مختلف المناسبات ضد الصين عن ما يسمى نزع السلاح في بحر الصين الجنوبي. ومثل هذه الاقوال والافعال المتناقضة تجعل الناس قلقون بشأن نية واشنطن الحقيقية وراء إستراتيجية ، و مطالبة الصين امريكا بوقف الاستفزاز وخلق التوتر المتعمد له مبررات . كما تتخذ امريكا القضية النووية فى شبه الجزيرة الكورية ذريعة من اجل نشر أنظمة صواريخ الدفاع الجوي الأمريكية المتطورة “ثاد” على أراضي كوريا الجنوبية. وبطبيعة الحال، فإن الصين ترفض تماما هذا التحرك لما سينتج عنه من اضرار المباشرة على المصالح الأمنية الاستراتيجية الصينية.
يجب على المراقبين ان يكونوا على دراية بان الصراع بين الصين وامريكا في هذه العملية لن يذهب بعيدا. ولمواجهة المشاكل الجديدة والقديمة في العلاقات بين البلدين، ينبغي العمل بعقلانية في البحث على المشكلة ومواجهتها وحلها، بدلا من وضعها تحت المجهر. على سبيل المثال، في مواجهة معضلة القضية النووية فى شبه الجزيرة الكورية، يحافظ الجانب الصيني على مشاورات الوثيقة مع امريكا واطراف اخرى للوصول للحل على مستوى مجلس الامن الدولي، واقترحت الية نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية والتوصل إلى هدنة ليعم السلام في شبه الجزيرة الكورية، وقد نال هذا الاقتراح ترحيبا واسعا ، بما في ذلك مناقشة افضل توصيات قدمتها امريكا. ومقارنة بين هذه الافكار والممارسات وبعض المراوغات والسلوكات غير المسؤولة، هو ضرب واضح لجوهر القضية ،ولكنه أكثر ملاءمة للسيطرة على الخلافات بين الجانبين أيضا.
الفهم الموضوعي للاتجاه العام لتطور العلاقات الصينية ـ الامريكية يساعد الجانبين على تجاوز اي قضية كانت. ففي إطار الجهود المشتركة لكلا الجانبين، حققت العلاقات بين الصين وامريكا تقدما هاما بحلول عام 2015. وبشكل عام، كان التنسيق والتعاون بين البلدين مثمرا سواء على مستوى العلاقات الاقتصادية والتجارية ، العسكرية ، الثقافية ، وامن الشبكات وغيرها من المجالات الاخرى. وخلال العام الجديد، فإن مؤتمر قمة الأمن النووي الذي يُعقد في واشنطن خلال الفترة بين نهاية مارس وبداية ابريل، وقمة مجموعة العشرين في مدينة هانغتشوفي شهر سبتمبر، فرصتان هامتان للتفاعل بين الصين وامريكا. وبالإضافة إلى ذلك، اتفق الجانبان على ضرورة تعزيز الحوار والاتصالات الجوهرية على جميع المستويات لتعزيز الاستثمار ، ومكافحة الفساد، والتعاون في مجال تنفيذ القانون، كما سيكون " عام 2016 السياحة الصينية الأمريكية" مجال هام لتوسيع التعاون بين الصين وامريكا. وفي ظل الوضع الحالي، فإن البلدين بحاجة الى العمل معا ، ويمكن التعاون في الكثير من الامور. وأن منع اختطاف مشكلة جزئية للعلاقات الثنائية اختيار عقلاني يتماشى مع المصالح المشتركة لكلا البلدين.
ذكر الدكتور تيم سمرز الزميل الاستشاري البارز في مركز "كاثام هاوس" البحثي البريطاني في مقال نشره في صحيفة "فاينانشال تايمز"، "أن بكين وواشنطن ينبغي ان يكونا نموذجا في صنع السياسة المرنة والشاملة، وليس القلق حول نوايا استراتيجية بعضهما البعض، لان هذا لا يؤثر على الصين وامريكا فقط، وانما ايضا على هؤلاء الذين يجدون انفسهم متاثرون بتوتر الاستراتيجية الصينية الامريكية، لكن الافتقار في بعض الاحيان للقدرة على التاثير على المنطقة مفيد ايضا." وتلتزم الصين دائما برؤية طويلة الاجل وافاق استراتيجية لفهم وتعزيز العلاقات الصينية الامريكية، وتصر على السيطرة على الخلافات بين البلدين بطريقة بناءة، لمنع تطوير وتوسيع المشاكل الصغير. وإذا استطاعت واشنطن ان تكون مثل الصين في موقفها في بناء العلاقات بين البلدين، ومقاومة واعية للتدخل غير المرغوب فيه، فإن العلاقات بين الصين وامريكا ستجلب المزيد من الفوائد لكلا البلدين وللعالم ايضا.